أنطوان القزي

عندما كان الناس يسمعون بمحاكمة سارق أو مرتكب، كانوا يُسمعوننا ونحن صغار عبارة «ما في كبير إلّا الجمل».. هذا كان أيام زمان، يوم كانت الدولة هي التي تقرّر وهي التي تحمي مواطنيها وحقوقهم وأملاكهم.
لم يعد الجمل في بلادنا كبيراً ، بل بات أصغر من الفأر في ظلّ الدويلات والعشائر وأحياء «كل مين إيدو إلو».بل أصبح الفاسدون والخارجون على القانون جمالاً.
في بلدان العالم ، ما زال القول المأثور «ما في كبير إلا الجمل « سارياً، وهل هناك أكبر من دونالد ترامب، الذي يسوقونه هذا الأسبوع الى المحكمة من باب «ما في كبير إلا الجمل».
فقد تم الخميس الماضي، توجيه الاتهام إلى الأميركي الرئيس السابق الذي يسعى للعودة إلى البيت الأبيض عام 2024، في قضية مرتبطة بمبلغ دفعه لممثلة إباحية عام 2016. ومن المقرر أن يكون مثل أمس الثلاثاء، أمام محكمة في مانهاتن ليتبلغ رسمياً بالتهم الموجهة إليه.
في هذا السياق، ترى أستاذة القانون في جامعة دايتون شيلي إنغليس، أنه «تم إثبات أن الديمقراطيات يمكنها محاسبة مسؤوليها السابقين».
وتشير الخبيرة، خصوصاً، إلى مثال فرنسا حيث أدين الرئيسان السابقان جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، مؤكدة أن المؤسسات الديمقراطية «صارت أقوى رغم الادعاءات الحتمية» بوجود دوافع سياسية.
في إسرائيل، سُجن رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت بتهمة الاحتيال، والرئيس الأسبق موشيه كتساف بتهم اعتداءات جنسية. ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو اتهامات بالفساد.
وفي كوريا الجنوبية، سُجن الرئيسان المتعاقبان لي ميونغ باك وبارك كون هيه بتهم فساد، قبل أن يتم العفو عنهما.
وفي حالة مشابهة لقضية دونالد ترمب، خضع الرئيس الأسبق للحكومة ورجل الأعمال الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني إلى عدة محاكمات بتهم التلاعب بشهود، ودفع أموال لقاصر مقابل ممارسة الجنس.
ما زالت الديموقراطيات تسوق حكامها الى قوس العدالة، أمّا نحن، فعطّلنا القضاء بأمّه وأبيه حتى لا تُساق جِمالنا الى المحاكم؟!.
وأمس الأول الإثنين بدأت أمام محكمة خاصة في لاهاي محاكمة رئيس كوسوفو السابق هاشم تاجي المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في حق القوات الصربية خلال حرب الاستقلال بين العامين 1998 و1999.
كما أدانت المحاكم رؤساء ورؤساء وزراء سابقين في فرنسا وإسرائيل وإيطاليا وكوريا الجنوبية ورومانيا وكرواتيا، وأطلقت إجراءات قضائية بحق حكّام سابقين في ألمانيا واليابان والبرتغال. لكن لم يسبق أن وجهت اتهامات جنائية لرئيس أو رئيس سابق في الولايات المتحدة.
وفي باكستان مثلاً، اندلعت احتجاجات حاشدة ضد الإطاحة برئيس الوزراء السابق عمران خان المتهم بالإرهاب. وفي البرازيل، تم سجن أيقونة اليسار والرئيس الحالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بتهم فساد قبل إلغاء إدانته في وقت لاحق.
ويبقى أن السلطات في لبنان لا تستطيع أن توقف فاسداً أو سارقاً أو صوصاً ممانعاً.. لأنه أكبر من الجمل؟!.