5 رصاصات أنهت حياته، كاتمة صوته الذي كان يصدح مطالباً بلبنان الحرّ المستقل، خطا المجرمون لتصفيته.

وفي الأمس كانت نقطة الصفر، داخل سيارته افرغوا نيران حقدهم واختفوا من مسرح جريمتهم.

عائلته شعرت أن غيابه عن السمع طال، وخشيت عليه كيف لا وهو المهدد سابقاً بالقتل، استغاثت شقيقته عبر صفحتها على «فايسبوك» بكل من يعرف عنه شيئاً ابلاغها، ليأتي الجواب بعثور القوى الأمنية عليه جثة مضرجة بالدماء داخل مركبته بين قريتي العدوسية وتفاحتا، في منطقة قريبة من الأوتوستراد. هو الكاتب والناشط السياسي #لقمان سليم الذي هزّت عملية اغتياله لبنان.

«الرحلة» الأخيرة… والأمن يحقّق

يوم الاربعاء قصد سليم (61 سنة) بلدة صريفا وبالتحديد منزل صديقه محمد الأمين، وبحسب ما قاله شقيق الأخير نقيب أصحاب مكاتب استقدام العاملات المنزليات علي الأمين: «حضر سليم إلى بيت محمد عند العصر وغادر ليلاً»، مؤكداً صدمته بما حصل مع صديقه، مشيراً إلى أنه منذ سماعي الخبر وأنا لا أعلم ماذا أفعل وأين أتوجه، لافتاً إلى أن كل الأجهزة الأمنية تحقق بالقضية.

وكان النائب الاستئنافي في الجنوب رفيق رمضان باشر التحقيقات في الجريمة وكلف فرع المعلومات بإجراء مسح كامل للكاميرات لمعرفة المسار الذي سلكته سيارة لقمان قبل إغتياله وبتفريغ داتا هاتفه الخلوي وتحليلها، كما كلف الطبيب الشرعي للكشف على الجثة الذي أكد إصابة سليم بـ 4 طلقات نارية في رأسه وواحدة في ظهره، وبحسب ما اكده مصدر في قوى الأمن الداخلي: «التحقيق لايزال في بدايته، وسيتم التركيز على كاميرات المراقبة وداتا هاتفه، للكشف عمن كان يتعقبه وفيما ان كان على علم بموعد هذه الزيارة وتوقيت الوصول والمغادرة».

تهديدات… ومطالبة بتحقيق دولي

ابن حارة حريك ترك بصمة بمواقفه المعارضة لـ«حزب الله»، وقد أسس دارا للنشر، كما كان يدير مركز «أمم للتوثيق والأبحاث»، وقد سبق أن تعرض للعديد من حملات التخوين وصلت إلى حد اتهامه بالعمالة، كما سبق أن عثر على رسالة تهديد في حديقة منزله تم التلويح خلالها برصاص وكاتم صوت، ما دفعه إلى إصدار بيان حمل فيه مسؤولية تعرضه لأي اعتداء إلى أمين عام حزب الله وحركة أمل، وبعد اغتياله أكدت شقيقته رشا ان العائلة لا تثق بالقضاء اللبناني ولا بتحقيقاته، في حين.

أكدت زوجته أنها تطالب بتحقيق دولي، عن ذلك شرح محامي العائلة موسى خوري: «التحقيق سيأخذ مجراه حيث تقوم الأجهزة الأمنية بما يترتب عليها».

وعن اعلان العائلة قرار اللجوء الى التحقيق الدولي، علّق خوري «من المبكر الحديث عن ذلك، حتى الآن لم تتسلم العائلة جثة سليم، وبعد الدفن تتوضح الأمور، وزوجته هي من طالبت بتحقيق دولي كونها تحمل الجنسية الأجنبية وذلك لمعرفة من قتل زوجها ومعاقبته».

وعما أن تعرض لقمان للتهديدات في الفترة الأخيرة، أجاب: «هو من الأشخاص الذين عرفوا بالشجاعة والجرأة ودائماً كان يعلن أن لا شيء يخيفه عن قول الحقيقة».

رواية «غسيل الأموال»

في رواية لفتت الأنظار، أعلنت الصحافية منى علمي أنها التقت سليم منذ أيام، وكشف لها عن ترتيبه لانشقاق مسؤول كبير في «حزب الله».

في التفاصيل، أوضحت علمي في مقال نشرته على موقع قناة «العربية» باللغة الإنكليزية أن «سليم توغل في البحث عن أنشطة غسيل الأموال لـ«حزب الله»، والاتصالات المحتملة بين التجار الذين يسهلون هذه الأنشطة للحزب، وتعامل هؤلاء بالشخصيات مع مصرف لبنان»، كما أخبرها.

قبل أربعة أيام وتحديداً في يوم الأحد 31، «طلب مني سليم المرور بمكتبه يوم الاثنين، حيث أراد مناقشة موضوع حساس معي لا يمكن فعله إلا وجهًا لوجه… وعندما التقيت به يوم الاثنين، أكدّ أنه كان على اتصال بشريك تجاري لـ«حزب الله»، متورّط بشكل كبير في أنشطة غسيل الأموال للحزب وتم فرض عقوبات عليه من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي (OFAC).

هذا الشخص الذي لم ينشر اسمه، كان مستعدا للانشقاق مقابل إخراجه من لبنان وحمايته من حزب الله».

وتابعت: «كان سليم يسألني ما هي أفضل طريقة للقيام بذلك، بالنظر إلى أن أي اتصال مع سفارة أجنبية محلية سيشمل مشاركة العديد من الأطراف، مما قد يؤدي إلى تسريب استخباراتي وتهديد حياة المنشق المزعوم. كان يعتقد أن أفضل طريقة للتعامل معه هي الاتصال مباشرة بوزارة الخارجية الأميركية أو وزارة الخزانة».

وأردفت في المقال «بعد ثلاثة أيام، جاهلًا أنه يتم ملاحقته، ذهب سليم إلى الجنوب لتناول العشاء مع الأصدقاء. اختفى بعد ساعات قليلة في المساء، تاركًا أسرته محطمة، ليعثر عليه ميتًا بعد يوم واحد».

وبهذه الرواية، تتحوّل علمي الى شاهدة في التحقيق الذي يفترض أن يتوغل بما ذكرته.

ردود فعل مندّدة

و بعد اغتيال سليم انهالت ردود الفعل المنددة بالجريمة، رئيس الجمهورية ميشال عون طلب من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، اجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابسات ما حصل، كما طالب منسق الأمم المتحدة في لبنان «يان كوبيش» في تغريدة له بتحقيق سريع وشفاف بمقتل سليم، وأكد أنه يجب ألا يسير التحقيق باغتياله على نسق التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، من جانبه غرد سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، قائلاً: «تلقينا خبر إغتيال لقمان سليم بصدمة وحزن. أرسل أحر التعازي لعائلته وأحبائه. ندين ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان التي تسمح بوقوع تلك الأعمال المشينة ونطالب السلطات المعنية بإجراء التحقيق المناسب».