تعرّض مقترح لتطوير منجم فحم في أستراليا للرفض بقرار وزاري، بعد تلقي 9 آلاف شكوى محلية من مواطنين يخشون أضرارًا بيئية محتملة بولاية كوينزلاند.
وأعلنت وزيرة البيئة الأسترالية تانيا بليبيرسك، قرارًا نهائيًا برفض مشروع المنجم المقترح بولاية كوينزلاند، وفقًا لموقع مايننغ المحلي المتخصص
وبررت الوزيرة قراراها بالاستجابة لسيل الشكاوى المحلية التي تقدم بها مواطنون يخشون على سلامة الشعاب المرجانية القريبة من المنجم؛ إذ يقع على بُعد كيلومترات قليلة، وهو ما عدّته الوزيرة الأسترالية مخالفًا للقوانين البيئية السارية في البلاد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
أول مرة في أستراليا
هذه المرة الأولى التي يرفض فيها وزير أسترالي مقترحًا لتطوير منجم فحم في أستراليا، استنادًا إلى قانون حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي في البلاد.
كما يمثل هذا الموقف تحولًا كبيرًا في أستراليا، أكبر مصدر للفحم عالميًا، وإحدى أكبر الدول الملوثة للبيئة والمناخ.
وربما يكون لموقف وزيرة البيئة بُعده في أستراليا، التي يُنظر إلى جهودها في خفض الانبعاثات بقليل من الثقة بسبب تصدرها في إنتاج مصادر الوقود الأحفوري عالميًا، بداية من الفحم المتربعة على عرشه حتى الغاز الطبيعي المتنافسة في صادراته عامًا بعد عام.
الشعاب المرجانية في خطر
قالت الوزيرة، في فيديو قصير نشرته على حسابها بموقع تويتر، إن قرارها برفض منح تصاريح لتطوير منجم الفحم بولاية كوينزلاند يرجع إلى حجم الأضرار البيئية المحتملة من تشغيله.
وشرحت الوزيرة الأضرار قائلة: «إن تطوير منجم فحم في أستراليا من نمط المناجم المفتوحة، ويقع على بُعد 10 كيلومترات فقط من الحاجز المرجاني العظيم قبالة الساحل الشمالي الشرقي لأستراليا، يعني أن المخاطر التي ستتعرض لها الشعاب المرجانية حقيقية ولا يمكن إنكارها”.
كما تخشى الوزيرة من تأثر مصادر المياه العذبة في محيط المنجم، إضافة إلى الأعشاب البحرية التي تغذي أبقار البحر وتُسهِم في غذاء الأسماك وتكاثرها.
وقالت الوزيرة، موجهةً جانبًا من حديثها للبرلمان، إنها ستتخذ كل قرار يعرض عليها على أساس كل حالة منفردة، وفقًا للقانون وحدود العلم المتاح، وفقًا لموقع نيوز ناشن.
وسبق أن اقترح رجل الأعمال الأسترالي المثير للجدل كلايف بالمر، إنشاء منجم فحم في أستراليا بالقرب من ساحل كوينزلاند، وكان من المخطط أن ينتج قرابة 20 مليون طن من الفحم الحراري وفحم الكوك سنويًا على مدار 24 عامًا، بحسب حكومة ولاية كوينزلاند.
وكان من المقرر -في حالة الموافقة على المشروع- حفر حفرتين كبيرتين مفتوحتين شمال مدينة روكهامبتون وسط ولاية كوينزلاند، إلا أن موقف وزيرة البيئة ألغى المشروع.
بينما قالت الحكومة الفيدرالية إن هذا الرفض لن يؤثر في مقترحات المشروعات الأخرى، وفقًا لموقع إيه بي سي نيوز المحلي
أكبر مصدر لفحم الكوك
تصنف أستراليا بأنها أكبر مصدر للفحم المعدني المعروف بفحم الكوك، عبر استحواذها على 30% من إجمالي صادراته العالمية، بينما تصنف إندونيسيا أكبر مصدر للفحم الحراري عالميًا.
وتُعَد الصين أكبر مستورد للفحم الأسترالي بنسبة 25%، ما يعادل 92.1 مليون طن تقريبًا، وفقًا لبيانات عام 2019، قبل أن تخفض بكين وارادتها لأسباب سياسية خلال الأعوام الـ3 التالية.
كما تصنف أستراليا من أكبر الدول المصدرة لخام الحديد في العالم، إضافة إلى منافسة صادراتها من الغاز المسال، للولايات المتحدة وقطر، على مركز الصدارة العالمي خلال السنوات الماضية حتى 2022.
لهذا السبب، تتعرض أستراليا لانتقادات حادة من قِبل أنصار البيئة والمناخ، بوصفها مصدرًا صافيًا لانبعاثات كل أنواع الوقود الأحفوري من أسوأها (الفحم)، إلى أقلها ضررًا (الغاز الطبيعي).
ونادرًا ما تجمع البلاد المصدرة للوقود الأحفوري بين هذه الأنواع مجتمعة مع المنافسة على صدارتها عالميًا؛ ما يجعل أستراليا حالة فريدة في العالم.
حكومة حزب العمال
الحاجز المرجاني العظيم المعرّض للتلوث في أستراليا – الصورة من موقع mining
تطمح حكومة حزب العمال المنتخبة مايو/أيار 2022، إلى تكثيف جهود أستراليا لخفض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2005، على أمل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
وأعلنت شركة إيه جي إل إنرجي الأسترالية (سبتمبر/أيلول 2022) تخليها نهائيًا عن الفحم بحلول عام 2035، بالتوازي مع خطط استثمارية طموحة لتوليد الكهرباء من المصادر المتجددة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتعرضت الشركة المتخصصة في توليد الكهرباء عبر الفحم، لضغوط شديدة من قبل أكبر مساهميها، الملياردير الأسترالي مايك كانون بروكس، المعروف بمناصرته لقضايا البيئة والمناخ؛ ما اضطرها لتبكير خطة التخلي عن الوقود 10 سنوات عما التزمت به سابقًا.
إغلاق أكبر منجم 2030
كما تعتزم شركة بي إتش بي إغلاق أكبر منجم فحم في أستراليا بولاية نيو ساوث ويلز، بحلول عام 2030؛ استجابةً للضغوط البيئية والمناخية.
وتعتمد أستراليا على الفحم في توليد الكهرباء بنسبة 60% -تقريبًا- بينما تعتمد على الغاز بنسبة 7%، أما مشروعات الطاقة المتجددة فتستحوذ على 34%، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتخطط أستراليا لزيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الوطني إلى 82% بحلول عام 2030، عبر دعم مشروعات الطاقة الشمسية على الأسطح، وطاقة الرياح البرية والبحرية ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
أداء قياسي للطاقة المتجددة
تتميز أغلب الولايات الأسترالية بمناخ جيد من ناحية معدلات سطوع الشمس واندفاع الرياح؛ ما أسهم في نمو مشروعات الألواح الشمسية وتسجيلها أرقامًا قياسية خلال السنوات الماضية.
وسجّل قطاع الطاقة المتجددة في ولاية ساوث أستراليا، طفرة تشغيلية هي الأولى من نوعها في العالم خلال شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2022.
فقد استمر الأداء التشغيل لمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لأكثر من 10 أيام متواصلة دون انقطاع مع تغطية الطلب المحلي على الكهرباء بنسبة 100% خلال المدة من 9 إلى 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
كما أظهرت بيانات حديثة احتفاظ ولاية ساوث أستراليا بالمعدل القياسي نفسه خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2022 كاملًا، مع تلبية الطلب على الكهرباء طوال الشهر بنسبة 85.4%.