أنطوان القزي
منذ أسابيع شاهدتُ مواطناً من ضاحية بيروت الجنوبية يظهر على الشاشات ويقول بمرارة وغضب:» ما في كهربا يا سيد، ما في دوا يا سيّد، ما في خبز يا سيّد، بردانين وجوعانين.. بس منحبّك يا سيّد».
ختم الرجل شكواه بالحب للسيّد حتى لا يصيبه ما أصاب مواطناَ آخر في الضاحية منذ نحو سنتين كان صبّ غضبه بسبب الحال المتردية سائلاً السيّد « لماذا تمنعنا من النزول الى الشارع»؟ ولأن المسكين لم يختم غضبه بالإعلان عن حبّة للسيّد ، رآه اللبنانيون في اليوم التالي يظهرعلى ذات الشاشات معتذراً ونادماً وطالباً الغفران من السّيد وتقبيل يده لأنه كان في لحظة انفعال.
هذا الرجل ، ممنوع أن يشعر أبناؤه بالبرد، ممنوع أن يشكوا جوعهم ومرضهم، وممنوع أن يحلموا وهم يرون المرشحين الذين يمثلون تطلعاتهم يُجبرون على الإنسحاب تحت زخّات الرصاص في بعلبك- الهرمل وتحت ضربات الهراوات في الزهراني وبواسطة إحراق سياراتهم في النبطية ومرجعيون.
تقول يا سيّد أن انتخابات الأحد المقبل هي حرب 6 تمّوز ثانية وأنت تعلن التعبئة العامة كي تشدّ عصب محازبيك كي ينسوا ما هم فيه من سوء حال.
لم تكن مضطراً يا سيّد للتركيز على سلاح المقاومة والدفاع عنه لو لم تدرك جيداً وجود هوّة بين الحزب وحاضنته الشعبية.
فالإقبال الشيعي على صناديق الاقتراع في الاغتراب كان دون المستوى، في ابيدجان مثلاً لم يتجاوز الأربعين بالمئة وفي ألمانيا نصف الشيعة العشرة آلاف لم يقترعوا، وها أنت يا سيّد تشدّ عصب المقيمين بحديثك عن الخطر الذي يستهدف الشيعة من خلال مطالبة خصوم الحزب بنزع سلاحه ، بدل أن تعدهم بإصلاح يتوقون إليه.
عشية كلّ انتخابات في العالم: يطلّ الزعماء والقادة ببرامج انتحابية يطرحونها أمام الناس وفي كلمتك هذا الأسبوع ، شعرنا وكأننا غلى أبواب حرب وليس على أبواب انتخابات نيابية.
تعب اللبنانيون يا سيّد، لقد «عبّأوا» من كثرة الحديث عن التعبئة.. وكأن أنطوان حبشي وفارس سعيد يحتاجان الى كل هذه «المسيّرات»؟!.