جوسلين شربل بدوي – سدني

هذا هو الشعار  الذي اطلقه قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس، عندما دعا قادة الطوائف المسيحية اللبنانية،الكاثوليك و الاورثوذكس، وعلى رأسهم البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي الى لقاء مسكوني، و يوم صلاة ومشاركة في الفاتيكان،  في الاول من تموز 2021 ( أمس الخميس)، لمناقشة الوضع المقلق في البلاد، وقد أتت الدعوة في سياق سياسة الدعم، والاهتمام الشخصي من جانبه في أزمة لبنان.

لقد طرح قداسة البابا مبادرة روحانية، مقدسة و مباركة  بعنوان” الصلاة معآ من أجل نعمة السلام والاستقرار ” . أما الهدف من هذا اللقاء فهو الصلاة والتأمل من أجل لبنان،  لإحياء الأمل والسلام، في بلد اضطهدته سنوات بل عقود من الازمات السياسية، الاجتماعية و الاقتصادية، و التي بلغت ذروتها في الانفجار العنيف في مرفأ بيروت في 4  آب 2020 الذي دمر و شرذم قسمآ كبيرآ من العاصمة، قتل المئات وشرد الآلاف. ناهيك عن الازمة المالية، التي لم يشهد لبنان مثيلها، و يعيش اللبنانيون تحت وطأتها  منذ حوالي السنتين. فلبنان اصبح محكوما من  عصابة سياسيين محترفين امتهنوا افقار شعبهم ونهبه.

أصبح اللبناني كقول المثل الشائع “معلق بحبال الهوا”، وينتظر اي مبادرة من خارج لبنان، بعد أن قطع الامل من حلول داخلية. فكيف إذا أتت المبادرة من الفاتيكان ومن قداسة البابا فرنسيس شخصيا.

كما يئس اللبناني بعد فشل المبادرة الفرنسية، التي كان قد علق عليها آمالا كبيرة، لعلها كانت تنقذه من السياسيين الفاسدين الذين سرقوا  اموال خزينة الدولة واموال جنى عمره من المصارف. فأتت خيبة الامل الكبرى في اخر زيارة لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان في السادس من ايار 2021، الذي توعد و هدد السياسيين، باعلان عقوبات تطال 40 شخصية لبنانية، من المسؤولين المعرقلين لمسار الحل السياسي و المتورطين بالفساد، و قد تصل العقوبات هذه الى حد الحجز  على أموالهم المنقولة وغير المنقولة، في حال لم يتجاوبوا معه لتأليف الحكومة والبدء بالاصلاحات المطلوبة. الا ان هذه التهديدات و للأسف طارت كلاما في الهواء ولم تجد نفعا فعليا وتطبيقيا.  وبقيت الحالة ميؤوساً منها على حالها، لا حكومة ولا اصلاح.

حان الوقت للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بعد عدة زيارات له و لوزير خارجيته الى لبنان  أن يتعرفوا على نوعية وحقيقة السياسيين اللبنانيين الوقحين، الذين لا يفهمون بالكلام، و غير المبالين بالوضع المذري اللذين أوصلوا البلد اليه. حان الوقت على الفرنسيين والمجتمع الدولي أن يطبقوا بيد من حديد أشد العقوبات على هذه الطبقة الفاسدة وينقذوا الشعب اللبناني من براثنهم وجشعهم.

الاول من تموز 2021  هو يوم تاريخي ومفصلي، إذ يعلق اللبنانيون البائسون و اليائسون, آمالا كبيرة على المبادرة البابوية المباركة.

من المؤكد ان البطريرك الراعي نقل خلال مشاركته هذا اللقاء، كل الهواجس و المخاوف التي كان يشير اليها في عظاته، وفي طليعتها مشروع حياد لبنان، كذلك نقل معه مآسي وعذاب وذل وقهر الشعب اللبناني، و معاناتهم اليومية في جميع القطاعات. وتحدث باسم جميع اللبنانيين و ليس فقط المسيحيين، لان الجوع ليس له دين وقد طال الجميع مسلمين و مسيحيين.

كما ان البابا فرنسيس في عظاته يشدد دائما على التعايش المسيحي الاسلامي،  ويبدي تعاطفه مع اللبنانيين ومعاناتهم واعدا بمساعدتهم في حل الازمات التي تعصف ببلدهم، واضعا الملف اللبناني ضمن اولوياته. لذا نتضرع من قداسته في ختام  هذا اللقاء المبارك ان يرفع عاليا صوت الحق، امام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية،   ويحثهم لايجاد حلول فعالة و سريعة في سبيل  انقاذ ما تبقى من وطننا الحبيب قبل فوات الاوان.

 يا ربي والهي، ومخلصي يسوع المسيح، استجب لصلاة البابا فرنسيس و البطاركة ملتحمة مع  صلاة اللبنانيين المقهورين و المعذبين، اقبل دعاءنا و لا تغفل عنا، نحن عبادك نقرع بابك، خلص لبنان و ارحم شعبه “فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: “قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا”.” (متى 17: 7).