لا تكشف الثورات والصراعات الأهلية فقط عن الرعب والخوف والدمار، فهي أيضاً تسمح لسرديات فردية أن تنكشف في إطار صورة أكبر وأكثر تعقيداً وتناقضاً. مغامرة روائية تخوضها الروائية الزميلة سوزان خواتمي في إصدارها الجديد «ربع وقت».  يتصدر الكتاب إهداء لشخوص النص: نائلة (الشخصية المركزية التي تدور حولها الرواية)، جوانا (ابنتها)، وأزواج نائلة الثلاثة بكر، وعلي، وسليم، لتضع الكاتبة قارئها منذ البداية في جو النص الذي سيقتحم روحه دون كثير عناء، فتتشابك الجُمل وتتعاقب، وتتابع الأحداث بسلاسة من خلال لغة رشيقة وروح خفيفة، ووصف متناسق، وسرد رائق. تجري أحداث النص سنة 2011 في سوريا الاعتقالات، والمخبرين والخوف والقلق، في سوريا الحبّ أيضاً، فمنذ لحظة اعتقال نائلة الصحافية نكتشف حياتها تدريجياً ووجوهاً أخرى لتناقضات إنسانية، نقرأ رسائل حبّ حارق، ومعاناة ابنة تشعر بالاغتراب، نكتشف سوريا التي نعلم والتي لا نعلم، كما نكتشف قدرة الكاتبة (التي تصدر أول نص روائي لها بعد مجموعات عديدة في القصة القصيرة) على نسج الحكاية برشاقة كبيرة.

تضعنا سوزان خواتمي أمام نصّ لا يفلتنا منذ السطر الأول، حتى آخر فقرة من آخر رسالة: «الحرية والوحدة يقتات أحدهما على الآخر ويكبران معاً، تخليك عن كل شيء وكل شعور يعيدك كائناً حراً، أما تعلقك بالأشياء والأماكن والأشخاص، فيجعلك كائناً مستعبداً للأشياء والأماكن والأشخاص..».

تقع الرواية في 208 صفحات من القطع المتوسط، وهي صادرة في طبعة أولى عن دار ميم في الجزائر، وستصدر في طبعة لبنانية قريباً.