بقلم بيار سمعان

دعا زعيم المعارضة بيل شورتن الى خفض السن القانونية والسماح لفئة الشباب من عمر 16 سنة وما فوق الى ممارسة حقهم الانتخابي.
جاءت هذه الدعوة خلال مؤتمر لشبيبة حزب العمال في ولاية نيو ساوث ويلز. وبرر شورتن دعوته هذه قائلاً: ان كان الشباب الاسترالي في سن 16 و17 سنة يحق لهم قيادة السيارات والعمل ودفع الضريبة والانخراط في القوات المسلحة، وان كان بمقدرهم اتخاذ قرارت طبية حول طرق علاجهم ، فلماذا لا يحق لهم ان يدلوا بأصواتهم في الانتخابات؟
دعوة بيل شورتن قد تبدو منطقية في ظل الاجواء القانونية المعمول بها في البلاد واعتباراً لزيادة الوعي لدى الشباب في ايامنا هذه. اذ ان موجة الانفتاح وتوفر المعلومات وسهولة الوصول اليها عبر الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي جعلت الانسان المعاصر، بمن فيهم فئات الشباب على حيز عال من الاطلاع ومعرفة ما يجري حولنا في العالم، رغم علامات الاستفهام حول ما يطلع عليه الشباب عبر الانترنيت ومدى الامكانيات الشخصية والذهنية لديهم لتجعلهم قادرين بموضوعية على اتخاذ القرارات الملائمة، دون اللجوء بنسبة مرتفعة الى التجربة والخطأ، عملاً بالقول المأثور : «لا تعلم ابنك.. الدهر بيعلمو..»
فهل فعلاً يسعى بيل شورتن منح فرصة لفئات الشباب لكي يسمعوا صوتهم ويفرضوا تعديلات تتلاءم مع تطلعاتهم ورؤيتهم المستقبلية، وتعكس حاجاتهم الاجتماعية؟ ام ان لشورتن اهداف  اخرى يسعى الى تحقيقها من خلال هذا الطرح؟
اصبح معروفاً ان حزب العمال بقيادة بيل شورتن هو غير قادر على احداث تقدم على الإئتلاف. وانخفضت شعبيته كزعيم مفضل الى 17 بالمئة بالمقارنة مع مالكولم تيرنبل الذي ايده 56 بالمئة من الناخبين.
كذلك؛ عجز حزب العمال المتحالف مع حزب الخضر عن اثبات قدرته بالفوز  في الانتخابات المقبلة، حسب استطلاعات الرأي وخسارة بيل شورتن تعني حتماً نهايته السياسة. لذا يعتقد محللون سياسيون ان شورتن يسعى من خلال طرحه استمالة فئة الشباب، لعله يتمكن من جراء ذلك تحسين شعبيته، بيل شورتن ينطلق من النظرية ان فئات الشباب هم بحكم النمو الشخصي وميول الرفض لديهم ومشاعر الاستقلال عن ذويهم كمراهقين سوف يدعمون العمال كونهم في وضعية المعارضة. فالحزب الحاكم يمثل لديهم الطبقة التقلديدية التي تذكرهم بأهاليهم ، وهم لا شعورياً ميالون لتأييد المعارضة.
غير ان وزير الخزانة ماتيوس كورمان يصف هذا الاقتراح انه مجرد محاولة لخلق شعارات وتحريك الاعلام لصالحه، ان استفتاء جرى على عينة شملت الفي ناخب اظهرت ان 75 بالمئة منهم لا يؤيدون هذا المطلب وصوتوا ضده.
ومن جهة اخرى ايد البعض عبر شبكات التواصل الاجتماعي دعوة بيل شورتن والادلة التي ادرجها. فان كان الشخص البالغ 16 سنة يمارس الجنس بحرية وينخرط في قوات الجيش والشرطة فلماذا لا يحق له الانتخاب؟
لكن البعض اعتبر هذه الدعوة انها صادرة عن سياسي فاشل يريد تعويم ذاته ودعم حزبه، وهو لا يهدف الى تدعيم العملية الديمقراطية وقال آخر ان بيل شورتن يسعى استمالة فئات الشباب ليدعم شعبيته.
وتساءل آخر هل يقبل شورتن بمبدأ حرية التصويت ونزع الزاميته وجعله خياراً وليس فرضا على المواطنين؟ أليست  هذه هي الديمقراطية؟؟
ويؤكد كثر ان نسبة الوعي السياسي قد ازدادت في السنوات الاخيرة ، لكن غالباً ما نرى شاباً مراهقاً يحتفظ بتوجهات العائلة ويناصر من يناصرونه من الاحزاب والتيارات . فالمراهق الذي ينمو في بيئة عمالية سوف ينتخب لصالح العمال في معظم الاحيان، والعكس صحيح.
لكن بيل شورتن يتناسى انه عوض خلق مناخ صالح للشباب الاسترالي لكي يركزوا  على التحصيل العلمي خلال هذه المرحلة، يريد ان يعوض عن خسارته الشعبية على حساب المصلحة الوطنية. ومهما تكن اهتمامات وميول هؤلاء الشباب ، فان اقرار اقتراح بيل شورتن سوف يزيد دون شك من شعبية حزب الجنس Sex Party كون الجنس هو الهاجس المحرك لفئة المراهقين خاصة في موجة الفلتان وانتشار المخدرات  بين الشبيبة الاسترالية.
ويعترض بعض الاستراليين ان العديد من الامور التي تطرح في البرلمان ويمضي مجلس النواب ايام واسابيع يناقشونها لا تتلاءم مع تطلعات وهموم الشعب. ويتساءل هؤلاء: هل الخلل في التمثيل الاجتماعي ام ان الخلل هو قائم في مجلسي النواب والشيوخ؟ وهل بالتالي يختار الشعب فعلاً النواب الذين يريدون؟
كم مرة عاينا تدخل المكتب الرئيس لحزب العمال او الاحرار لفرض مرشح معين في منطقة ما دون التقييد برغبة القاعدة الشعبية في مجالس الفروع؟؟
ان الاحزاب الكبرى غالباً ما تفرض مرشحيها على المواطنين ويرغم المناصرون تأييدهم رغم عدم  قناعاتهم؟
وكم مرة الغيت اوراق انتخابية بسبب الطريقة التي تم من خلالها التصويت؟؟
وكم مرة يعطل دور حزب حاكم وتشل حركة الحكومة لأنها لا تمتلك الاكثرية المطلقة لتمرير التعديلات القانونية، ويتحوّل مستقبل الامة بيد شخص او اثنين وتلغى بالتالي آلاف الاصوات من الناخبين ويُعطل دور الأكثرية..؟؟ هل هذه فعلاً هي الديمقراطية.
لقد امضى حزب العمال ما يزيد على سنتين وهو يصفق لانجازات حكومة الإئتلاف، سابقاً مع آبوت، واليوم مع تيرنبل، صفق وايد قوانين مكافحة الارهاب بكل  تشعباتها، ووافق مؤخراً على سياسة الإئتلاف التي اتخذت قراراً بمنع دخول طالبي اللجوء عبر القوارب واعادتهم من حيث اتوا.
عارض العمال اتفاقية التجارة الحرة مع الصين ثم عاد ليدعمها. اعترض على الاصلاح السياسي ثم ايده ولو معدلاً.
رغم القرارات الصعبة والنافرة، لا يزال الإئتلاف هو الأكثر شعبية بين الاحزاب، ولم يتمكن حزب العمال من تخطي لعنة الماضي والتخطيط بوضوح للمستقبل.؟؟
ربما نعيش الآن حقبة تاريخية يطلب منا خلالها ان نكون من المحافظين وليس من الثوار والرافضين.. ان فئات الشباب، في حال سمح لهم التصويت لن يتمكنوا من احداث فرق في التركيبة السياسية القائمة.
ربما يجب على شورتن ان يطالب بحق اطفال الحضانة بالتصويت.