يشهد قطاع الإسكان الأسترالي أزمة غير مسبوقة، حيث تتصاعد المخاوف بين الأسر الشابة والمستأجرين بسبب استمرار ارتفاع أسعار المنازل، رغم المؤشرات التي تُظهر تباطؤًا في حجم المبيعات. وبحسب تقرير جديد أصدرته CoreLogic، فإن أسعار المنازل في سيدني وملبورن ارتفعت بنسبة تتراوح بين 4.2% و5.1% خلال الأشهر الستة الماضية، بينما بقي العرض أقل بكثير من الطلب.

ويرجع الخبراء هذا الارتفاع إلى عوامل متعددة، من بينها نقص المعروض بسبب تأخر مشاريع البناء، وارتفاع تكاليف الإنشاء، وتراجع عدد المقاولين العاملين في القطاع نتيجة الإفلاس المتكرر لشركات البناء خلال العامين الماضيين. كما أدى نمو الطلب السكاني — خصوصًا من الهجرة — إلى زيادة الضغط على السوق.

وأعرب اقتصاديون عن قلقهم من أن هذه الديناميكية قد تؤدي إلى تآكل الطبقة المتوسطة، مع تزايد عدد الأسر التي تجد نفسها غير قادرة على شراء منزل حتى مع دخل جيد. وأشار التقرير إلى أن نسبة الأسر التي تمتلك منزلًا تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ بداية التسعينيات، بينما ارتفعت معدلات الإيجار بنسبة تقارب 12% خلال عام واحد فقط.

من جهة أخرى، تواجه الحكومات الفيدرالية والولائية ضغوطًا متزايدة لتسريع خطط الإسكان الميسّر، إذ تعهدت الحكومة ببناء 1.2 مليون منزل جديد خلال 5 سنوات، لكن خبراء يشككون في إمكانية تنفيذ الخطة في ظل نقص العمالة وارتفاع التكاليف.

وتتعلق المخاوف أيضًا بارتفاع أسعار الفائدة، ما يجعل القروض السكنية أكثر صعوبة للمشترين الجدد. وبينما يطالب بعض المراقبين بخفض الفائدة لدعم القطاع، يرى آخرون أن ذلك قد يؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تفاقم الأزمة بدل حلها.

وبين هذا وذاك، يبقى المستأجرون الأكثر تضررًا، إذ يواجه كثير منهم زيادات كبيرة في الإيجار دون زيادة تقابلها في الدخل. وتشير أرقام جديدة إلى أن آلاف الأسر في سيدني وبريسبان تواجه مخاطر التشرد أو الانتقال لمناطق بعيدة بسبب عدم القدرة على دفع الإيجار.