يعود الاغتراب المنياوي في استراليا لأكثر من 60 سنة، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا تشعّب أبناء المنية المغتربون في عدة مدن، وأصبح لهم ثقل اجتماعي وانتخابي واقتصادي كبير، وباتوا أكبر جالية لبنانية في استراليا.
لكننا للأسف، في لبنان، وكما نضيّع كل الفرص، ضيّعنا فرصة التواصل المفيد والمجدي مع أهلنا من أبناء الوطن المغتربين الذين لم يبخلوا على لبنان يوماً بالدعم والزيارات المتكررة، وهم يشكلون في كل الازمات التي مر بها البلد سنداً يمكن الاعتماد عليه.
يجب على اهل السياسة في لبنان أن يقتنعوا بأن كل الدول يمكن ان تتخلى عن لبنان، لكن ابناءه المغتربين يزدادون تمسكاً به كلما أحسوا أن أزمته تشتد، وهذا يحتم عليهم أن يعملوا على المستوى التشريعي والتنفيذي لزيادة التواصل، وضمان استمراريته على المدى الطويل، وأول خطوة في هذا الاتجاه هو تشجيع المتحدرين من أصول لبنانية على الاستحصال على جنسيتهم، واعطاءهم ذلك الشعور بانهم جزء من صنع القرار، وهذا لا يتم الا من خلال تطبيق القانون الانتخابي الحالي الذي اقر قبل سبع سنوات، والذي يضمن تمثيل المغتربين بست مقاعد في مجلس النواب اللبناني، ووجب كذلك اشراك المغتربين في العملية التنموية عبر السعي لأن يكون في كل لائحة بلدية عدة مرشحين من أبناء المغترب فهم الاقدر على نقل التجارب التنموية.
هذه زيارتي الأولى كنائب عن البرلمان اللبناني الى استراليا، ولكنها وبإذن الله لن تكون الأخيرة، فما يشجعني على تكرار الزيارة هو ما لمسته من أبناء الجالية اللبنانية بشكل عام وأبناء المنية الإدارية المغتربين بشكل خاص من اهتمام بشؤون البلد، واستعداد للمساهمة في نهوضه، ونية صادقة في تحسين الظروف الاقتصادية عبر الاستثمارات، وشوق دائم لهم لكل ما يتعلق بقراهم ومدنهم.
منذ اللحظة الأولى لوصولي لمست من أبناء منطقتي على اختلاف توجهاتهم السياسية محبةً وصدقاً ورغبةً في معرفة المزيد عن المنية التي ابتعدوا عنها جسداً لكنها ما زالت تسكن قلوبهم ووجدانهم، وشعرت كأنهم عائلة واحدة يجمعها رابطة الدم والقربى والجيرة، ولمستُ مدى تمسكهم بعاداتهم اللبنانية والمنياوية، تلك العادات التي تشكل جزءاً من ثقافتنا ووعينا، والتي وللأسف بدأت تندثر في بلدنا الام لكنها ما زالت حاضرةً بقوة في مجتمعنا المغترب، وكانت فرحتي كبيرة جداً بحرصهم على تعليم ابناءهم العربية في مدارس متخصصة.
أتقدم بالشكر لكل أبناء الجالية اللبنانية في استراليا على كل ما قدموه، وأخص بالذكر أبناء منيتي الذين لمست منهم المحبة الصادقة، وأتقدم من جميع هيئات المجتمع المدني والجمعيات والاعلام المغترب بالامتنان على استقبالهم وجلسات نقاشهم ومتابعتهم، راجياً من الله أن نلتقي في زيارة قريبة.