بقلم هاني الترك OAM

في عام 2013 كتبت مقالة هامة عن ختان الفتيات في صحيفة «التلغراف» .. ولم تكن القضية معروفة للمجتمع الاسترالي .. وحتى ان وزير المواطنية فكتوري دومينيللو قال لي انه لم يسمع بها قبل ذلك.. وفازت المقالة بجائزة افضل افتتاحية في الاعلام المتعدد الحضارات عام 2013 تسلمتها من رئيس حكومة الولاية آنذاك باري اوفاريل.. وبدأ الرسميون يهتمون بالقضية لما فيها من ظلم في حق الفتيات.. ووزيرة الخدمات المجتمعية آنذاك برو غاورد واضطرت للاعتراف ان (الختان) ممارسة تشويه العضو التناسلي القسري للفتيات منتشر اكثر مما تفيد التقارير ومن السهولة ممارستها في الخفاء اذ تمارس بالشفرة او بالسكين من اجل اخفائها.

وتقوم حالياً لجنة من دائرة الصحة في الولاية بقيادة ليندا جورج بعملية توعية بين اعضاء المجتمع لابراز خطورتها.. وذلك اثر تجريم والد استرالي بتهمة اخذ طفلته البالغة من العمر تسعة اشهر خارج استراليا واجراء عملية الختان لها.. وقالت الوزيرة غاورد انه سوف تنزل عقوبة السجن لمدة سبع سنوات لكل شخص يمارس الختان في حق طفلته.. فإن الاحصاءات تفيد ان 120،000 انثى استرالية خضعن للعملية الظالمة ومعظمها خارج استراليا.. وقد عرض برنامج وثائقي على تلفزيون اس بي اس يصور عملية الختان للفتيات القاصرات اذ تربط يديّ وقدمي الطفلة وتجرى لهن عملية الختان.. واهل الطفلة يزغردون ويفرحون ويحتفلون بعد اجراء العملية.

واجرت لي آنذاك المذيعة المعروفة ترايسي في الراديو الوطني ABC لقاءً بالانكليزية شرحت فيه صور الممارسة غير الانسانية وانها ضد القانون وجريمة في حق الفتيات سواء اجريت في استراليا او الاستراليات خارج استراليا.. اذ تعتبر ممارسة ثقافية وليست دينية لأن الديانتين الاسلامية والمسيحية لا تقرها.. ونظراً لأهمية المقالة اعيد نشرها:

حذرت الشرطة الجاليات المتعددة الحضارات في ممارسة تشويه العضو التناسلي للانثى (الختان) بأنه غير قانوني وذلك بعد ان اعتقلت اربعة اشخاص من بينهم شيخ وممرضة متقاعدة ووالدين ووجهت في حقهم تهم ختان طفلتين يبلغ عمر الاولى ست سنوات والثانية سبع سنوات.. ومثلوا امام المحكمة وافرج عنهم بكفالة تمهيداً للمحاكمة المفضلة.. وقال كوماندور الشرطة جو كوليكس ان هذه الممارسات غير مقبولة في نيو ساوث ويلز.. فهي ثقافية تمارس في دول اخرى ولكنها جريمة في نيو ساوث ويلز مثلما ان اصطحاب الطفلة للخارج لممارسة الختان غير قانوني لأن تشويه العضو التناسلي للطفلة جريمة يعاقب عليها القانون ولننظر سوياً الى هذا التقليد الثقافي الخاطئ.

لا يوجد في الدين الاسلامي ما ينص على ختان الفتيات.. وهذه الممارسات غير مقبولة ايضاً في الديانة المسيحية.. مع ان 90 في المئة من الفتيات في مصر يخضعن لعمليات الختان.. وتقدّر منظمة الصحة العالمية ان حوالي 130 مليون  امرأة اجريت لهن عملية الختان.. وما زالت العادة تمارس على مليوني فتاة سنوياً.. وفي استراليا يقدّر عدد النساء اللواتي ولدن في بلاد تمارس شعوبها هذه العادة بـ 120  الف امرأة من بينها  دول مثل مصر واليمن والسودان والامارات العربية المتحدة.

وقد اصدرت معظم الولايات والمقاطعات في استراليا تشريعات  مخصصة لذلك بإنزال عقوبة صارمة على الاطباء والاهالي اذا قاموا باجرائها على الفتيات.. وتلزم التشريعات المواطنين التبليغ  عن اي عملية تجرى من اجل ختان اي فتاة.

والواقع لا يوجد اي مبرر لختان الفتاة والذي يسمى في العالم العربي خطأً بالطهارة.. وهو تقليد ثقافي وليس نوعاً من المتطلبات الدينية.. والذين يمارسون يعتقدون انه صحي وشرف للعائلة ويزيد من خصوبة المرأة ويسهل في عملية الولاية.. هذه  كلها اعتقادات خاطئة.. اذ تفقد الفتاة جزءاً كبيراً من الحساسية بدليل ان المرأة التي لا  تجرى لها عملية الختان تستمتع بعلاقتها الجنسية في الزواج اكثر من تلك التي اجريت لها عملية الختان.. بل ان الفتاة التي تجرى لها العملية قد تعافى من الآلام من الاتصال الجنسي والتهاب في المجاري البولية وصعوبة في الولادة وتشويه للجهاز التناسلي وغيرها من المشاكل الطبية.

واضافة الى ذلك فإن الختان يؤدي الى الضرر النفسي للفتاة لأن هناك علاقة تداخل كبيرة بين الممارسات الجنسية والحالة النفسية للفتاة.. وكذلك فإن الختان يؤثر على الصحة الجسدية والاجتماعية للفتاة مثل الانعزال الاجتماعي والشعور بالنقص.. فضلاً على ان هذا الختان من شأنه ان يؤدي الى استعمال الزوج لوسائل مختلفة من اجل اطالة اللقاء  الجنسي مثل المخدرات والخمور حتى يثير مشاعر زوجته في هذه الناحية.

فقد اطلقت الحكومة الاسترالية اول دليل مرشد عن ختان الفتيات للمهنيين الذين يعملون في حقل الصحة لتحديد النساء  اللواتي اجريت لهن عملية الختان ومساعدتهن من خلال تعليمهن ومنع ممارسة هذه العملية السيئة في استراليا.

والحقيقة ان استعمال كلمة طهارة كمرادف للختان ليس له ما يبرره..فالسؤال هنا: طهارة الفتاة من اي شيء لإجراء الختان؟.. وحتى نكون اكثر دقة يجب عدم استعمال كلمة طهارة او ختان التي معناها بالانكليزية Circumcision والأكثر دقة يجب استعمال اصطلاح Female Genital Mutilation  او تشويه العضو التناسلي للأنثى.