بعد زمن تجارة الرقيق الذي اعتقدنا أنه ولّى، نجد أنفسنا أمام تجارة جديدة للبشر، لا يقترفها مهرّبون وقراصنة، بل هي أنظمة تجعل من البشر سلعة لتصفية الحسابات.
في السنوات العشر الأخيرة، وأمام تعثّر دخول تركيا الى الإتحاد الأوروبي، ردّ الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان على ذلك بدفع آلاف اللاجئين السوريين في بلاده باتجاه أوروبا ، فأغرق المجر والمانيا ببحر من اللاجئين السوريين وصولاً الى هولندا.
ومنذ سنتين، توتّر الوضع بين تركيا واليونان، وراح اردوغان يرسل مراكب اللاجئين نحو الجزر اليونانية، فغرق منهم مَن غرق وعلق منهم من علق؟!.
منذ أشهر، انزعج النظام السوري من طلب لبنان إعادة اللاجئين السوريين ، ولإجبار الدولة اللبنانية على الخضوع للمشيئة السورية، عمل الأسد على إطلاق مئات اللاجئين عبر المعابر غير الشرعية وهذه المرّة كانوا من الشباب، طبعاً محمّلين بأمر مهمّة ينفذونه عندما يُطلب منهم ذلك.
وبدل أن يسترجع وطن «أمّة عربية واحدة» مواطنيه، راح يوزّعهم مثل أصابع الديناميت في حقل التجارب اللبناني؟!
ولأن بوتين والأسد واردوغان من مدرسة توتاليتارية واحدة، ها هو الرئيس الروسي يمارس اليوم ذات اللعبة مع فنلندا، فأطلق ما لديه من صوماليين ويمنيين وسوريين وعراقيين باتجاه حدود فنلندا (الصورة) لأنها تعارض سياسة موسكو في اوكرانيا.
وقال حرس الحدود في فنلندا ، إن السلطات الروسية متورطة بشدة في نقل مهاجرين إلى معبرين حدوديين ما زالا يعملان، مع سعي فنلندا للحد من تدفق المهاجرين من روسيا.
ووصل أكثر من 500 طالب لجوء، إلى فنلندا عبر روسيا خلال الأسبوعين الماضيين.
ويصل المهاجرون من روسيا في سيارات وشاحنات، ثم ينزلون ويستقلون دراجات للعبور إلى الجانب الفنلندي.
وإذا كانت الأنظمة متورّطة بأفلام التهريب الهوليوودية، فإن لبنان أمام فرصة كبيرة للضغط على الإتحاد الاوروبي الذي يعمل على توطين اللاجئين السوريين في لبنان عبر مساعداته السخية لهم.
فما على الرئيس ميقاتي إلا أن ينذر الأوروبيين وخلفهم الأمم المتحدة بإطلاق مراكب اللجوء من الشواطئء اللبنانية وستجدون الإرباك الكبير على الشواطئ الأوروبية، ولماذا يحق لأردوغان والأسد وبوتين ما لا يحق للبنان؟!.
ماذا تنتظر يا ميقاتي؟؟.