بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com
في العام الماضي توفى قريب لي (من بعيد) في مدينه سدني، يحمل نفس اسم عائلتي وربما نفس فصيله دمي وعرقي ولقد حاولت الاتصال به عده مرات قبل رحيله (وقد ناهز الثمانين من عمره على الاغلب) ولكن دون فأئده إذ كانت تردد زوجته بأنه لا يريد أن يرى أحدا ويفضل أن يقضي بقية حياته في غرفته أو عزلته وحيدا بعد أن هجره أقربائه وأصدقائه وربما بعضا من أولاده.
فلسفه الموت فلسفه عجيبة، فالموت الذي يخافه الناس (كل الناس) ويفرون منه لا يغدوا كونه إلا تذوق لحظي ومن ثم انتقال من مرحله روحيه إلى مرحله أخرى تم وصفها بدقه ولكلا الفريقين وربما قد حسمت نقطه الوصول لهذه الرحلة منذ زمن بعيد، فالموت بمفهومه الدقيق لا يعني الهلاك أو الفناء، بل على العكس هي نقطه البداية لمواجهه الحقيقة والتي يجب أن يفرح لها الناس ولجميع الناس الذين أطمئنوا لانهم سيقابلون ملك الملوك ( للمؤمنين) فإن كنت نفرح لموعد ستقابل به أحد الوزراء أو ربما رئيس الوزراء أو حتى ملك من ملوك الخليج العربي أو دول أسيا أو أفريقيا فتنتظر بشوق ولهفه ( وقد لا تنام الليل ) لرؤيه شكله الحقيقي وملابسه وزينته أو عظمته والهالة التي من حوله فما بالك اليوم وانت أمام ملك كل هؤلاء وبدون أي حراسه أو أمن . ويا له من منظر ! سبحانه.
الناس التي تعيش اليوم في العالم العربي أو ربما أماكن أخرى في هذا العالم تستغرب كثيرا من سماع أخبار (حوادث الانتحار) في العالم المتقدم أو المتحضر، فقد كنا نسمع ونحن صغار بأن دولا مثل السويد والنرويج تكثر فيها مثل هذه الظاهرة بالرغم من توافر جميع وسائل الراحة والعيش الرغيد والامن والأمان والاستقرار السياسي والاجتماعي وحتى الإباحية الجنسية وربما الدينية والفكرية.
الصداقة اليوم غدت عمله نادره (فهي ليست ورقيه ولا نقديه لتباع وتشترى) فالناس أصبحت في حيره من أمرها اليوم فلا صديق الامس هو صديق اليوم ولا زميل اليوم يرقى لمستوى الصداقة والصحوبيه وأكتفى الناس بأعز الصديقين : (الكلب والهاتف المحمول) أما بني البشر فلم يعد أحد يعول عليهم لا من قريب ولا من بعيد وربما العزلة والبعد عنهم أصبحت لبعض الناس منهجيه واضحة ومبرمجه و كما فعل قريبي يرحمه الله والله المستعان.