أنطوان القزي

ظنّ بعض اللبنانيين أن وصول الوجوه التغييرية الى البرلمان سيكون له مفعول سحري، وظنّ آخرون أن التغييريين سيرفعون ورقة العقوبات في أول جلسة نيابية في وجه أهل المنظومة.
لكن ما حصل أظهر العكس : ارتبك أهل التغيير في اول امتحان مع انتخاب رئيس البرلمان ونائبه.. أما في اللجان النيابية فحصلوا على بعض الفتات من باب «شوفة الخاطر».
هذا لا يعني ان التغييريين لا ينوون الإصلاح، أولا يسعون الى إحداث أي ثقب في جدار الفساد. بل هم كالطفل المسجون داخل حلقة وحوله الكبار يضحكون ويصفقون له وهم يدركون أنه لا يستطيع الخروج من تلك الحلقة التي يحكمون القبض عليها.
ثمّ أنّ زلّات اللسان منتظرة من أناس لا خبرة لهم في السياسة، كأن تبدي مثلاً النائبة التغييرية نجاة عون صليبا
( الصورة)على تلفزيون «أو تي في» إعجابها بالرئيس نبيه بري وأدائه، …. وأمام سيل التعليقات والإنتقادات غرّدت عبر حسابها على «تويتر»: ‏»توضيحاً للكلام الذي صدر عنّي خلال مقابلة الـ»أو تي في» وردود الفعل التي أثارتها، يهمني أن اوضح ان رأيي بالرئيس نبيه بري ينحصر بخبرته البرلمانية وليس تبرئته وتبرئة الطبقة السياسية من المسؤولية عما وصلت اليه البلاد اقتصادياً واجتماعياً وامنياً”.
هذه الهفوات منتظرة ولا يجب أن تكون مقياساً للأحكام.
ولكن الخشية الكبرى من كل ما تقدّم أن يتحوّل النواب التغييريون الى حبّة مورفين، تلهي الناس عن المحاسبة في ظلّ استمرار السرقة والهدر، بحجة أن لديهم كتلة نيابية في المجلس تحاسب المرتكبين، في وقت يضحك الفاسدون في عبّهم لأن التغييريين وفروا لهم غطاء الاستمرار بارتكاباتهم.
ثانياً لأن نواب التغيير حجبوا حماس النزول الى الشارع وهذا أيضاً فخ لا يجب أن يقعوا فيه.
بالمختصر، أهل المنظومة والهدر والفشل مسرورون جداً بالكتلة التغييرية في البرلمان عكس ما يظنّ البعض.
من هنا، على المواطنين أن يشدّوا العزم ولا ينسوا سلاح الشارع ويؤازروا النواب التغييريين من الخارج، وإلّا سيفقدون «الرمق الأخير»، لأن من أوصل التغييريين يجب أن يأخذ بيدهم الى آخر الطريق.
نسوق هذا الكلام لأننا مع التغييريين وليس ضدهم ، ولأن «قلوبنا عليهم» وهم كالأسمكاك الصغيرة التي تسبح في محيط المجلس النيابي المليء بأسماك القرش والحيتان.