قدّمت الممثلة اللبنانية سيرينا الشامي أداءً مميزاً وعفوياً في مسلسل «ع أمل» وتُوِّجت بلقب الممثلة التي تستحق أن تنال فرصاً أهمّ وأكبر في الأعمال المقبلة.
الشامي تحدثت عن دورها في هذا المسلسل ومواضيع فنية أخرى:
• ما أكثر ما لفتك بدور «رهف» مع أن النص لا يصل إلى الممثلين كاملاً؟
– عندما بدأنا بتصوير «ع أمل»، كنا استلمنا سبع حلقات من المسلسل فقط. وفي البداية ترددتُ في قبول الدور، لأنني لم أكن أرغب بتكرار دور الفتاة الطيبة والمظلومة، ولكن ما لبثت أن شعرتُ بأنني أريد أن أشارك في العمل لأنني تعرّفتُ على الكاتبة نادين جابر ووجدتُ أنها إنسانة صادقة وتحبّ ما تقدّمه، كما ان القيّمين كانوا يشعرون بأنني سأعطي «رهف» ما كانوا ينتظرون منها. عدا عن أنني أحب المخرج رامي حنا كثيراً وكنت أتمنى أن أعمل معه منذ أن شاهدت مسلسل «غداً نلتقي»، لأنه حساس وأنا أحبّ التعامل مع هذا النوع من المخرجين، ولا أحبّذ الذين يستعرضون عضلاتهم ويميلون إلى الإبهار في أعمالهم، وأفضّل عليهم المخرجين الذين يضيئون على النواحي الإنسانية، وهذا أكثر ما لفتني فيه كمخرج في مسلسل «غداً نلتقي».
• هل لديك بعض المواصفات الموجودة في شخصية «رهف»؟
– إذا حاول الإنسان أن يقرأ نفسه، يجد أن فيه شيئاً من كل شيء. وربما الممثل في لاوعيه يختار مهنة التمثيل لأنه يكون واسعاً جداً في داخله، والتمثيل يساعده في استثمار العديد من الشخصيات. ولا شك في أنه يوجد فيّ شيء من «رهف». وكممثلة، أحاول أن آتي بالشخصية إلى عندي عوض أن أذهب إليها. وهناك مدارس عدة في التمثيل، بعضها يعتمد على تغيير الممثل لنفسه والذهاب إلى الشخصية وبعضُها الآخر يقوم على أن يأتي الممثل بالشخصية إليه. وحتى اليوم، لم أقدّم شخصية لا تشبهني، ولو حصل ذلك فسأذهب إليها. عند التحضير لأي شخصية، أحضرها إليّ وأحاول اكتشاف الأشياء المشتركة بيني وبينها وإبرازها. توجد في داخل كل ممثل أدراج عدة، وعندما قدّمت دور رهف، استخدمتُ درج الطيبة والقبول والمحبة لكل أفراد العائلة.
• وما الشخصية التي لم تقدميها حتى الآن وتشعرين بأنه يجب أن تذهبي إليها لا أن تحضريها إليك؟
– تحدثتُ بشكل عام، ولا أعرف ماذا يمكن أن أفعل عندها. وربما تصلني شخصية تجعلني أغيّر نفسي وأذهب أنا إليها، وربما أقوم بالعكس وأحاول أن آتي بها إليّ.
• وهل أنت من مدرسة التلقائية والعفوية في التمثيل، خصوصاً أننا نشاهد الكثير من المبالغة في أداء ممثلين في بعض الأعمال، والتقليد في أعمال أخرى كما يحصل في المسلسلات التركية المعرَّبة؟ وهل العفوية هي السلاح الأول والأهمّ بالنسبة للممثل؟
– أصعب ما في مهنة التمثيل أنه مطلوب من الممثل أن يذكّر نفسه دائماً بهذا الأمر، لأنه يمكن أن ينجرف أو أن يفكّر في أشياء كثيرة وينسى. على الممثل أن يحاول دائماً العودة إلى أرض الواقع، وهذا أهمّ ما يُفترض أن يبحث عنه ويتمسّك به ولا يتخلى عنه أبداً، وأن يحرص على العودة إلى الإنسان الموجود في داخله وإلى التواضع كي يكون طبيعياً في التمثيل. وربما هو يكون مغروراً في حياته العادية، ولكن أثناء التمثيل يجب أن يكون متواضعاً إلى أبعد حد كي يتمكن من أن يكون طبيعياً في أدائه.
• وكي يكون قادراً على الإقناع؟
– الإقناع يتحقق عندما يتمكّن الفنان من الدخول إلى قلوب الناس بمشاعره وأحاسيسه، فيشعر الجمهور بأنه لا يبني حاجزاً بينه وبينهم. وعلى الممثل أن يكون شفافاً جداً في إبراز مشاعره الداخلية لخدمة الشخصية التي يلعبها.
• عادةً ممثلو المسرح يبالغون في الأداء عندما يشاركون في الأعمال التلفزيونية وهذه الناحية ليست موجودة عندك مع أنك ممثّلة مسرح، فما هو الاختلاف بين ممثّل مسرحي وآخَر؟
– ما أشعر به داخلياً عندما أقف على مسرح هو نفسه ما أشعر به عندما أقف أمام الكاميرا، والفارق الوحيد يكون في التحكّم بحجم الجسم وارتفاع الصوت وجعْلهما أقلّ في التلفزيون. لأنه يفترض بالممثل عندما يقف على المسرح أن يوصل صوتَه إلى الجمهور الذي يجلس في آخِر القاعة، ولذلك هو يتكلم بصوت أعلى. وعندما يكون الممثل صادقاً، فحتى لو رفع صوته أو بالَغَ في الحركة، لا بد أن يَظَهَرَ صِدْقه، ومَن يبالغ في الأداء أو في رفْع الصوت يفترض بالمخرج الذي يديره أن يقوم بمعالجة هذا الأمر وتنبيهه إلى ضرورة التوازن في صوته وأدائه.
• هل يمكن قول إن دور رهف فتح أمامك الأبواب لأعمال وأدوار جديدة؟
– كل دور يفتح أمام الممثل أبواباً جديدة، ولكن دور رهف في مسلسل «ع أمل» كانت أبوابه أوسع لأن العمل حظي بنسبة مشاهدة أكبر والدور ترك أثراً كبيراً لدى الجمهور، ومن بعده تلقيتُ مجموعة من العروض ويتم النقاش حولها، ولكن لا شيء محسوماً حتى الآن. إلا أنه عندما يزيد الطلب على الممثل لأن دورَه حظي بقبولٍ كبير عند الناس، فهذا الأمر يُحْزِنُني كثيراً لأنه يعني أنه أصبح مطلوباً من المُخْرِجين وصنّاع الدراما، لأن الناس أحبوه في هذا الدور فزاد عدد متابعيه وأصبح مناسباً للمشاركة في الأعمال التي ينتجونها، بينما يفترض أن يكون لديهم إلمام بخلفية وتاريخ كل ممثل وقدراته وموهبته والتعاون معه على هذا الأساس وليس انتظار الناس.
• تقصدين أنهم يختارون الممثل انطلاقاً من عدد متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي؟
– نعم، وهذا يُحْزِنُني كثيراً لأنه يفترض بصناّع الدراما أن يتعاملوا مع الممثل انطلاقاً من موهبته وليس عدد متابعيه، ولكن لا يمكن تعميم هذا الأمر، لأن هناك مُخْرِجين وشركات إنتاج يراعون هذا الأمر.
• هل صار العمل في التلفزيون بالنسبة إليك أكثر إغراءً مما كان عليه في السابق؟
– أبداً، بل أفضّل المسرح والظهور على الخشبة بشكل مباشر مع الجمهور والسير بالشخصية بخط واحد من البداية حتى النهاية. في الأساس درستُ التمثيل والمسرح في الجامعة بسبب حبي الكبير للمسرح، وهذا لا يعني أنني لا أحب الكاميرا والتلفزيون، ولكن ليس أكثر من المسرح، لأنه أكثر صدقاً.
• اللافت أن غالبية ممثلي المسرح ابتعدوا عنه في الأعوام الأخيرة من أجل التلفزيون؟
– في العامين الأخيريْن زاد عدد العروض المسرحية في شكل ملحوظ. وأعتقد أن مَن توجهوا نحو التلفزيون لم يكونوا في الأساس ممثلين مسرحيين. في فترة «كورونا»، أغلقت كل المسارح وما لبث أن عاد النشاط إليها في العامين الماضييْن، واليوم نلمس أن الناس بحاجة لمشاهدة الأعمال المسرحية، وهو الوضع نفسه الذي كان عليه المسرح قبل 15 عاماً.