دخل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا القصر الرئاسي مرتين في السابق من 2003 الى 2011 وهو يحمل السندان بيد والمطرقة بيد أخرى.. وبعد سنتين من السجن أطلق سراحه لينتخبه البرازيليون يوم الأحد رئيساً للمرة الثالثة لأنه يحمل شهادة الرئيس الأكثر شعبية في البرازيل.
البرازيليون اختاروا «الكندرجي» ماسح الأحذية السابق،لأنه مثلهم ويشبههم لأن لولا دا سيلفا كان أول من صدَّرته الطبقة الكادحة لتولي سدة الحكم في البرازيل، ولعبت سياساته الاقتصادية دوراً كبيراً في خفض نسبة الفقر في بداية حكمه الذي استمر فترتين من 2003 إلى 2011.
عاش الرئيس البرازيلي الأكثر شعبية، حياة صعبة في مقتبل عمره، حيث نشأ في أسرة فقيرة، وابتدأ العمل في سن مبكرة من عمره حيث عمل بائعاً للفول السوداني وماسحاً للأحذية، ثم انتقل في ستينيات القرن العشرين للعمل في مصنع للصلب خسر فيه أحد أصابع يده اليسرى.
بدأت مسيرة داسيلفا السياسية بالعمل النقابي الذي انخرط فيه بعد وفاة زوجته الأولى في 1969، ووصل لرئاسة اتحاد عمال الصلب في البلاد عام 1975، وأسهم في إخراج الاتحاد الذي ضم في عضويته آنذاك 100 ألف عامل، من أحضان الحكومة، ليشكل كياناً مستقلاً ذا شوكة في البلد اللاتيني الأكبر.. ليقوم على إثر هذا النجاح بتأسيس «حزب العمال» أول حزب عمالي اشتراكي في البرازيل، ليدخل الكونغرس البرازيلي في 1986، ويخوض أول سباق رئاسي له في 1989، ثم في 1994 و1998، لكنه خسرها جميعاً.
ولا ندري هل ابتسم الحظ له في 2002 أم ابتسم للأمة البرازيلية، حيث نجح في الوصول إلى سدة الحكم، لينقل البرازيل خلال فترتين رئاسيتين من دولة ترزح تحت اقتصاد متعثر إلى مشروع عملاق اقتصادي سريع النمو بفائض بلغ نحو 200 مليار دولار عند مغادرته للسلطة، وذلك بفضل رؤية تكاملت فيها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
وبعد مغادرته السلطة في 2011، واجه لولا دا سيلفا تهماً بسوء استخدام الأموال العامة في تمويل حملته انتخابية عام 2004، ورغم الإدانة إلا أن دا سيلفا فاز يوم الأحد في سباق الانتخابات الرئاسية، نظراً لأنه كان يوماً الرئيس الأكثر شعبية في البرازيل.
البرازيليون وضعوا ثقتهم برئيس لا يملك المليارات في المصارف السويسرية ولا يوجد على كتفيه تيجان ونجوم بل أنه يفقد إحدى أصابع يديه، ولأنه كان يعمل ما يعمله الناس، وعانى ما يعانون، أحبهم وأحبوه ، وما أعاده الى الحكم ليس الأصابع التسعة الباقية في يديه، بل الإصبع المفقودة.