كمال براكس – سيدني

عندما تتملكني الاحزان والكآبة، اسحب ورقة صغيرة في عقلي، واحاول ان اعرف الاسباب التي أدت الى هذا المزاج المتمثل بالتعاسة أهو «قلب محطم»، أَم «وفاة عزيز»، أَم هي «آثار المرض العضال الذي أصابني»، أَم «الاوجاع القاهرة التي ترافقني ليل نهار».
وأتساءل كيف استطيع ان أكافح هذه الحالة الذهنية والجسدية بأفضل وسيلة، ولما كان الانقباض النفسي في القالب الا شعوراً باني واقع لا محالة في قبضة حديدية، ولابد لي من ان اتبع الطريق التي منحني لي الله، وان أعي ان بعض الاشياء لا يمكن تغييرها بين «يوم وليلة».
ولقد ظل علماء النفس وعلماء الاجتماع يدرسون اساليب المزاج منذ سنين طويلة، علماً ان سحب الكآبة تُخيِّم على الافراد في فترات منتظمة، وقد تزداد إرتياحاً اذا تقَّبلنا فكرة «انه لا مفر» من الانقباض النفسي والجسدي، ورتبنا حياتنا على هذا الاساس.
والعلاج الاهم الذي نحتاج له هو «رفع روحنا المعنوية»، ومن الاسلحة المفيدة ضد اليأس هو كتابي الصغير والخاص الموجود في درج مكتبي الذي اختزن فيه كل تلك الثروات التي علَّمتني التجارب انها سوف تعمل كمقوٍ لروحي وجسدي عندما تنتابني الكآبة والانقباض، الاستماع الى اغنياتي المفضلة القديمة التي تصفي قلبي ونفسي البهجة والسرور.
ولقد تعلمت ان اكافح الاحزان بالقيام بعمل ما ، اي نوع من العمل بدلاً من أتمرغ وأتقلب في حماة احزاني.
وهكذا أقلب زوايا ذهني المظلمة التي تعشعش فيها العنكبوت، وأقوم مسرعاً بجولة على الاقدام حتى تنجلي علي الرؤيا، ومن أثمن أنواع علاج الانقباض النفسي ان تهب لمساعدة الآخرين وتلبية حاجاتهم.
وليس هناك بعد ذلك وشيء مثل المعرفة الجديدة في ابعاد ذهن الانسان، عن الاشياء الكئيبة التي لا مهرب منها في الحياة اليومية، ان لا اكون «منعزلاً ولا خاملاً»، وعدم الانعزال يفيدك عندما تشعر بانقباض وكآبة.
ان بعض الناس يفضلون صحبة الاغراب، والبعض يتخذ ملاذاً مع الاقارب المقربين ولعل أفضل شيء تبحث عنه هو «المنفذ» الا هو الصديق المحب المخلص الحقيقي.
ان اكتاف الاصدقاء موجود لشفاء الاحزان، يجب الا نزور الاصدقاء كي نسكب على مسامعهم مشكلات تافهة بل لكي نتذوق معاً مباهج الذكريات القديمة الراسخة في اذهاننا ونشاطر معاً الضحكات الرنانة.
ومن اقدم الازمنة لا يوجد علاج افضل من ذلك فالصديق المحب المخلص هو دواء الحياة.