Pierre-Semaan

الإنقلاب على رئيس الوزراء السابق طوني آبوت، هل أدى فعلاً الى طوي صفحة رئيس الحكومة السابقة ووضع حد لحياة طوني آبوت السياسية؟
بالطبع تفاجأ عديدون بما جرى داخل حزب الاحرار وبالسرعة التي استبعد بها آبوت وكان سبق ذلك الانقلاب موجة من الترويج الاعلامي ومحاولة تشويه الحقائق، وتصوير آبوت انه سياسي ينتمي الى جيل تقليدي لم يعد صالحاً للعصر الذي نعيشه. كما جرى إشاعة اجواء سلبية بالنسبة للوضع الاقتصادي. وعمدت وسائل الاعلام الى تسليط الاضواء على كل اخطاء هامشية لا علاقة لها بجوهر سياسة حكومة آبوت.
ومع وصول مالكولم تيرنبل أعتقد كثيرون ان رجل الاعمال الناجح سوف يقلب الامور رأساً على عقب، ويطرح برنامجاً سياسياً جديداً بعد إختياره 8 وزراء جدد.
لكن مع مرور الوقت يبدو يوماً بعد يوم ان الحكومة الجديدة لم تأت بشيء جديد، رغم وجود رئيس وزراء جديد، وعدد كبير من الوزراء الجدد الذين طُعِّموا بمجموعة من النساء. وهذا ما أسقط كل الادعاءات الاعلامية السابقة ان سياسة آبوت هي غير فاعلة ولا تصلح لإدارة البلاد. اذا أرغم تيرنبل على التمسك بسياسة الحكومة السابقة وعلى سبيل المثال، قانون زواج المثليين، رغم إنتماء مالكولم تيرنبل لجناح اليسار الذي يؤيد هذه التعديلات، غير ان اليمين في حزب الاحرار شد على يد الرئيس الجديد، مذكراً اياه انه بمقدورهم التخلص منه بنفس الطريقة التي أوصلوه فيها الى الحكم. ولم يجرؤ تيرنبل على تعديل سياسة حكومة آبوت حيال إعادة القوارب وطالبي اللجوء القادمين عبر الابواب الخلفيات وبواسطة مهربي البشر. وفي لقاء له مع الـABC، أرسل تيرنبل تأشيراً حول إعادة النظر في سياسة طالبي اللجوء، غير انه عاد في اليوم التالي ليتراجع ويؤكد تمسك حكومته بالسياسة المعتمدة. ورد وزير الهجرة بيتر داتون في إشارة رمزية ان سياسة الحكومة ليس في مقدور احد ان يبدلها، مشيراً بذلك الى القرارات التي إتخذتها حكومة آبوت السابقة، وداتون كان واحداً منها. أما بالنسبة للضريبة على الكاربون وسياسة الحكومة المناخية، فهي لا نزال نفسها. وهذا ينطبق على أمور عديدة أخرى مثل الامن والارهاب واتفاقيات التجارة الحرة مع البلدان المجاورة، خاصة مع الصين وتمسك تيرنبل بها وبشروطها السابقة…
كل هذه الامور دفعت المواطنين الى التساؤل حول أسباب وخلفيات إستبعاد طوني آبوت الذي رغم كل ما قيل عنه وكل النعوت التي وُصف بها، أبدى إلتزامه بسياسة الحزب وتعهداته الانتخابية وحقق العديد منها وكان في طريقه الى تحقيق 84% من هذه التعهدات التي أطلقها خلال مرحلة الانتخابات، والتي على أساسها صوت الناخبون لصالح الائتلاف.
إلتزام حكومة تيرنبل بالسياسة التي رسمتها حكومة آبوت دفعت الاخير للتصريح في أكثر من مناسبة ان لا جديد تحت شمس حكومة تيرنبل. وفي هذا التعليق تلميح غير مباشر ان الانقلاب على آبوت لم يتم لاسباب سياسية وعدم رضى شعبي من آداء الحكومة، بل لأسباب خفية لا علاقة لها باداء حكومة آبوت وتعاملها مع كل الازمات الامنية والديون العامة والارهاب والاصلاح الاداري والتبدلات المناخية التي تطرح حولها اكثر من نظرية ورأي. ولقد اثبت آبوت التزامه بمبادئ جوهرية وبمصلحة البلاد وبرؤية مستقبلية لا تخلو من الموضوعية واستباق الامور، رغم فجاجة الطروحات واحياناً القساوة في طرح الامور…
حيال هذا الواقع بدأت تطرح تساؤلات حول الخلفيات والاسباب الحقيقية لإستبعاد آبوت. ويُشتَم ان انصار آبوت وحتى بعض خصومه من حزب العمال أصبحوا يميلون للإعتقاد ان تيرنبل استفاد من الفجوات الصغيرة للتلاعب بمشاعر أعضاء الحزب وبث روح الخوف ان الائتلاف هو في خطر خسارة الانتخابات المقبلة. وطبق سياسة الجزرة مع المتأرجحين ووعد بمنحهم مناصب وحقائب في حكومته الجديدة. بالطبع ساهمت الـABC ووسائل اعلام أخرى بمؤازرة تيرنبل الذي لقى حالة من الترحيب والتأييد والدعم والترويج الاعلامي له بعد انقلابه على آبوت.
غير ان اصدقاء تيرنبل كخصومه يدركون ان رئيس الوزراء الحالي يعمل لصالحه بسبب انانيته، كما إدعى البانيزي اكثر من مرة. وبدأ أعضاء من حزب الاحرار يشعرون بعقدة الذنب بعد ان ساهموا في استبعاد آبوت عن الحكم دونما ذنب أو سبب يبرر ذلك. ويدعي اكثر من خبير سياسي ان آبوت الذي لم ينهار امام مؤامرة إستبعاده وقد المح انه باقٍ في منصبه كنائب، ربما قد صمم على التخلص مرة أخرى من مالكولم تيرنبل حتى ولو فاز في الانتخابات المقبلة.
إنها مسألة إعادة تجميع القوى وإيصال اكبر عدد من النواب المحافظين والحؤول دون وصول عناصر من اليسار الى البرلمان، رغم ان آبوت لا ينتقص من دور وقدرة تيرنبل.
وعبر رئيس حكومة غرب استراليا عن الوضع السياسي الحالي داخل الاحرار والبلاد قائلاً: ان حكومة آبوت لم تمتدح عن جدارة للانجازات التي حققتها على أصعدة مختلفة مشيراً الى الحالة النفسية لدى آبوت في هذه المرحلة اذ قال: متى تخسر مركزك كرئيس للوزراء، فان في ذلك إهانة شخصية على المستوى الداخلي والدولي. واكد كولين بارنيت ان آبوت هو انسان طيب وأنا آسف لما جرى معه. لكن بارنيت لم ينتقص من قدرات تيرنبل في الوقت عينه.
فهل نحن امام مرحلة جديدة من التوتر وشبك المؤامرات داخل حزب الاحرار. مما قد يعطل آداء حكومة الإئتلاف ، يرى من ضمنها الحزب الوطني ان عليه ان يجهد خلال الانتخابات للفوز بالمزيد من المقاعد لتحسين مركزه داخل اية حكومة مستقبلية…
وهل وضع آبوت في الصفوف الخلفية فيه تهديد مباشراً لتيرنبل ان يلتزم بتوجّهات الحزب… وإلا فالبديل ينتظر لينتقم ويعود الى الحكم؟؟

pierre@eltelegraph.com