في عام 2012، فرّت إميلي كونيغ، 36 عامًا، من فرنسا إلى سوريا حيث تزوّجت بمقاتل من تنظيم «داعش». وفي عام 2017، وقعت في الأسر لدى الأكراد، وهي تبذل الآن جهودًا حثيثة من أجل العودة إلى فرنسا.
وفي هذا الإطار، خضعت كونيغ لتغيير كبير في مظهرها الخارجي بدا واضحًا في الصور التي التُقِطت لها في الأيام الأخيرة في مخيم الروج الكردي في شمال سوريا، حيث ظهرت وهي ترتدي ملابس غربية الطابع أسوةً بالبريطانية شاميما بيغوم التي تزوّجت أيضًا من جهادي في تنظيم «داعش»، وهي الآن محتجزة في مخيم الروج حيث خضعت كذلك إلى تغيير في شكلها. وتحاول كلتاهما، من خلال هذا التحوّل في مظهرهما الخارجي، إقناع المعنيين بأنهما تخلّتا عن أفكارهما المتشددة كي تتمكّنا من العودة إلى بلادهما، بحسب ما أورد موقع «ديلي ميل».
وهكذا، تخلّت كونيغ عن النقاب الأسود والقفّازَين والعباءة التي بدأت بارتدائها منذ وجودها في فرنسا، وارتدت بدلًا من ذلك قميصًا مع قبعة، وبنطلونًا ضيّقًا من نوع «الليغينغز»، ووضعت نظارة شمسية، وانتعلت حذاء رياضيًا أبيض، وحملت حقيبةكتف. واعتمرت قبعة بايسبول تحمل شعار فريق «يانكيز»، وأسدلت ضفيرة شعرها على كتفها.
هذا المظهر شبيهٌ بذاك الذي أطلّت به بيغوم التي ظهرت أولًا في مقابلات من سوريا وهي ترتدي حجابًا أسود وعباءة، ولكنها استبدلتهما في الآونة الأخيرة بقبعة بايسبول ونظارة شمسية وسترة hoodie، وقميص أبيض، وجينز أسود، وحذاء أبيض من نوع «كونفرس».
وقد عمدت بيغوم، شأنها في ذلك شأن كونيغ، إلى تغيير مظهرها في مسعى منها لإقناع المعنيين بأنها لم تعد تُشكّل خطرًا كي تتمكن من العودة إلى بريطانيا التي جرّدتها من جنسيتها بسبب التحاقها بتنظيم «داعش».
وفي هذا الصدد، اعتبرت إيليش أوغارا، وهي محللة متخصصة في شؤون مكافحة الإرهاب لدى «جمعية هنري جاكسون»، أن تغيير المظهر الخارجي هو «تكتيك ناعم» ابتدعه محامو بيغوم بهدف «الفوز بقلوب البريطانيين وعقولهم». غير أن محامي بيغوم، دانيال فورنر، نفى أن يكون قد نصحها بتغيير مظهرها الخارجي، قائلًا إن هذا الكلام «عارٍ تمامًا عن الصحة».
وقالت كونيغ في حديث لها مع وكالة الصحافة الفرنسية من داخل مخيم الروج إن مغادرتها فرنسا للالتحاق بتنظيم «داعش» في سوريا «دمّرت» حياتها، مضيفة: «أريد العودة إلى فرنسا. عائلتي هناك. أريد أن أبدأ حياتي من جديد وأصحّح أخطائي».
نشأت كونيغ في منطقة بريتاني، وكان والدها عنصرًا في الشرطة الفرنسية وقد هجر عائلته عندما كانت إميلي في الثانية من عمرها. تقول كونيغ إنها اعتنقت الإسلام في سن السابعة عشرة، وذلك بعد عامَين من توقّفها عن الذهاب إلى المدرسة. ولكن منتِجة الأفلام الوثائقية أنييس دو فيو التي بدأت تصوير وثائقي عن إميلي كونيغ في عام 2012، تعتقد أنها اعتنقت الإسلام بعد عقد قرانها على زوجها الأول الذي كان تاجر مخدرات جزائريًا، وليس قبل ذلك نظرًا إلى أنها كانت تعمل في ملهى ليلي وتواعد العديد من الرجال في سن المراهقة.
وبعد طلاقها من زوجها الجزائري، انتقلت من بريتاني إلى باريس حيث بدأت ارتداء حجاب الوجه الكامل في عام 2010. ولاحقًا، تركت ولدَيها في فرنسا وتوجّهت إلى سوريا حيث تزوّجت مقاتلًا فرنسيًا وأنجبت منه طفلًا، وبعد مقتله، تزوّجت مقاتلًا بلجيكيًا في تنظيم «داعش» وأنجبت منه توأمًا قبل مصرعه.
وقد اعتقلها مقاتلون أكراد مع أولادها الثلاثة في عام 2017 واقتادوهم إلى مخيم الروج. وجرى لاحقًا ترحيل الأولاد إلى فرنسا فيما بقيت كونيغ في المخيم وهي تناضل الآن من أجل السماح لها بالعودة إلى بلادها حيث ترغب في العمل في مجال المحاسبة كما تقول، علمًا بأن باريس تبدي ترددًا في السماح بعودة مواطنيها الذين تجمعهم روابط بتنظيم «داعش»، وغالب الظن أنها ستسعى إلى محاكمتهم بتهمٍ متصلة بالإرهاب.
وفي مخيم الروج، التقت وكالة الصحافة الفرنسية بسيدات أخريات يرتدين ثيابًا عصرية بدلًا من العباءة السوداء التي كنا يرتدينها خلال وجودهن مع تنظيم «داعش»، وقد أبدين رغبتهن في العودة إلى ديارهن.
وقالت كونيغ إنها ترغب في أن يجتمع شملها من جديد بأولادها، ودعت السلطات الفرنسية إلى «التدقيق» في كل شخص على حدة قبل أن تتخذ قرارها، مضيفة «أنا سجينة هنا… لا أملك هاتفًا، وأولادي ليسوا معي، ظروف العيش صعبة».