اذا كان العد العكسي لاثنين الاستشارات النيابية الملزمة ، اليوم الاثنين، يوحي بان نتائجه محسومة سلفا لمصلحة تكليف الرئيس نجيب  ميقاتي تشكيل  الحكومة الجديدة استنادا الى توافر أكثرية نيابية تؤيد تكليفه فان ذلك لم يلغ او يحجب قبيل ساعات من موعد الاستشارات التساؤلات والاحتمالات السلبية التي يجب عدم تجاهلها . بداية ، يرسم موقف “التيار الوطني الحر” المعارض لتكليف ميقاتي تساؤلات مريبة للغاية حيال توزيع أدوار واضح ، ومجددا، بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصهره رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل حول سلوكيات التعامل مع ميقاتي على غرار ما سبق لهما ان تعاملا به مع الرئيس سعد  الحريري . اذ ان عون لجأ في حديث صحافي امس الاول الى اللغة المرنة واللينة والمتساهلة حيال ميقاتي في مقابل انطلاق نواب التيار الوطني الحر في هجمات حادة شخصية وسياسية واتهامات بالفساد تناولت ميقاتي مع تأكيدات بان التيار يتجه الى تسمية السفير نواف سلام في الاستشارات . وبطبيعة الحال فان تسمية التيار لنواف سلام تأتي من واقع المناورة لا الجدية في ترشيحه لجعل “ربط النزاع ” محكما بين التيار وميقاتي والتهيئة لجولات صعبة جديدة من المماحكات لدى بدء ميقاتي في عملية تركيب حكومته فورا بعد التكليف .

ثم ان العامل الثاني الذي يرسم ظلال التشكيك في المناخات العميقة عشية اثنين الاستشارات يتمثل في هذا الغموض المتعمد من “حزب الله” الذي يبقي غموضه ورقة ضاغطة على مناخ الاستحقاق حتى اللحظة الأخيرة . فاذا كانت الانطباعات السائدة تؤكد ان الحزب يؤيد او لا يعارض على الأقل تكليف ميقاتي فان تريثه المتعمد في تحديد موقفه وإبقاء الامر عند حدود نصف المحسوم ونصف العالق يبقي السؤال المشروع الكبير جائزا :هل حان الوقت ليفرج الحزب عن الحكومة وتاليا هل ستفرج ايران عن الحكومة الرهينة في نهاية المطاف ؟

بطبيعة الحال الساعات الاتية ستكون حافلة بالتحركات والمواقف والمشاورات المفصلية لبت مصير تكليف ميقاتي الذي تتوافر له مبدئيا أكثرية نيابية من دون اصوات الكتلتين المسيحيتين الكبريين “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” التي اعلنت عدم تسمية اي مرشح . وستعقد الكتل النيابية اجتماعات بين اليوم وصباح غد لتحديد الموقف قبل التوجه الى الاستشارات في حين ذكر ان ميقاتي سيلتقي فور عودته الى بيروت عددا من الشخصيات السياسية للتشاور معها من بينها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

وفي انتظار اعلان كتلة”حزب الله” موقفها صباح اليوم الاثنين اشارت معلومات الى تواصل حصل بين “حزب الله” ورئيس “التيار” جبران باسيل، الذي أبلغ الحزب بعدم تسميته لميقاتي .

وفي غضون ذلك شن عضو تكتل “لبنان القوي” النائب حكمت ديب هجوما حادا على ميقاتي معتبرا ان “على الرئيس نجيب ميقاتي شبهة في الإثراء غير المشروع وفي مواضيع عدة أخرى”، سائلاً: “هل سيقبل الرأي العام اللبناني والمجتمع المدني بشخص لديه هذه الارتكابات؟”. وأكد أن التكتل متوجه الى عدم التسمية أو تسمية شخص آخر اذا توّفر الحظ له.وقال في حديث تلفزيوني” اذا اعاد ميقاتي قروض الإسكان مع فوائدهم ينال صوتي، واذا اعاد الـ500 دولار لتأسيس الخط الخليوي، ونحن بأمس الحاجة لكل دولار، الذي أخذ خلافا للقانون، أو اذا تبرع بملياري دولار لشراء الدواء ودعم المحتاجين أصوت له”.

بدوره، غرد المسؤول عن العلاقات الدولية في “التيار الوطني الحر” طارق صادق عبر صفحته في “تويتر”: “نحن لن نسمي الميقاتي رئيسا للحكومة، وسنعطي فرصة قصيرة للتشكيل قبل الاستقالة من المجلس النيابي. الميقاتي مرشح الأميركان والمنظومة الفاسدة، بينما نواف سلام كان سفيرا للبنان في الأمم المتحدة ويملك تاريخا عروبيا ومناصرا لفلسطين. بفهم بري والحريري وجنبلاط يمشو بميقاتي بس الحزب ليش؟”

لكن الاجواء المائلة الى حصول التكليف الاثنين رجحت كفة الليرة مقابل الدولار. فأشارت معلومات الى الاستمرار في انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء لليوم الثاني ، كما انه للمرة الاولى منذ اشهر طويلة عانى عدد من الصرافين من نقص في السيولة بالليرة اللبنانية بعد الإقبال الكبير على تحويل الدولارات قبل اثنين التكليف . ورجحت مصادر ماليّة أن يكون التراجع في سعر الدولار في السوق السوداء سببه هذا الامر، بالإضافة الى الأجواء الإيجابيّة عن تكليف رئيس حكومة جديد اليوم واحتمال حصول تأليف سريع للحكومة.

وفيما تفاقمت ازمات الكهرباء والمحروقات والدواء بشكل خطير وعانى اللبنانيون الاختناقات بفعل انقطاع المحروقات والكهرباء وتقنين المولدات، برزت من النافذة العراقية مسالة تزويد لبنان بالفيول حيث رأس رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي مراسم توقيع اتفاق مع لبنان لتوريد النفط مقابل الخدمات والسلع. ووقع عن لبنان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر العقدَ النهائي لاستيراد مليون طن من الفيول الذي يُفترض ان يصل الى لبنان خلال الاسابيع المقبلة بعد اكتمال الاجراءات الادارية والتقنية واللوجستية.وأشارت المعلومات الى توقيع عقد تقني بين المديرية العامة للنفط بشخص مديرتها أورور فغالي وشركة سومو العراقية التي ستتولّى عملية تصدير النفط العراقي إلى لبنان.

وتعود أزمة المحروقات كما يكرّر المستوردون إلى عدم فتح مصرف لبنان اعتمادات كافية لاستيراد الكميات التي تحتاج إليها السوق المحليّة، فضلاً عن التخزين المستمر من قبل المواطنين والتهريب إلى الأراضي السورية.

وأعلن ممثل أصحاب محطات الوقود في لبنان، فادي أبو شقرا، أنّ هذا الأسبوع سيشهد انفراجاً للأزمة بعدما بدأت بواخر النفط التي كانت راسية بالقرب من الشواطئ اللبنانية بتفريغ حمولاتها من مادتي البنزين والمازوت.

من جهة أخرى، أعلن رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض أن الشركات المستوردة بحاجة لموافقات مسبقة من مصرف لبنان، لكي تتمكّن من استيراد البنزين والمازوت، وتفريغها وتوزيعها مشيراً إلى أنّ حاجة السوق من مادّة المازوت أصبحت مضاعفة، بسبب انقطاع الكهرباء واستخدام المولّدات، الأمر الذي يحتم على المصرف فتح اعتمادات كبيرة للبواخر تكفي حاجة السوق، وعدم الولوج إلى الحلول المؤقتة.

وكانت الأفران أعلنت أنها قد تتوقف عن العمل، اليوم (الاثنين)، بسبب شح مادة المازوت، في ظلّ استمرار تقنين كهرباء لبنان لأكثر من 20 ساعة، إلا أنّ نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم عاد وطمأن اللبنانيين بأنّ الأفران تعمل بشكل طبيعي، بعد تدخل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وتأمين 500 ألف ليتر مازوت للأفران لتسهيل عملها.

وتواصل الجهات الطبية التحذير من كارثة صحية تهدد حياة المرضى، بسبب نفاد مادة المازوت في عدد من المستشفيات، وذلك في وقت ترتفع فيه حالات الإصابة بـ”كورونا” مهددة بموجة تفش جديدة.

وغرقت العاصمة بيروت في عتمة شاملة خلال اليومين الماضيين بعدما توقّف عدد كبير من أصحاب المولدات عن العمل بسبب عدم قدرتهم عن تأمين المازوت، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور للمواطنين وهم ينامون على الشرفات بسبب ارتفاع درجات الحرارة. واضطر عدد من المطاعم والمقاهي إلى إقفال أبوابه، بعدما لم يتمكن من تأمين المازوت لتشغيل المولدات.

وعمد بعض أصحاب المولدات إلى اشتراط الدفع بالدولار للاشتراك الشهري بحجة أنّهم يشترون المازوت من السوق السوداء وبالدولار الجديد.

وفي مدينة صيدا  عمد أصحاب المحال التجارية في شارع رياض الصلح في السوق التجارية، على نقل بضائعهم إلى وسط الطريق مما أدى إلى قطعها أمام السيارات، وذلك تعبيرا عن غضبهم من إطفاء المولدات التي قطعت عنهم التغذية الكهربائية.

وانعكست أزمة الكهرباء وشح المازوت على شبكة المياه التي باتت شبه غائبة عن عدد من القرى.

وذكرت الوكالة الوطنية أنّ الآبار الإرتوازية في منطقة بنت جبيل (جنوب لبنان) تشهد اصطفاف طوابير طويلة من الصهاريج أمامها، بسبب توقف محطات ضخ المياه إلى خزانات عن العمل اضطرارياً، نتيجة فقدان مادة المازوت، وبعض الأعطال في شبكات التوزيع.

ولفتت الوكالة إلى أن أصحاب الصهاريج رفعوا ثمن الخزان سعة عشرين برميلاً من عشرة آلاف قبل ثلاثة أشهر إلى خمسين ألف ليرة.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) حذّرت منذ يومين من انهيار شبكة إمدادات المياه العامة في لبنان خلال شهر بسبب الانهيار الاقتصادي المستمر، وما يترتب عليه من انقطاع للكهرباء وشحّ في المحروقات.

وقالت “اليونيسيف” في بيان لها إنّ أكثر من أربعة ملايين شخص في لبنان، بينهم مليون لاجئ، يتعرضون لخطر فقدان إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب متوقعة أن تتوقف معظم محطات ضخّ المياه عن العمل تدريجياً في مختلف أنحاء البلاد في غضون أربعة إلى ستة أسابيع مقبلة.