علاء مهدي
سيدني-أستراليا

تحت هذا العنوان، و بتاريخ 17 آب 1993، كنت قد نشرت هذا المقال في صحيفة «العالم العربي» الغراء التي كانت تصدر في سيدني، باسم «أبن العراق»، وهو أسم كنت أستخدمه في حينه.
لقد قفز المقال إلى ذاكرتي بعد إحدى وثلاثين سنة من كتابته، ففكرت بإعادة نشره بتصرف، لتشابه ظروف المرحلة الحالية مع الظروف التي كنت قد كتبت المقال من أجلها في حينه:

جنوب لبنان يحترق، وجنوب العراق يحترق، وجنوب السودان يحترق، آلاف المهجرين.. وعشرات القرى المدمرة.. عشرون ألف قذيفة أطلقت. قبل ذلك آلاف الطائرات المقاتلة أغارت على مدينة السلام، ولا زلنا نطرب لأسمهان وهي تغني « أنا اللي استاهل كل اللي يجرا لي».
صواريخ إسرائيلية على الجليل، وصواريخ عربية على الأهوار، عدد القتلى بالآلاف، والجرحى لم يتم حصرهم بعد. بعض حكومات العرب ترسل الشكاوى إلى مجلس الأمن. والليدي مادونا في سيدني، وبعدها وردة . . . ثم كاظم الساهر يغني.
واشنطن تدعو العرب إلى ضبط النفس، رابين يتوعد بإشعال لبنان، ورابين العرب أحرق العراق والكويت، ولا زلنا نحلم برمي اليهود في البحر.
ولازال الأمير المربع الشكل يستحم بحليب النعاج!
ورغم أن أطفال العراق بدون حليب، وشعب العراق بدون دواء، إلا أننا لا زلنا نغني « بتونس بيك وأنتَ معايا»!
وضع الجنوب اللبناني يثير القلق، وكذلك الجنوب العراقي، واشنطن تمدد الحظر على العراق، وتثنّي على موقف سوريا، وتنصب أجهزة تصوير في المصانع الحربية العراقية. والإمبراطور يحتفل بعيد ميلاده بعربة ملكية مذهبة، ويزوج أبنه للمرة الثانية. ومازالت بغداد تؤكد قبولها مراقبة تسلحها. وما زلنا نطرب على صوت ناظم الغزالي وهو يغني» معَلّم على الصگعات گلبي».
ولا زال الجنوب يحترق، وكذلك شمال العراق، ولم تعد الأهوارُ أهوارا.
والشماتة يا عرب، الفيضانات والأعاصير تجتاح أمريكا!
رغم أنَّ 200 طفل فلسطيني قد قتلوا منذ كانون الأول 1987
و200 ألف طفل عراقي قتلوا منذ تموز 1968
ورغم حماية الصديق كلينتون الجوية!
فما زال أبناء الجنوب العراقي يقتلون يومياً وكذلك أكراد شماله،
وما زلنا نطرب لصوت السيدة ونغني معها « حسيبك للزمن «!
كنا نطالب باتحاد فيدرالي وصداقة سوفياتية، وانتظرنا حتى نتهت
جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، واغتيلت أنظمة الدول
الاشتراكية. ورغم كل عمليات غسل الدماغ التي أجرتها – المرأة
الحديدية – للصديق غورباتشوف، ورغم ملايين الدولارات
والباونات التي أغدقت عليه، إلا أنه لازال يشكو من البواسير.!
الأمريكان بارعون في إصابة الأهداف بالصواريخ. أما صواريخ العرب فهي مصممة لقصف مدن العرب، وكعبة العرب، وأطراف مدن الصهاينة وبس.!
الصهاينة ضيوفنا في المسجد الأقصى، والأتراك ضيوفنا في الإسكندرونة، والفرس ضيوفنا في الجزر العربية والأهواز. ولا زلنا في شك فيما إذا كانت الكويت كويتية أم عراقية، أو ان كانت حلايب مصرية أم سودانية. ولا زلنا قلقين رغم نداءات إدارة النظام العالمي الجديد للعرب بضبط النفس، ورغم تمكن رجال الإطفاء العرب -الأشاوس – من إخماد نيران الجنوب المحترق. ورغم أن قضية إبادة الأكراد أصبحت كقضية إبادة الفلسطينيين، إلا أننا لم نعد ننشد « الله أكبر . . . الله أكبر . . . الله فوق ايدي المعتدي»، بل أصبحنا ننشد « يا بط يا بط، أسبح بالشط، قل للسمكة، أتت الشبكة».
ولا زال أسم صاحبنا يهز أمريكا، واليابان في بعض الأحيان . . …
وهنيئاً للعرب فلقد بدأ العد العكسي لإنهاء الخصام العربي!!