جوسلين شربل بدوي- سدني

‏باي استقلال نحتفل؟؟‏ بذكرى الثمانين لاستقلال بلادنا عن الاستعمار الفرنسي، أو باستقلال مزيف، كاذب و صوري، دمرته الطائفية و اكتسحته الانانية و العنجهية و اباده الفساد. أو نندب استقلالاً لا نستحقه نلناه في ٢٢ تشرين الثاني من سنة ١٩٤٣ عن غير جدارة و استحقاق؟؟

نحتفل أو نندب إستقلالنا الذي لم نعرف كيف نحافظ عليه لان الحفاظ على الاستقلال أهم من الاستقلال نفسه. الاستقلال ليس حدثاً نحصل عليه و نتوقف عنده بل هو مسيرة وطنية طويلة من الالتزام و الاحترام، نحافظ عليه و نصون أرض الوطن، نعزز مكانته و ندافع عن قدسيته، نحافظ على هويته و أسسه، ونحمي حقوق شعبه.

بأي استقلال نحتفل؟؟ بوطن منهوك و مسروق بالتزامن مع أسوأ أزمة اقتصادية، مالية و مصرفية خانقة في تاريخ البلاد أغرقت شعبه بالفقر و العوز و الذل. و مع أكبر أزمة لجوء في التاريخ شهدها لبنان ، لقد تعدى عدد اللاجئين السوريين عدد اللبنانيين لدرجة أصبح لبنان شبه محتل و الدولة عاجزة عن إعادتهم الى بلادهم و هم أيضاً يرفضون مغادرة لبنان بدعم من الامم المتحدة. ألا يسمى هذا احتلالاً؟؟

بأي استقلال نحتفل؟؟ بوطن كسيح، مراكزه و مناصبه السيادية الرئيسية و الاساسية، المسؤولة عن رعاية مصالح الشعب و المحافظة على استقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامته شاغرة بالكامل. بوطن بدون رئيس جمهورية ولا حكومة و لا حاكم  لمصرف لبنان المركزي، و ها نحن اليوم نقترب من انتهاء ولاية قائد الجيش. أو نندب استقلالنا بوطن قراره مسلوب، و برئيس حكومة تصريف أعمال يعلن جهارة، امام العالم كله ان قرار الحرب و السلم ليس بيده.

بلد عجيب غريب لا مثيل له على الكرة الارضية، سألت نفسي  هل يوجد بلداً في العالم شبيهاً ببلدنا ؟
فسألت غوغل:
“ما هي الدوله التي ليس لها رئيس؟ “
يأتيك الجواب:
“اعتقد أنه لا توجد سوى دولة واحدة فقط فى العالم هي التى يمكن أن تظل بلا رئيس .. لبنان ..”

بأي استقلال نحتفل؟؟ بوطن جريح حدوده مشرعة لتهريب البضائع و البشر، لا حسيب و لا رقيب. بوطن لم يصونوا حدوده ولم يحافظوا عل سيادته و كرامته.
او نندب استقلالنا بسبب مسؤولين فاسدين توارثوه و آذانهم وايديهم ممتدة إلى خارج الحدود، خانوا الامانة مما أدى الى تعفن الوضع السياسي وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي وضعف و انحلال الدوائر الرسمية.

رغم كل هذه الرؤيا السوداوية الا انها واقعية، و رغم كل ما يجري في جنوبنا الحبيب من انتهاكات و تهجير، قصف و قتل و دمار، لا بد في ذكرى الاستقلال الا ان نستذكر بمشاعر الفخر ما حققه رجالات استقلال لبنان من نضال. كما نستذكر أيضاً أرواح كل الشهداء الأبرار الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان و شعبه و نثمن تضحياتهم و لا سيما شهداء الجيش اللبناني.

لبنان اليوم حزين حزين جداً بعيد استقلاله، اليوم عيد و فرح الا انني للأسف الشديد لا أشعر ببهجته. أكتب اليوم و القلق يأكلني على مصير وطن جريح و ممزق انزلق نحو المجهول، أكتب والدمع يغرغر في عيني على وطن يحتفل به الجلاد والسارق والناهب مقدرات الدولة و جنى عمر الشعب، الا أنني رغم كل المآسي التي يمر بها لبنان، كلي أمل ان شيئاً ما سوف يحدث في نهاية المخاض الطويل و الاليم لينقذ وطننا الحبيب و شعبنا المناضل !

كل عام ولبنان بألف خير من شر هؤلاء الفاسدين.

كلنـا للوطـن للعـلى للعـلم
ملء عين الزّمن سـيفنا والقـلم
سهلنا والجبـل منبت للرجـال
قولنا والعمـل فى سبيل الكمال
كلنا للوطن للعلى للعلم ‏ ‏

‏‎جوسلين شربل بدوي
‏‎مسؤولة الإعلام في المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم  لاستراليا و نيوزلندا