تظهر تقارير الأمم المتحدة الواقع المذهل للتعليم وحالة المدارس في لبنان:
اضطرت 38% من الأسر إلى خفض ميزانيات التعليم واضطر 16% من الأطفال إلى ترك المدرسة. ومع تعرض مستقبل جيل كامل للخطر الآن، هناك مخاوف خطيرة بشأن مستقبل لبنان كأمة.
«مجد لبنان يأتي إليك السرو والسنديان والصنوبر لزينة مكان مقدسي. وأمجد حيث تستقر قدمي». (إشعياء 60: 13)
لطالما كان لبنان، الذي يطلق عليه اسم «سويسرا الشرق الأوسط»، بمثابة بيان للأمل والحرية، حيث يجمع بين أفضل ما في العالم الغربي وأفضل ما في العالم الشرقي. كانت الآثار القديمة والجبال المغطاة بالثلوج والوديان المترامية الأطراف والمحيطات الزرقاء، تلتقي بتماثيل القديسين في كل زاوية، وكنائس القرى والضيافة اللبنانية المفعمة بالحيوية.
كتب البابا يوحنا بولس الثاني إلى الأساقفة الكاثوليك اللبنانيين في 7 أيلول/سبتمبر 1989، خلال فترة الحرب الأهلية: «إن لبنان أكثر من مجرد بلد: إنه رسالة حرية ومثال للتعددية
في الشرق والغرب»..
على الرغم من التحديات التي لا تعد ولا تحصى في ماضي لبنان، إلا أن هذا البلد كان دائمًا بمثابة بيان للأمل على مستوى العالم. يحمل لبنان تاريخا عميقا وغنيا، يتميز بصمود وقوة شعبه، الذي تغلب على كل المحن التي ألقيت في طريقه، من المجاعة والحرب إلى الاستعمار والاضطهاد.
بالنسبة للموارنة، لا يمكن المبالغة في أهمية لبنان. وهو موطن قديسيهم وأجدادهم، والمكان الذي بنى فيه الأجداد أسس العقيدة المارونية، وفيه يقع مقر البطريركية المارونية.
عندما يُطلب من العديد من الموارنة وصف لبنان، يستخدمون كلمة واحدة، بسيطة جدًا، ولكنها مليئة بالمعنى: الوطن. لأنها خلوة، مكان يوجد فيه الأمل دائمًا، ومكان يجدد إيمانهم ويعيد ربطهم بجذورهم.
وعلى الرغم من انتشارهم في جميع أنحاء العالم، وإيبارشياتهم في دول لا تعد ولا تحصى، إلا أن الموارنة يجمعهم شيء واحد مشترك، وهو الحب والشوق إلى وطنهم.
ومع ذلك، يبدو أن الأمل يتبدد، وأصبحت رسالة الحرية في لبنان بلا معنى في مواجهة الأزمات المتفاقمة، والتي تؤثر الآن بشدة على العائلات والمدارس والطلاب. تُظهر تقارير الأمم المتحدة الواقع الصادم للتعليم في لبنان: فقد اضطرت 38% من الأسر إلى خفض ميزانيات التعليم واضطر 16% من الأطفال إلى ترك المدرسة. ومع تعرض مستقبل جيل كامل للخطر الآن، هناك مخاوف خطيرة بشأن مستقبل لبنان كأمة.
تواجه المدارس المارونية، التي اشتهرت ذات يوم بالتميز التعليمي في جميع أنحاء البلاد، أزمة وجودية. ومع اقتراب العائلات من الانهيار المالي، أصبح مستقبل هذه المدارس على المحك، مما يهدد مستقبل لبنان بشكل أكبر.
وتضطر الأسر إلى الوقوع في معضلات مستحيلة، حيث يتعين عليها أن تختار بشكل غير عادل أي الضروريات الأساسية يجب أن تعطي الأولوية. الغذاء أم الدواء؟ الملابس أم الكهرباء؟ الفواتير أم التعليم؟
تتصارع أعداد لا حصر لها من الأسر مع هذه القرارات، حيث يضطر الآباء الحزينون إلى التنازل عن مستقبل أطفالهم فقط لضمان إطعامهم ورعايتهم.
وقد دق سيادة المطران أنطوان شربل طربيه، أسقف الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانوسيا، ناقوس الخطر ودعا إلى التضامن والعمل، مؤكداً أن «مستقبل لبنان يمر أولاً من خلال المدرسة». ولهذه الأسباب، وبينما تحتفل الأبرشية المارونية في أستراليا بيوبيلها الذهبي منذ تأسيسها الرسمي، فإن التركيز الرئيسي لهذه المناسبة الهامة هو مساعدة المدارس المتعثرة في لبنان، الوطن الروحي للموارنة.
لطالما كانت الأعمال الخيرية في قلب الموارنة في أستراليا، الذين يجتمعون دائمًا لمساعدة إخوتهم وأخواتهم في لبنان في مواجهة التحديات المختلفة.
سيكون عشاء اليوبيل الذهبي القادم، بحضور صاحب الغبطة وصاحب السيادة مار بشارة بطرس الكاردينال الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والذي سيقام في حدائق روزهيل في 21 أيلول/سبتمبر، فرصة للمساهمة بشكل مباشر في مستقبل لبنان.
سيتم تخصيص أموال العشاء مباشرة لدفع الرسوم المدرسية للأسر المتعثرة، ومساعدة الطلاب على الحصول على التعليم ومساعدة المدارس على البقاء مفتوحة.
وقال المطران طربيه: «بدون التعليم الجيد، سيفقد لبنان جوهر رسالته ورسالته».
ومن المهم الآن أكثر من أي وقت مضى التمسك برسالة الحرية تلك ونشرها على نطاق واسع، لضمان بقاء الأمل للبنان وشعبه.
تشكل زيارة غبطة البطريرك الراعي منعطفا مهما في تاريخ الموارنة في أستراليا، ومناسبة هامة للالتقاء والصلاة مع بطريركهم وراعيهم – رمز وحدتهم – ولمساندة الطلاب المحتاجين. في لبنان لمواصلة تعليمهم.