بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com

لعل أكثر من ربع سكان العالم شاهدوا جنازة الملكة الراحلة (اليزابيث الثانية ملكه بريطانيا ودول الكومون ويلث) في هذا الاسبوع في مدينه لندن عاصمه الدولة البريطانية وسواء كنت من المحبين لها أو المعجبين بها أو عكس ذلك فلا شك أن حدث التشيع كان مهيبا وعلى درجه عالية من الاحترافية والاتقان ويبدوا أن الترتيبات البروتوكولية والدبلوماسية لهذا اليوم قد أعدت بتاريخ مسبق لرحيل الملكة وقد لا يكون مستغربا على الحكومة البريطانية هذا التقليد فقد استعمرت العديد من دول العالم والراحلة نفسها حكمت لمده سبعين عاما وقد تكون الأطول في تاريخ الدول.

الجمع الغفير الذي حضر مهرجان أو حدث التشيع والتتويج في نفس الوقت لابنها ( الملك تشارلز الثالث ) قد حضر بدعوات خاصه من القصر ليشارك في هذا اليوم ويلقي نظره الوداع على الملكة التي كانت تحكم وتسيطر على نصف العالم تقريبا ومنذ زمن بعيد ولا تدرى من منهم السعيد أو التعيس بهذه النهاية وقد ترى على وجوهم أو رؤوسهم الطير فكم من زعيم أفريقي قامت الملكة بالسيطرة على ارض بلاده أو تغير مجرى الحكم فيها وكم من ملك تم تعينه من قبل الملكة ليحكم بالنيابة عنها ويتحكم بأمور البلاد والعباد ولربما البعض كان محدقا في التاج المرافق للكفن والمرصع بالذهب والالماس والتي ربما جاءت معظمها من أفريقيا على طبق من فضه لصاحبه الجلالة و البعض الاخر يتذكر وربما بمراره عن الأوضاع والبؤس الذي كان يخيم على بلاده نتيجة الاستعمار والقهر والذل ولعده سنوات والبعض القليل كيف طارت بلاده لرضوخ الملكة للضغوط السياسية بعد توريطها في حروب وديون مع الدول المجاورة وأناس مازالوا يقبعون في الارجنتين متحسرين على حرب ( الفوكلاند ) وناس و ناس مازالوا يدفعون ( الجزية ) للتاج الامبراطوري المرصع بثرواتهم ، ومع اعتقاد الكثير بأن النظام الدستوري في بريطانيا لا يسمح للملكة بأن تحكم أو تتدخل في الأمور السياسية وهذا الكلام ليس بصحيح على عواهنه فرئيس الوزراء المنتخب أو المكلف هو من يقوم بإدارة الشؤون الرسمية و السياسية في البلاد وطبعا بموافقه وإشراف صاحبه الجلالة وحقيقه الامر أنها كانت تحكم وتملك وتسيطر وربما أكثر من ذلك حسب روايات وشهود العيان في الدول المستعمرة شرقا وغربا.

ربما البروتكولات السياسية و النفاقيه تحتم على رؤساء وزعماء بعض الدول وشعوبها من الانتظار لبعض الوقت احتراما للموقف وهيبته ولكن مؤكدا بأن الملك الجديد ( تشارلي ) هو الذي سيتلقى السكاكين بدلا من أمه ( الجمل الذي سقط ) فكل الذين حضروا مهرجان التتويج هذا قد أحضروا معهم ملفاتهم فمنهم من يسال عن الاثار التي حصلت عليه الإمبراطورية ( بشكل أو بأخر) ومنهم ومن يسال عن التعويضات المالية التي نتجت عن ضياع دول وأمم بأكملها ومنهم من تقسمت أراضيهم بسب تصرف الحكومة الاستعمارية ومنهم من يطالب بالانفصال والرغبة بالوحده والحرية والاستقلال ( أسكوتلندا) ومنهم من يريد إلغاء صوره الملكة من الدولار والدينار ومنهم من يريد تغير العلم ومنهم ومنهم .
أما في استراليا فلا شك أن الحكومة ( حزب العمال) الحالية قد أخذت بمبدأ التريث وعدم التسرع في تغير العلم والعملة النقدية لبعض الوقت للحفاظ على شعور البريطانيين المقيمين في البلاد وعدم جرح شعورهم في الوقت الذي يمتعض به أصحاب البلاد الأصليين غيظا وغضبا من المذابح والمآسي التي تسببت بها السياسة الاستعمارية البريطانية في بلدهم ومنذ العام 1788 وحتى الان والله المستعان .