مخاوف من تغيير ديموغرافي في سوريا..
وميليشيات أجنبية تستوطن بيوت المهَجرين
أقرّ الرئيس السوري بشار الأسد بأن حلفاءه في إيران وحزب الله اللبناني، كان لهم دور مؤثر في سياق المعركة العسكرية الدائرة ضد معارضيه على الأراضي السورية، ما دفعه لتقديم «مقابل» لتلك القوات، عبر إعلانه أن «الوطن ليس لمن يسكن فيه وليس لمن يحمل جواز سفره أو جنسيته الوطن هو لمن يدافع عنه ويحميه»، وهو ما أثار مخاوف المعارضة من عمليات تغيير ديموغرافي وإعادة توزيع سكاني وفق المعايير الإثنية والطائفية في البلاد.
وحذّر المستشار القانوني لـ»الجيش السوري الحر» أسامة أبو زيد من «خطورة» ما أعلنه الأسد، معتبرًا أن إعلانه أن «الوطن لمن يدافع عنه»، يعد «مؤشرًا خطيرًا يهدد السوريين بأكملهم، بأن الأرض اليوم ستكون للإيرانيين والأفغان وحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية، وأنه مستعد لحكم سوريا يسكنها أشخاص غير سوريين».
ونبّه أبو زيد، من «تهجير عائلات من دمشق وغيرها ويسكنها أعضاء في ميليشيات تقاتل إلى جانب نظام الأسد»، وذلك «تفعيلاً لمرسوم كان أصدره قبل أكثر من عام، يدعو مخاتير المناطق لتقديم المنازل الفارغة من سكانها، وبعضها بيوت يبلغ سعرها أكثر من مليون دولار في دمشق وغيرها، لعائلات المقاتلين الذين يقاتلون إلى جانبه». وقال: «تحت هذا الشعار، صارت أهم المناطق السكنية تحت سيطرة عناصر مخابرات وميليشيات عراقية وإيرانية وأفغانية». كما توقف عند حادثة جرف البساتين وإخلاء المنازل الواقعة خلف السفارة الإيرانية في منطقة المزة في دمشق، قبل أيام، بذريعة إنجاز مشروع لا تُعرف هويته، معتبرًا أن هذا السلوك «يزيد الأمر خطورة من تغيير ديموغرافي وطرد السوريين وتوفير أرضها لمن يقاتل إلى جانبه».
ورأى أبو زيد أن الخطاب الذي بثه التلفزيون السوري للأسد،: «كان موجهًا للخزانات البشرية التي ترفد النظام بمقاتلين، كما يتضمن وعدًا بأنه لن ينساهم، وسيعوض عليهم مقابل بقائه في السلطة، بحصة من الجغرافيا السورية»، مضيفًا: «التصريح المشبوه الذي ذكرته وكالة (سانا) قبل شهر ونصف عن استعداد 7 آلاف مقاتل للقتال إلى جانب النظام في إدلب، كان بمثابة دعوة لهؤلاء للقتال، ويعطي ترخيصًا للمرتزقة بأن ثمن مشاركتهم سيكون إعطاء البلد لهم».
وتوقف أبو زيد عن قضية التخلف عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، قائلاً إن الأسد «أوحى للمقاتلين الذين يتخلفون عن الخدمة العسكرية، بأن هؤلاء لا يعنون له شيئا»، معتبرًا أن ذلك «إعلان كافٍ للقول إنه عاجز عن حشد الموارد البشرية للمعركة».
وتعاني القوات الحكومية السورية من نقص في الكثير لا يؤهلها للانتشار في عشرات الجبهات ونقاط الاحتكاك العسكري المنتشرة في أنحاء سوريا، وذلك بفعل الانشقاقات التي وقعت، إضافة إلى التخلف عن الالتحاق بالخدمة العسكرية. وأقر الأسد أمس بأن الجيش «يواجه نقصًا في الطاقة البشرية وقد يضطر للتخلي عن مواقع بهدف الاحتفاظ بمناطق أخرى أكثر أهمية في الحرب ضد المسلحين».
وبدأ اعتماد النظام على حلفائه في القتال، بدءًا من ربيع العام 2013. حيث انخرط مقاتلون من الشيعة العراقيين في المعركة، إلى جانب حزب الله اللبناني بشكل أساسي، إضافة إلى مقاتلين إيرانيين، يقول الأسد بأنهم «خبراء». وكان لهؤلاء تأثير مباشر في جبهات حول العاصمة السورية وقرب الحدود اللبنانية، فضلاً عن مشاركتهم في منع مدن رئيسية من السقوط بأيدي المقاتلين المعارضين.
وتتواصل تلك المواكبة في المعارك، بعد أكثر من عامين على تدخلها بالقتال إلى جانب النظام. وقال أبو زيد إن القوة الهجومية في معركة الزبداني (غرب دمشق) اليوم: «يتولاها حزب الله». ونقل عن قيادي في كتائب «حمزة بن عبد المطلب» الفاعلة ضمن لواء «أحرار الشام» الذي يقاتل في الزبداني، أن قوات الاقتحام البرية «بأكملها تابعة لحزب الله»، بينما دور الجيش النظامي «محصور بالقصف الجوي، وبالتواجد البري حول الزبداني خصوصًا في مضايا وبلودان».
وأشار أبو زيد إلى أن الحزب «يجمع مقاتلي النخبة لديه المعروفين بقوات (الصدّ) من جبهات الجنوب، وينقلهم إلى الزبداني للمشاركة في المعركة»، لافتًا إلى أن قوات المعارضة «اكتسبت خبرات كبيرة في التعامل مع مقاتلي حزب الله، نظرًا لأن المقاتلين الذين كانوا ينفذون العمليات النوعية في القلمون، هم من أهل الزبداني، وموجودون الآن في داخلها». وقال: إن تكتيكاتهم «فاجأت حزب الله، فهم أبناء المدينة، ولا ينتمون إلى جبهة النصرة بل إلى كتائب أحرار الشام، ويدركون، كما يدرك حزب الله، أن المعارك لن تكون سهلة».
وكان ناشطون رصدوا قوات أفغانية وإيرانية قاتلت في الجبهة الجنوبية وفي معارك حلب وسهل الغاب في محافظة حماه، قبل أشهر. وقالت مصادر عسكرية في المعارضة السورية إن هؤلاء المقاتلين «كان لهم التأثير المباشر في استعادة النظام السوري لمدينة القصير (جنوب حمص)، ومدينة حمص نفسها، إضافة إلى مدن وبلدات القلمون المحاذية للحدود اللبنانية»، مشيرة إلى أن مقاتلي حزب الله «كان لهم التأثير الأهم في تلك المعارك»، إضافة إلى معارك جنوب دمشق، والجبهة الجنوبية على مثلث القنيطرة ? ريف دمشق – درعا، فضلاً عن مدينة حلب.
وترى المصادر أن المناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها «هي تلك التي شاركت في معاركها قوات حليفة للنظام، أو منعت المعارضة من السيطرة عليها، وتحديدًا مدينتي حلب ودرعا»، مشيرة إلى أن قوات النظام «عاجزة عن استعادة السيطرة على مناطق من غير مواكبة من الميليشيات».