شهدت المكتبة الوطنية الأسترالية جلسة حوارية خاصة بمناسبة إطلاق كتاب “أقصر تاريخ لأستراليا” للمؤرخ البارز مارك ماكينا.

مارك ماكينا، الذي يعد أحد أبرز المؤرخين الأستراليين ويعمل حاليًا في جامعتي سيدني والجامعة الوطنية الأسترالية، جلس للتحاور مع زميله فرانك بونجيورنو لمناقشة رحلة تأليف الكتاب والعملية التي أدت إلى تجميع مادته وطرحه في صورته النهائية. ويُعرف ماكينا بمؤلفاته العديدة الحائزة على جوائز، ومنها: “من الحافة: تاريخ أستراليا المفقود”، و”البحث عن نقطة بلاكفيلاز”، و”العودة إلى أولورو”، و”عين على الخلود: حياة مانينغ كلارك”، الذي فاز بعدة جوائز أدبية مرموقة.

أما المحاور، فرانك بونجيورنو، فهو أستاذ التاريخ في الجامعة الوطنية الأسترالية ورئيس مجلس العلوم الإنسانية والفنون والعلوم الاجتماعية. وبونجيورنو مؤلف لثلاثة كتب تاريخية شهيرة، هي: “الحالمون والمدبرون”، و”الثمانينيات”، و”الحياة الجنسية للأستراليين”.

كتاب “أقصر تاريخ لأستراليا” (The Shortest History of Australia) لمارك ماكينا هو محاولة قوية لتقديم سرد وطني جديد ومكثف للتاريخ الأسترالي، مركزًا على مواضيع رئيسية تكشف عن التعقيدات التي تشكل الهوية الأسترالية الحديثة.

إليك أبرز النقاط والمحاور الرئيسية للكتاب:

1. الاندماج مع تاريخ السكان الأصليين (First Nations History)

يضع ماكينا تاريخ الأمم الأولى (السكان الأصليين) في صميم السرد، بدلاً من التعامل معه كإضافة لاحقة. يوضح الكتاب كيف أن أستراليا الحديثة “تتخللها” وتتشبع بتاريخ وحضور وثقافة السكان الأصليين، مسلطاً الضوء على الوجود المستمر وتأثير هذا التاريخ العميق على الحاضر.

2. التناقضات الوطنية والأوهام التاريخية

يسلط الكتاب الضوء على التناقضات في الهوية الأسترالية، ومنها:

  • عقلية الجزيرة مقابل التعددية الثقافية: هي أمة ذات عقلية “جزيرة معزولة”، ولكنها في الوقت نفسه مجتمع متعدد الثقافات بشكل كبير.
  • هوس الحرب الخارجية وإغفال “حرب التأسيس”: يشير إلى أن أستراليا مهووسة بتاريخها العسكري والمشاركات في الحروب خارج حدودها، لكنها “عمياء” عن الحرب التأسيسية التي وقعت على أراضيها عند الاستعمار.
  • الاستقلال السياسي غير المكتمل: يرى أن الدولة الأسترالية المزدهرة لم تحقق بعد استقلالها السياسي الكامل عن التبعية لملكية أجنبية (في إشارة إلى النظام الملكي البريطاني).

3. الجغرافيا والطبيعة القصوى

يتناول ماكينا تأثير الطبيعة القاسية والجمال الملحمي للقارة الأسترالية والأحداث الطبيعية المتطرفة على تشكيل تجربة العيش والتاريخ الأسترالي.

4. الإنسانية وإعادة تأطير الماضي

يوصف الكتاب بأنه “تاريخ حكيم وإنساني”. يهدف ماكينا من خلاله إلى:

  • كشف المفاجئ في المألوف: إظهار الجوانب غير المتوقعة في القصص والأحداث التي يعتقد الأستراليون أنهم يعرفونها جيداً.
  • إعادة تأطير الماضي: ترتيب الأحداث التاريخية بطريقة جديدة تمكن القارئ من رؤية الحاضر بوضوح أكبر وفهم كيف وصل الأستراليون إلى ما هم عليه اليوم.

باختصار، يقدم ماكينا في “أقصر تاريخ لأستراليا” نظرة نقدية ورحيمة تهدف إلى مواجهة الماضي الأسترالي بشفافية أكبر، لا سيما فيما يتعلق بالتصالح مع تاريخ السكان الأصليين، بهدف بناء فهم وطني أكثر شمولاً وتفاؤلاً للمستقبل.