بقلم هاني الترك
By Hani Elturk OAM
تبنى حزب العمال الفيدرالي في مؤتمره السنوي الذي عُقد خلال عطلة الأسبوع كجزء من سياسته الخارجية التعهد بعقد مؤتمر قمة دولي للأمم الديمقراطية في العالم.
والسياسة التي تبناها الحزب هي من بنات أفكار دانيال وايت مستشار النائب الفيكتوري أنطوني بيرن.. ووايت هو مؤسس العمال لاستراليا جمهورية..
من أجل تحقيق أيديولوجية وإقتصادية وتكنولوجية.. بهدف إقامة ديمقراطيات عالمية مع نهاية القرن.. وقد طرح وايت هذه السياسة في كتاب نُشر مؤخراً.
ويتضمن ذلك ضرورة تحول استراليا الى جمهورية.. ففي إستطلاع للرأي العام الاسترالي وُجد فيه ان 51% من الاستراليين يودون تحويل استراليا الى جمهورية.. وذلك بإنهاء دور الملكة إليزابيث كرأس للدولة الاسترالية.. وفك إرتباط استراليا من تبعيتها للتاج البريطاني.. لتصبح استراليا جمهورية مستقلة.. وذلك إستناداً للخطوات التالية:
– من ناحية قانونية صرفة فمنذ قدوم البريطانيين الى استراليا عام 1788 وحتى سنة 1987 كان يحق للبرلمان البريطاني تشريع وسن قوانين سارية المفعول على استراليا.. ولكن في سنة 1987 صدر قانون بريطاني استرالي مشترك يقضي بوضع حد لسلطة البرلمان البريطاني على استراليا.. وهذه مرحلة هامة نحو طريق الاستقلال والمهمة قبل تحول استراليا الى النظام الجمهوري.
– منذ حولي 45 عاماً ألغى البرلمان الاسترالي حق إستئناف القضايا القانونية من المحكمة العليا الاسترالية الى المحكمة العليا البريطانية.. وبذلك أصبح الحكم النهائي للفصل في القضايا القانونية في استراليا هي المحكمة العليا الاسترالية.
– وكذلك فقد ألغت المحاكم العليا في الولايات الإلتزام بالقانون البريطاني.. ولم يعد يحق للمحكمة العليا البريطانية البت في قضايا استرالية تُرفع من المحاكم العليا للولايات.
– منذ تأسيس استراليا وحتى هذه اللحظة أخذت شخصيتها عبر التاريخ تتغير وتتطوّر حتى أصبحت ملامح هويتها وعناصر ثقافتها مخالفة للهوية البريطانية.. ولن تأخذ الشخصية الوطنية الاسترالية ملامح الاستقلال التام والاعتراف الكامل بها من قبل العالم إلا بالإنفصال التام عن التاج البريطاني.. وذلك حتى لا تظل الفكرة العالقة في ذهن العالم طالما انها بقيت تابعة للمملكة البريطانية بأن استراليا ليست دولة ذات سيادة تامة.
– إن جزءاً كبيراً من الاستراليين لا ينحدرون من أصل بريطاني.. وهؤلاء غير مرتبطين تاريخياً أو عرقياً أو ثقافياً من بعيد أو قريب ببريطانيا.. ولا يرون أي معنى على الإطلاق في ولائهم لبريطانيا.. فحينما يحصل المهاجرون على الجنسية الاسترالية الآن يقسمون يمين الولاء لاستراليا بعد ان كان القسم في الماضي للملكة.
– إن الأغلبية من الاستراليين الذين يعارضون فصل استراليا عن بريطانيا يظنون ان تحول استراليا الى جمهورية يعني القضاء على جميع الروابط مع الكومنويلث.. حيث تصبح استراليا غير ديمقراطية وغير مستقرة من الناحية السياسية.. هنا يكمن سوء الفهم.. فإن التحول الى النظام الجمهوري لن يؤثر على النظام الديمقراطي البرلماني فيها.. ولن يكون إنتخاب رئيس الدولة مشابهاً لإنتخاب رئيس جمهورية في الولايات المتحدة.. حيث يترأس الرئيس هناك السلطة التنفيذية أي الحكومة.. في حين أن في النظام الاسترالي لن يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات السلطة التنفيذية.. ولكن تبقى سلطته محدودة كصلاحيات الحاكم العام.. وفي حال تحول استراليا الى جمهورية فلن تخرج من حلف الكومنويلث.. فإن 92% من الاستراليين يحبذون بقاء استراليا في الكومنويلث.
– إن أول بند في الدستور الاسترالي الذي أقر عام 1901 هو ان استراليا دولة تابعة للتاج البريطاني.. وان الملكة هي السلطة العليا فيها.. وممثل الملكة في استراليا هو الحاكم العام الذي يترأس البلاد من ناحية دستورية في استراليا.
– نظام تمثيل الملكة في شخصية الحاكم العام أثبت وجود ثغرات فيه تقود الى أزمات دستورية وسياسية.. ففي عام 1975 طرد الحاكم العام سير جون كير ممثل الملكة هنا طرد رئيس الوزراء ويتلم المنتخب دستورياً من قبل عامة الشعب.. ونجم عن ذلك أزمة دستورية وقانونية وسياسية كادت أن تقسم ظهر البلاد.
– ومن أجل ان تصبح استراليا جمهورية يجب تعديل الدستور لينص على ذلك صراحةً.. وهذا التعديل يتم بموافقة الأغلبية المطلقة من عامة الشعب بعد عقد إستفتاء رسمي بموافقة أربع ولايات على الأقل من الولايات الست.
– فإن فصل بريطانيا عن التاج البريطاني هو ضروري إذ لم يعد لبريطانيا أهمية تُذكر.. أو أي تأثير على استراليا من النواحي الاقتصادية أو العسكرية او حتى الثقافية.. فبعد الحرب العالمية الثانية حلّت الولايات المتحدة مكان بريطانيا كحليفة أولى لاستراليا.. مع ان استراليا إنبثقت من بريطانيا.. ومع انها ورثت منها الميراث القانوني والنظام السياسي الديمقراطي واللغة الإنكليزية.. وبقى إرتباطها بالبلاط الملكي فقط..
صحيح انه لا يمكن للبرلمان البريطاني ان يسن قانوناً يُفرض على استراليا.. ولكن الملكة إليزابيث هي رأس الدولة الاسترالية ويمثلها في استراليا الحاكم العام.. فإن التحول الى النظام الجمهوري هو مجرد مسألة وقت.. ويرى البعض انه سيتم بعد رحيل الملكة إليزابيث.