الصحافية الإذاعية سارة عبو

أفردت صحيفة «صنداي مورنينغ هيرالد»الأسترالية الشهيرة، يوم الأحد، مساحة واسعة لقصة النجاح المثيرة التي حققتها الفتاة السورية سارة عبو، في سلك الإعلام الأسترالي بعدما أصبحت إحدى أبرز المذيعات في أستراليا وعضو في فريق أشهر برنامج إذاعي في البلاد.

وبدأت الصحيفة قصتها بأن أكثر ما يلفت الانتباه عند الحديث إلى سارة هو الدفء الحقيقي في صوتها الذي كان سببا مهما في وصولها وانضمامها إلى فريق عمل أشهر برنامج إذاعي في أستراليا (60 دقيقة)، قبل عامين في سن 33 عاما.

 من دمشق إلى أضواء ملبورن

في عام 1990، وصلت طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات إلى أستراليا من دمشق في سوريا مع والدتها سامية ووالدها فؤاد وشقيقتان صغيرتان هما يارا وشذى.

لم يكن لعائلة عبو أقارب في أستراليا، وتتحدث فقط لغة إنجليزية محدودة، لذلك وصفت سارة الاستقرار في ملبورن بأنه كان «مقامرة» صعبة في البداية.

وتقول سارة للصحيفة «كنا نتجول بين منازل أصدقاء العائلة الذين كانوا كرماء بما يكفي لاستقبالنا.. كنا ننام جميعا معا في إحدى غرف النوم، وكانوا في غرفة نوم أخرى معا.» وبينما تعترف سارة بأن الأمر لم يكن سهلاً، إلا أنها تقول «إنها قصة المهاجرين النموذجية لدعم ومساعدة بعضهم البعض في النهوض».

وتضيف سارة التي تزوجت من شريكها سايروس موران أواخر 2012، «إذا كان أي شخص يضع نفسه في المكان الذي كان فيه والداي، ليقتلع عائلتك من أحد جوانب العالم إلى الآخر … لا يمكنني حتى أن أتخيل القيام بذلك» .

«لكننا لن نفكر في ذلك أبدا لأننا محظوظون جدا للعيش في بلد مثل أستراليا، لسنا بحاجة إلى النظر إلى ما وراء حدودنا لأنها بلد جميل ولدينا مثل هذه الحرية والديمقراطية».

وتتابع الصحيفة سرد القصة: لقد وجد والداها في النهاية عملاً – والدتها في جامعة لاتروب، ووالدها في هيئة حماية البيئة. ومع مرور الوقت، تمكنوا من شراء منزلهم في ضواحي جرينسبورو.

 وبصوت فيه شعور بالفخر تقول سارة: «لا أستطيع أن أنظر إلى قصة والديّ ولا أكون متحمسة وأستوحي منها.. لا شيء صعب مقارنة بما فعلوه .. هكذا أرى الأمر ولا يوجد عذر لعدم النجاح، ولا عذر لعدم مطاردة الحلم..أبي وأمي هما دليل على ما يمكن تحقيقه هنا من خلال ضبط قلبك وعقلك عليه «.

وتتذكر سارة، التي نشأت في حي تقطنه أغلبية من البيض، أنها لم تقابل سوريا آخر خلال سنوات دراستها الابتدائية. وبينما لم يكن هناك الكثير من المهاجرين في المنطقة، لم تشعر أبدا بالتمييز ضدها لكنها شعرت بعلاقة خاصة بالأطفال الإيطاليين واليونانيين والآسيويين الذين تعرفهم.

تتأمل قائلة: «أي مشاعر جلبتها على نفسي.. عندما كنت أنظر حولي، كنت أرغب في أن أكون مثل الأطفال الآخرين: شعر أشقر وعيون زرقاء ولكن من الواضح أنك تنمو في هويتك وتقبلها في النهاية، هذا هو من أنت».

أول سلم النجاح

بعد الانتهاء من المدرسة، دخلت سارة الصحافة في جامعة موناش ورأت دائما مستقبلها في الكتابة الروائية، وعملت خلال الجامعة  في الكتاب السنوي، ولكن بعد حصولها على شهادتها الجامعية، ذهبت في عطلة خارجية مع صديق لها لمدة ثلاثة أشهر، وهي رحلة كانت فترة تحول بالنسبة لسارة.

تقول: «السفر عبر العديد من البلدان الأجنبية حيث لا تعرف أي شخص أو محيطك وعليك التحدث إلى الناس والتعرف عليهم وعلى قصصهم… لولا تلك الرحلة ما كنت سأمتلك الثقة حقا لدخول الصحافة الإذاعية.»

مشوار الحلم

بدأت سارة العمل لفترة  قصيرة في Network Ten ثم انتقلت للعمل في غرفة الأخبار في أديلايد قبل أن تعود إلى ملبورن.

 في عام 2013 ، انضمت إلى SBS ، حيث عملت في World News و Dateline وغطت الأحداث الرئيسية بما في ذلك مؤتمر باريس للمناخ 2015 ، والانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 ، والصراع المستمر في أفغانستان وأزمة اللاجئين في لبنان وتركيا واليونان.

وفي بداية عام 2019 ، انضمت إلى فريق برنامج 60 Nine البرنامج الإذاعي الأشهر في أستراليا.

سارة أمام أبرز شخصيات العالم

بعد شهور فقط من عملها الجديد، كانت سارة تواجه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بأسئلة صعبة («هل أصبحت المملكة المتحدة سخرية في أعين العالم؟»)

وبدها تقف أمام رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد وتسأل آنذاك، ماذا تعتقد أنه حدث بالفعل للرحلة المفقودة MH370.

كان المشاهدون لبرنامجها  الـ60 دقيقية على دراية بحساسية سارة وقدرتها على التواصل مع مواضيعها.. تقول الصحيفة: لقد أصيبت بالبكاء أثناء إجراء مقابلة مع واحدة من 13 امرأة أسترالية تم تفتيشهن بشكل جائر في مطار الدوحة القطري في تشرين أول الماضي، وتأثرت بنفس القدر مع الناجين من ثوران بركان وايت آيلاند في نيوزيلندا الذي قتل فيه 22 شخصا في أواخر عام 2019.

وكل تلك الأحداث جعلت الصحيفة تطلق عليها صفات متناقضة من القوة والصلابة إلى التعاطف والصفاء والود والثقة.

وعلى ذكر الثقة  تقول سارة : «أنا على ثقة أنه لاتوجد صحفية في أستراليا لا تطمح لأن تكون في برنامج مثل 60 دقيقة». «إنها فرصة نادرة لا تعتقد بالضرورة أنها ستحدث. يا له من مكان رائع للعمل! لم أدرك أن ذلك يفتح الكثير من الأبواب إلا بعد أن انضممت. في غضون ثلاثة أشهر من البداية كنت أجلس أمام توني بلير. هذا عندما تضغط على نفسك وتذهب، «هذا يحدث».

وتتابع: «أتلقى رسائل من الجمهور تقول إنهم يشعرون بالفرح أو الارتياح لأنهم يستطيعون مشاهدة التلفزيون ورؤية شخص يشبههم». «إذا تمكنوا من تشغيل التلفزيون ورؤية شخص يشبههم ويمكنهم الارتباط به، فهذا إنجاز، هذا ما نسعى جاهدين من أجله «.

وتختم الصحيفة لقاءها مع سارة بالقول: بعد ثلاثين عاما من قيام سامية وفؤاد بهذه الخطوة الضخمة في جميع أنحاء العالم لمنح بناتهم فرصا أفضل، من الصعب فهم ما يجب أن يشعروا به الآن، ومشاهدة أكبرهم يظهر جنبا إلى جنب مع ساعة التوقيت المميزة في ليالي الأحد. هل هم فخورون؟ توقفت سارة، وأجاب الأهل «نحن فخورون جداً بهم.»