أعطى النائب العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زاهر حمادة أمس الأول السبت اشارة ترك وليم نون، شقيق شهيد فوج إطفاء بيروت جو نون، بسند إقامة بعد توقيفه على خلفية تهديده بـ»تكسير العدلية”.
وكانت مصادر القاضي حمادة ذكرت أنّ إطلاق سراح نون «مشروط بتوقيعه على تعهّد بعدم تكرار الجرم”.
إلى ذلك، ذكرت معلومات أنّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، تواصل مع عائلة وليم نون وهو يعمل على متابعة القضية وسيُتابعها شخصيًّا فور عودته إلى لبنان.
وفي كلمة مقتضبة بعد إطلاق سراحه، تداولتها وسائل إعلام محلية، قال نون «نحن أبناء قضية 4 آب وليس لدينا أمر شخصي ضد أي أحد”.
وأضاف «نريد فقط الحقيقة والعدالة»، متعهداً بمواصلة النضال من أجل استكمال التحقيق.
وفي حديث لقناة «الجديد» ، كشف نون أنه وليام أنه وقع على تعهد لعدم التعرض بشتائم للقضاة وعدم رمي قصر العدل بالحجارة» مشيرا إلى أنه لا ينوي فعل ذلك وما جرى كان بعد استفزاز.
وشارك وليم الذي يُعرف بانتقاداته الحادة لكل ما يعرقل التحقيق وتصدّر كافة التحركات الاحتجاجية لأهالي الضحايا.
وفي اعتصام الثلاثاء أمام قصر العدل، طالب بإعادة إطلاق التحقيقات في قضية انفجار المرفأ.
وظهر على شاشات التلفزة وهو يرمي حجارة على نوافذ عدد من مكاتب قصر العدل.
وكان في عداد الأهالي الذين نظموا اعتصاماً أمام قصر العدل، احتجاجاً على محاولة تعيين قاض رديف مكان القاضي طارق بيطار.
وهدد في تصريحات خلال الاعتصام وعبر شاشات التلفزة إنهم قد يقدمون على «تكسير» أو «تفجير» قصر العدل في ما لو جرى ذلك.
وقال النائب ملحم خلف، النقيب السابق لمحامي بيروت بعدما أمضى ليلته داخل مقر أمن الدولة
«ميزان العدالة معطل ويستقوي على الضعيف» مضيفاً «ليتهم ينفّذون بالحماسة ذاتها كافة المذكرات الصادرة عن المحقق العدلي في جريمة المرفأ» وفق وكالة فرانس برس.
والتحقيق معلّق منذ أكثر من عام في الانفجار الذي نجم وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون اجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
وبعد نحو خمسة أشهر من تسلّمه الملف إثر تنّحي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن القاضي بيطار عزمه استجواب مسؤولين سياسيين بينهم رئيس حكومة سابق ونواب مدعى عليهم طلب من البرلمان رفع الحصانة عنهم. كما طلب منحه الإذن لملاحقة مسؤولين أمنيين بينهم مدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا وادعى على مسؤولين عسكريين سابقين.
لكنه اصطدم بتدخلات سياسية حالت دون اتمام عمله، مع اعتراض قوى رئيسية أبرزها حزب الله، اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في لبنان، على عمله واتهامه بـ»تسييس» الملف، وصولاً إلى المطالبة بتنحيه.
مخزومي
غرّد النّائب فؤاد مخزومي على حسابه عبر «تويتر”و
“لأنّ صوت الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه، خرج وليام نون منتصراً”.
القضاة الأوروبيون
في سياق آخر، يترقب لبنان اليوم الاثنين انطلاق أولى جلسات الاستجواب القضائية التي سيجريها وفد قضائي أوروبي من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، بدأ بالوصول إلى بيروت تباعا، في مهمة قضائية تستمر حتى 20 كانون الثاني الجاري، في سياق تحقيقات مالية أوروبية بقضايا اختلاس وتبييض وتهريب أموال وإثراء غير مشروع وتهرب ضريبي، ترتبط معظمها بشخص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأقارب ومعاونين له.
الوفد يضم مدعين عامين وقضاة تحقيق ومدعين عامين ماليين من الدول الأوروبية الثلاث، بدأ وصولهم منذ التاسع من يناير، ومن المنتظر أن يستمعوا إلى مجموعة من المسؤولين المصرفيين وموظفين في مصرف لبنان ونواب حاليين وسابقين لحاكم مصرف لبنان، كلهم بصفة شهود، إضافة إلى رجل أعمال لبناني بصفة مشتبه به في قضية منفصلة.
وفيما لم تنشر أي لائحة اسمية رسمية للبنانيين الذين سيتم الاستماع إلى شهاداتهم، جرى التداول إعلاميا وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بلوائح مسربة وأسماء وأرقام متضاربة، فيما أكد النائب العام التمييزي اللبناني غسان عويدات أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليس ضمن اللائحة في المرحلة الراهنة، إلا أن ذلك لا يلغي امكانية طلب الاستماع إليه في مراحل لاحقة.
وأثارت هذه المستجدات حالة من الترقب والحذر في لبنان، لاسيما على الصعيد السياسي، ففيما تشهد الخطوة الأوروبية ترحيبا سياسيا وشعبيا من أطراف لبنانية عدة، تجد فيها نافذة أمل بمحاسبة وكشف للفساد، يلقى الدخول الدولي على الملفات القضائية اللبنانية معارضة قسم آخر من اللبنانيين والأحزاب الذين يرون فيه تعديا على السيادة اللبنانية، الأمر الذي يثير مخاوف من عرقلة ممنهجة لمهمة الوفد الأوروبي، بدأت بوادرها بالظهور، بهدف حماية المتورطين أو تعطيل التحقيقات.
وتتولى السلطات اللبنانية اتمام التحضيرات الإدارية واللوجيستية لبدء التحقيقات الأوروبية، حيث جرى تجهيز القاعة العامة لمحكمة التمييز في قصر عدل بيروت الذي ستجري فيها الاستجوابات، بالمعدات اللازمة من إضاءة ومكبرات صوتية وقرطاسية وغيرها، كما تتخذ الأجهزة الأمنية اللبنانية إجراءات خاصة لحماية الوفود الأوروبية ومقار إقامتها ومواكبة تحركاتها.
وسيشهد صباح اليوم الاثنين اجتماعا بين النائب العام التمييزي اللبناني والوفود القضائية الأوروبية لمناقشة خطة العمل، قبل البدء بالتحقيقات التي سيشرف عليها القضاء اللبناني لضمان تنفيذ الاستنابات القضائية الأوروبية، دون تجاوز القوانين اللبنانية وصلاحيات القضاء اللبناني.
عرقلة مبكرة
إلا أن ذلك لم يمنع تسجيل تطورات قضائية لافتة، أشارت بوضوح إلى أن مهمة القضائيين الأوروبيين لن تكون بالسهولة المرجوة ولا بالأريحية المتوقعة من الجانب اللبناني. فقد سجل الوفد الألماني انزعاجا واضحا في اليوم الأول لعمله إلى جانب القضاء اللبناني، وذلك بعدما رفض النائب العام الاستئنافي اللبناني زياد أبو حيدر طلب مدعي عام التمييز تسهيل مهمة المحققين الأوروبيين، حيث غادر مكتبه وأقفل خطه، الأمر الذي دفع عويدات إلى التلويح بإحالته على التفتيش القضائي.