أرسلته زوجته لشراء فرخَي دجاج في أنفيلد فاشترى المحل بكامله

من لبنان الى فنزويلا، تعطلت الباخرة في جنوى الإيطالية، وعمل بائعاً جوالاً وأوقفه رجال الأمن مرتين،
وفي طريقه إلى أستراليا كاد يبقى في جزيرة كوراساو
جوزيف سعيد القزي، من مواليد الجيّة سنة 1938، تابع سنتين من المرحلة الإبتدائية في مدرسة مار شربل في الجيّة، كما تابع سنتين في المدرسة الرسمية في قصوبة، وكان مديرها آنذاك الأستاذ خطّار الذي كان يقول للتلاميذ: «قوموا سمعوا ومع السلامة». وأحياناً كان يرسلهم ليجمعوا له قضبان الدبق التي يصطاد بها العصافير.
في البداية كانت تراود جوزيف فكرة الذهاب الى الرهبنة مع الأب عزيز القزي لكنه عدل عن ذلك لينتقل الى بيروت ويعمل في ميكانيك السيارات في منطقة السان جورج لفترة سنتين. في هذه الأثناء وأمام ضيق الحال والظروف الصعبة قرر السفر عندما علم أن الياس حليم عبود القزي سيسافر الى فنزويلا ليلتحق بشقيقه الأكبر طانيوس، فطلب من الياس أن يسافر معه وسرعان ما استقلا الباخرة سنة 1955 التي تعطلت في مدينة جنوى في إيطاليا بسبب عطل في المحرك أجبرها على البقاء فترة في تلك المنطقة فتعرفا على بعض أقسام المدينة ريثما يتم إصلاح الباخرة، ويقول جوزيف: «زرنا مقابر جنوى السياحية الشهيرة وهي آية رائعة من الهندسة والترتيب».
ويقول:» لدى وصول الباخرة إلى المحيط الأطلسي بعد عبور مضيق جبل طارق، كان المحيط هائجاً وراحت الأمواج تقفز فوقنا وكذلك فوق القبطان وبقي المحيط هائجاً طيلة الرحلة الى ان وصلنا الى مدينة كاراكاس (عاصمة فنزويلا) بعد أيام متعبة ومضنية في المحيط».
ويضيف جوزيف: «في الأيام الأولى أقمنا في غرفة صغيرة أخذنا إليها طانيوس عبود القزي وهناك تعرّضنا لهجوم البرغش والبرغوت في الليل وكان الأمر لا يطاق».
وجاءنا يوماً رجل أصله من صيدا وأعطانا سِلفة مالية وقال لنا «إذهبوا إلى القرى وبيعوا البضائع وانتبهوا للمفتشين لأن بيع البضائع ممنوع».
ويقول جوزيف: «أول مشوار لي في رحلة البيع كان مع روبير نخلة الذي رافقني الى الجبال، فهو كان في فنزويلا قبلنا مع شقيقه ادوارد نخلة ورافقنا أيضاً بولس عبد الله القزي».
أمضينا خمسة أشهر في بيع البضائع، وكان العمل متعباً، تعذبنا كثيراً وكنا لا نعرف متى يأتي المفتشون ويفاجئوننا، وقد خلصنا طانيوس عبود مرتين بعد توقيفنا».
في هذه الأثناء، وبعد أن وجدت اني لا استطيع الإستمرار على هذه الحال، بعثت برسالة الى أخي مارون في أستراليا أسأله ان يأخذني إليه وبعد أيام ملأ إستمارة هجرة ووضعها في البريد وهو يستخف في جدواها ويقول: «لنجرب حظنا».. وبعد أسبوعين وصلتني رسالة من استراليا وفيها الإستمارة، فحملتها فوراً وتوجهت الى السفارة الاسترالية يرافقنا طانيوس حليم عبود، فقبلوا الطلب وأخبروني ان هناك باخرة ستنطلق بعد يومين الى استراليا وكان اسم الباخرة «سانتا بيانكا»، ولكثرة ما كنت متضايقاً في تلك الفترة كنت أقول: «أنا مستعد ان أركب حماراً للوصول الى استراليا».
بعد أيام، في أواخر سنة 1955 صعدنا على متن باخرة إسمها تاهيتي للإبحار بنا الى استراليا وعندما وصلنا الى جزيرة كوراساو مقابل فنزويلا، جاءنا رجل لبناني وتقدم من الباخرة بعدما سأل عن لائحة الأسماء الموجودة عليها وعلم ان هناك لبنانيين على متنها، وراح يسأل عني وعن شخص إسمه بطرس، وعندما التقى بنا قال لنا: «أنا من طرابلس في لبنان أوصاني أبي ان اهتم بكل شخص لبناني يصل الى الجزيرة وها أنا أنفذ وصيته». فاصطحبنا الرجل الى منزله الفخم وأعطانا ما نحتاج إليه وأجلسنا في طابق الزوار في منزله الكبير، وأطلّ بنا من النافذة وهو يقول: «أنظروا، هذه المدينة كلها لي وكل هذه الأملاك التي ترونها». وحاول إطراءنا لكن الوقت داهمنا واتجهنا الى السفينة لمتابعة الرحلة الى استراليا، وهو يسألنا اذا كنا بحاجة الى أي شيء.
في أول كانون الثاني سنة 1956 وصلت الباخرة الى سيدني، وتوجهت الى بيت شقيقي مارون في منطقة واترلو في ردفرن، ثم ذهبت الى منزل عائلة في راندويك مقابل الملعب الكبير حيث كانوا يريدون تزويج إبنة أخت صاحبة المنزل الى أخي مارون.
أقمت فترة طويلة عند أخي مارون، وكنت أعمل في فبركة الزجاج التي كان يعمل فيها وديع عساف وآخرون من الجيّة، وبعد أسبوعين نقلوني من قسم صناعة الأكواب «الكبايات» الى قسم صناعة القناني لأنهم وجدوني نشيطاً جداً.
بعد فترة قصيرة إستأجرت عند روكز القزي في ردفرن الى ان اشتريت منزلاً في فلامنغتون.
سنة 1965 طلبت إجازة من الفبركة لستة أشهر، فقال لي مدير العمل: «خذ ما تشاء من الفرص شرط أن تعود الى العمل، وسافرت في تلك السنة الى لبنان وتزوجت من ملكة البستاني التي كانت لا تزال تلميذة في مدرسة الأميركان في صيدا في 25 نيسان سنة 1965.
وسنة 1975 إشتريت منزلي الحالي في آنفيلد وفيه زارني مدير فبركة الزجاج سنة 1980.
تقول ملكة زوجة جوزيف: «في أحد أيام سنة 1981 خرج جوزيف من المنزل بعدما أوصيته بشراء فرخين من الدجاج للطبخ، وبعد نحو ساعة عاد الى المنزل وهو يقول (إشتريت لك هدية)»، فأجبته «ومتى كان الدجاج هدية؟»، فقال: «لا إنني إشتريت المحل بكامله». اعتقدت في البدء انه يمزح، لكنه فعلاً إشترى المحل دون سابق إنذار لانه يحب تربية الطيور والحيوانات. بعد عدة سنوات إنتقل المحل الى إدارة إبننا جوني، وهو اليوم مؤجر».
سنة 1990 إشترى جوزيف مزرعة في منطقة برنجللي ولا يزال يملكها مع عائلته حتى اليوم.
في الختام يقول جوزيف انه عمل 25 سنة في فبركة الزجاج (1956- 1981) وهو الوحيد بين أربعة آلاف موظف تم منحه مكافأة وشهادة تقديرية ، وطبعوا اسمه على أكواب تكريماً له ( الصورة).
آخر زيارة قام بها جوزيف الى لبنان كانت سنة 2018.
متزوج من ملكة حنا البستاني ولهما أربعة أولاد: جون – ماري – دايانا وليندا.يعيش حالياً مع زوجته ملكة متقاعدين في منزلهما في آنفيلد.
جرى اللقاء في 9 كانون الثاني سنة 2023