بقلم هاني الترك

By Hani Elturk OAM

 

روجر روجرسون الشرطي السابق والمجرم المعروف الذي قضى اكثر من عقوبة السجن لجرائمه المتكررة التي ارتكبها وهو الآن يقبع في السجن خلق القضبان الحديدة للجريمة التي ارتكبها  العام الماضي بقتل متعامل بالمخدرات سئل عن العديد من الجرائم التي اقترفها ومنها ايمانه بالله.. فقال ان شخصاً مجهولاً قد ارسل له نسخة من الكتاب المقدس مرفق بملاحظة:
«اين ستكون في الابدية»؟ لعله يتعظ ويكفر عن ذنوبه ويتوب اثناء قبوعه في السجن.. قال روجرسون انه يعتقد بوجود الله بصفات معينة ولكنه ليس متدنياً ولا يعرف ماذا ينتظره بعد الموت.. وكرر كلمة «لا اعرف.. وربما اذا طرقت ابواب الجنة سوف ارجع على اعقابي مخذولاً ويرفض قبولي بسبب الحياة المجرمة التي انتهجتها.. ولو كانت هناك جنة ويعيش فيها المؤمنون ربما تكون الحياة فيها جميلة ولكن ستكون مملة».
اثرى اثرياء استراليا كير باكر الذي توفي ملحداً منذ عدة سنوات قال حينما ألمت به ازمة قلبية عام 1990 وعاد الى الحياة قال انه لم ير شيئاً هناك.. وقال لو انه التقى بالنور الذي من المفروض رآه الذين مروا بتجربة حافة الموت فانه سوف يذهب الى الكنيسة فوراً.. ولو كان هناك جنة فإنني لا استحقها لأن اناساً كثيرين يستحقونها اكثر مني».
والسؤال الذي احتار به البعض: هل توجد جنة ونار؟
الكنيسة الانكليكانية وهي من اكبر الكنائس في العالم الغربي وفي استراليا اتت بفتوى غريبة من نوعها.. وفحواها انه بعد الموت لا يذهب الاشرار الى النار او الجحيم ولا يوجد عقاب.. لأن ببساطة لا يوجد نار متقدة ولا جحيم بعد الموت.. وكل ما في الامر انه يُعدم وجود الاشرار الى الابد بعد موتهم.. ويختفي حقهم في الحياة ثانية.. اما الناس الاتقياء فإنهم قد يكافأون بوجودهم مع الله.. وهذه هي الجنة.. اي انه لا توجد دينونة عامة.
وهذه الفتوى للكنيسة غير صحيحة.
فمن خلال مطالعاتي في الكتاب المقدس والكتب العلمية والروحية.. وبعد دراسة وتأمل عبر السنوات الطويلة توصلت الى القناعة ان الروح (العقل) هي حقيقة لا يمكن انكارها واصبحت من الحقائق المسلّم بها.. والحياة على هذه الارض مجرد تجربة تمهيدية تعليمية للولوج الى الحياة الابدية بعد الموت.. اي الانتقال من حياة الى حياة اخرى.. وتحدث عملية الفرز والتصنيف لبني البشر فور وقوع الموت اي مفارقة الروح الجسد الطبيعي.. اي انفصال الجسد النوراني وتحلل الجسد الطبيعي الفيزيائي بعد الدفن في التراب وفنائه.
ومن خلال تجارب كثيرة مسجلة في مجال حافة الموت تتألم الارواح الشريرة وتعاني عذاباً فظيعاً.. اما ارواح الابرار فيها تشعر بنوع عميق من السلام والفرح بعد الموت.. وفي الحياة الاخرى تعيش الارواح الطاهرة حياة مليئة بالسعادة والسلام والمحبة.. حيث لا مرض ولا الم ولا عذاب .. وانما نقاش وحديث ولقاء كله ود وسلام عميق مع ممارسة الاعمال التي يحبها الشخص ولكن بطريقة سامية.. فمع ان كل روح تتكلم لغتها الاصلية الا انها تفهم على بعضها البعض.. والأكثر من هذا يكون الاتصال عن طريق العقل حيث لا يستطيع الشخص ان يظهر عكس ما يبطن امام الآخرين كما هوالحال في الحياة الارضية.. بل يكون الانسان عبارة عن كتاب مفتوح.. فمن المستحيل ان تكون الحياة تجربة تمهيدية تعليمية وبمثابة الامتحان الأكبر بدون عذاب وعقاب.. بالفرح او المعاناة..
وعلى مدى الفي عام منذ القدوم الاول ليسوع المسيح ظهرت تفسيرات وبدع واجتهادات كثيرة حول العقاب والثواب.. ومن ضمنها ملحمة دانتي الشهيرة في تاريخ البشرية التي تحمل عنوان «الكوميديا الالهية» وهي التي كتبت في القرن الثالث عشر الميلادي.. والتي تعتبر عملاً رمزياً وادبياً ودينياً اذ ان جزءاً منها مستوحى من الإنجيل والقرآن.. اذ يعتقد البعض من المؤرخين ان دانتي قد تأثر بـ ابو العلاء  المعري الذي سبقه الى الكتابة في هذا الشأن.. والكوميديا الالهية مستوحاة من الإنجيل عبر المشهد الثقافي والسياسي والديني في ايطاليا في ذلك القرن.. وهي توجز جميع افكار دانتي ومشاعره حول نفسه والعالمين الزمني الارضي والابدي.. وفيها يصف دانتي مرشده الشاعر التاريخي فرجيل في رحلته عبر المطهر والجحيم والفردوس.. وهي تقول بعذاب الاشرار بعد الدينونة بحيث ان العقاب يناسب الخطايا على الارض.
لقد قرأت معظم اعمال الفيلسوف العملاق ايمانويل سويدبيدج.. فمن خلال اتصاله مع عالم الروح على مدى ثلاثين عاماً متواصلة يقر بوجود النعيم والجحيم.. وهو يشرح ذلك بمثل دائرة مستديرة مركزها الله.. النور الحقيقي.. وعلى مقربة منه الانبياء والقديسين.. وعلى مساحة ابعد من مركز الدائرة يوجد الناس المؤمنون الابرار.. وفي مناطق ابعد بكثير يعيش فيها الاشرار.. اي كلما ابتعد الشخص عن مركز الدائرة يكون موقعه اقل سعادة في الحياة الاخرى وطبقاً لاعماله على الارض.
وهناك كتب عديدة نشرت عن معجزات مادجيغوريا والتي بدأت في الثمانينات ولا تزال تحدث حتى الآن وتؤكد وجود الجحيم والنعيم.. وفي احد هذه الكتب ان السيدة العذراء مريم خطفت بالروح بعض الرؤاة الذين كانوا على اتصال معها وشاهدوا حياة الاشرار والابرار.. وكل وقائعها مسجلة في الكتب.. واطلعت عليها بنفسي  وتعترف بها الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان.. وكانت تصلني على مدى عشر سنوات مجلة رسالة السيدة العذراء باللغة الانكليرية.. وهي تسجل كل الاحداث التي تم فيها الاتصال بين الرؤاة الستة في مادجيغوريا والسيدة العذراء.. وترجمت انا كتاباً من الانكليزية الى العربية لاحدى الكنائس في سيدني مأخوذاً عن شريط باللغة الاصلية للرؤاة الذين اتصلت بهم السيدة العذراء وتحتوي الاحداث الاعجازية التي وقعت هناك.
غير ذلك قرأت مقالات عديدة وكتب كثيرة تؤكد وجود الثواب والعقاب.. وهناك كتب عدة عن الذين ماتوا موتاً مؤقتاً وعايشوا الحياة الاخرى ورجعوا ثانية بعد ذلك على الارض.. وكلها تؤكد وجود الجزاء للأشرار ومكافأة الناس الابرار.
وفي الكتاب المقدس نصوص صريحة تؤكد ثواب الابرار وعقاب الاشرار..فعلى لسان يسوع المسيح حيث قال : «هكذا يكون انقضاء العالم: اذ يخرج الملائكة ويفرزون الاضرار من بين الابرار ويطرحونهم في آتون النار هناك يكون البكاء وصرير الاسنان».
إذن يوجد عقاب على عكس ما تزعم الكنيسة الانكليكانية.. ويوجد كذلك الجنة.. والنار هي البعد عن الله في الحياة الثانية وليست ناراً مشتعلة.. والثواب هو الوجود بقرب الله في الجنة حيث العيش بفرح وسعادة الى اقصى حدود ما لم تره عين ولم تسمع به اذن.
اما القيامة العامة فهي الاعلان عن العودة الثانية ليسوع المسيح وهذا موضوع آخر.