قد تُبنى المنازل الأسترالية قريبًا على يد روبوت “عنكبوتي” سريع الحركة يُدعى “شارلوت” (Charlotte). ويأمل مطوّرو هذا الروبوت شبه المستقل في أن يبدأ بتشييد المنازل على الأرض في غضون سنوات، ليساهم لاحقًا في استكشافات قمرية أبعد.
يجمع الروبوت “شارلوت” بين الروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يمكّنه من تحويل المواد الخام مباشرة إلى هياكل بناء وجدران. وعلى الرغم من أنه لا يزال في مرحلة البحث والتطوير، فقد عُرض نموذج مصغّر منه هذا الأسبوع في المؤتمر الدولي الـ 76 للملاحة الفضائية (IAC) في سيدني.
يهدف “شارلوت”، وهو نتاج تعاون بين شركتي Crest Robotics وEarthbuilt Technology، إلى التخلّص من الخطوات كثيفة الانبعاثات الكربونية المرتبطة عادةً بالبناء التقليدي.
بناء أسرع وأكثر استدامة
أوضح كلايد ويبستر، المدير المؤسس لشركة Crest Robotics، أن الروبوت صُمم ليكون “أصغر شيء ممكن” للقيام بطباعة منزل ثلاثي الأبعاد عن طريق التحرك والتنقل فوق الجدران في موقع البناء. ووصف الدكتور ويبستر “شارلوت” بأنه “إبداع مذهل، شبيه بالعنكبوت ومستوحى بيولوجيًا، ويهدف إلى المساعدة في حل بعض من أصعب أزمات الإسكان”. وأضاف: “إنه في الأساس طابعة ثلاثية الأبعاد عملاقة ستتمكن من طباعة المنازل باستخدام مواد بناء مستدامة”.
من جانبه، أكد يان جوليمبيوسكي، المؤسس المشارك لشركة Earthbuilt Technology، أن الفكرة بسيطة على الرغم من التكنولوجيا المتقدمة. وأشار إلى أن مواد البناء المستخدمة حاليًا، حتى الطوبة البسيطة، تتطلب عمليات عديدة، بعضها كثيف الكربون.
وتابع الدكتور جوليمبيوسكي: “تأخذ Earthbuilt كل هذه العمليات وتضعها في آلة واحدة وعملية واحدة. تدخل المواد الخام وتخرج الجدران، وهذا يقلل جميع التكاليف وكل الانبعاثات الكربونية. سيعمل بسرعة تزيد عن 100 بنّاء“.
سد فجوة الإنتاجية ونقص العمالة
يرى الدكتور ويبستر أن استخدام الروبوتات أمر حيوي لمعالجة التحديات الكبرى في قطاع البناء. وقال إن “الروبوتات هي المفتاح لحل أزمة الإسكان في أستراليا، وبشكل عام أزمة إنتاجية العمالة”. وأضاف: “لقد وصلنا إلى نقطة في البناء حيث ركدت الإنتاجية، وهذا مستمر منذ العقود القليلة الماضية، ولا يمكننا الاستمرار في إضافة المزيد والمزيد من العمال لحل المشكلة”.
في السياق ذاته، أكدت ندا محمدي، الباحثة في إدارة المشاريع والبنية التحتية بجامعة سيدني، أن الروبوتات ستكون ضرورية للتعامل مع نقص العمالة وتقليل التأخير. وأوضحت أن الروبوتات يمكنها أن تكون بمثابة “مضاعف للقوة”، حيث تمكّن الفرق الصغيرة من إنجاز عمل أكبر بكثير عن طريق تحريرهم من المهام المتكررة وعالية المخاطر.
طموحات القمر تتجاوز الأرض
بالإضافة إلى أهدافه الطموحة على كوكب الأرض، تتجاوز خطط “شارلوت” الغلاف الجوي، حيث يهدف المطورون إلى استخدامه لدعم الاستكشاف القمري المستقبلي. يأمل الدكتور ويبستر في أن يبني الروبوت في نهاية المطاف ملاجئ على التضاريس خارج كوكب الأرض.
وأشار إلى أن وكالة “ناسا” تخطط لإطلاق أول مهمة مأهولة إلى القمر (أرتميس 3) في عام 2027، وذكر: “في السنوات القادمة، بعد عودة أولى المهام المأهولة، نحن منفتحون على بدء تجربة التقنيات التي يمكنها القيام بأعمال البنية التحتية هذه [على القمر]”. وختم بالقول: “من خلال دعم هذه التكنولوجيا وتطبيقها في بيئة قصوى مثل الفضاء، فإننا نجعل حل المشكلات هنا على الأرض أسهل بكثير”.
تلقى “شارلوت” دعمًا ماليًا من حكومة ولاية نيو ساوث ويلز من خلال برنامج “Space+”، ويأمل صانعوه في الحصول على المزيد من التمويل من شركاء أبحاث الفضاء في مؤتمر IAC، الذي يُعد الحدث الفضائي الأبرز عالميًا.

