أنطوان القزي
مَن كان يسمع قناة المنار مساء الإثنين الماضي تتحدث عن الدكتور جمال ريفي بعد أصدار الحكم عليه بتهمة التطبيع مع إسرائيل ظنّ أنها تتحدّث عن الجاسوس إيلي كوهين الذي زرعه الموساد في سوريا بين سنتي ( 1961 و1965) واخترق كل الدوائر السياسية والعسكرية فيها.
ومن شاهد وزير الصحة اللبناني في ذات اليوم وهو يجول على المستودعات ويكتشف آلاف الأطنان من الأدوية المحبّأة، أصيب بالصدمة لردة فعل الوزير الذي بدا وكأنه يتعامل مع “عقصة برغشة”؟!.
في المشهد الأول : النص الذي تلته محطة المنار يدين الدولة اللبنانية ولا يدين
د . جمال ريفي لأن الأخير تعامل مع مشروع “روزانا” وأهدافه وما يقدمه لأطفال فلسطين بصرف النظر عن مؤسسه.
و ما يوفره مستشفى “حداسا” في القدس لأطفال فلسطين لا توفّره أية دولة أو مؤسسة عربية “شقيقة”. وإذا أراد الفضاء اللبناني القفز فوق هذا الواقع للإنتقام من اللواء أشرف ريفي عبر تصويرشقيقه عميلاً ، فهذه مزحة ثقيلة لا يهضمها إلا “العملاء الحقيقيون”!.
هم يدركون أن جمال ريفي لبناني طرابلسي قحّ، وهو عروبي صميم منذ أن ولدته أمه، وهو عاشق فلسطين بناسها وحقوقها وأطفالها ومقدساتها ولا يحتاج الى شهادة شاهد، وهو وجهٌ أنساني مشرق، توجّه الى فلسطين متفقداً مصابيها ومضمّداً جراحهم ولم يكن يحمل “شنطة السامسونايت” كسواه من مدّعي الحرص على قضية فلسطين. ثم أنه أرسل أجهزة التنفّس لأطفال رام الله والخليل وغزة ونابلس وسواها، و إذ به يغيظ الذين يرفعون شعار تحرير القدس الذين كانوا له بمرصاد العدلة -عفواً العمالة؟!
والمفارقة أن السلطة الفلسطينية في رام الله ثمّنت ما يقوم به ريفي.. والممانعون في بيروت “ملكيون أكثر من الملك”؟!.
يحقّ لجمال ريفي اليوم أن يعلّق الحُكم “نيشاناً” على صدره ..فالذين استقبلوا طائرة أمير قطر في الضاحية غداة حرب تموز الآتي على متن طائرة انطلقت من تل أبيب يحق لهم ، والوزراء والرؤساء الذين يزورون البحرين والإمارات وقطر، يحقّ لهم، لأنهم لا يدركون ان كل فنادق اللدّ وتل أبيب وشاليهات نهاريا كانت محجوزة لسيّاح من هذه الدول “الشقيقة” .
في المشهد الثاني ، كان وزير الصحة اللبناني حمد حسن ينصح الذين أخفوا آلاف الأطنان من الأدوية، بأن يعطوها للصيدليات وقال: “أنصحكم بصرف الدواء للصيدليات فنظام التتبع الإلكتروني يعمل جيداً وبدقة متناهية؛ ستكونون مجبرين لإبراز فواتير الصرف وفق الأصول وستعرضون أنفسكم لما لقيه المرتكبون ليل الاثنين”،؟!
إنتبهوا على “ستعرّضون أنفسكم” يعني لا عقاب حتى الآن، علماً أن الوزير قال لهم:” هذه الأدوية منها ما هو للأمراض المزمنة، فكم مواطناً مات وأنتم تخبّئون الدواء وكم طفلاُ نام جائعاً وأنتم تخفون الحليب؟.
حتى أنّ الممثلة ندى أبو فرحات سخرت من الطريقة التي يتمّ التعامل فيها مع مخزّني الأدوية ، معتبرةً أنه من غير المنطقي التعامل معهم بطريقة لائقة بينما تقوم الجهات الأمنية بقمع المتظاهرين بشتّى الوسائل. وغرّدت: “ليكو كيف بيتعاملوا مع المجرمين الحقيقيين، يعني سؤال جواب، أخد وعطا برواق وهيك… أما الثورجية الأبطال الشرفاء بدعوسوهن”.
وتابعت متوجهةً لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن: “هيك تمثيليات ما بقى يمرقوا علينا يا بطل، إذا هَو النفايات ما نزتّوا بالحبس قدام عيوننا روح سلم عالبابا”!.
غريب، الذين خبأوا الأدوية وتسببوا بموت عدد من المواطنين يسديهم الوزير نصيحة.
وفي سدني، الطبيب الذي حمل الدواء من بلد الى بلد، الى شعب معذّب حكمت عليه الدولة اللبنانية بالسجن؟!.
هل تتذكّرون قراقوش؟ أحكامه كانت أعدل.
وهل يتأسّف جمال ريفي بسبب حرمانه من العودة الى هكذا وطن؟!.