أنطوان القزي

إذا “عطس” مواطن في عكار بطريقة لم تعجب رئيس تحرير جريدة “الأخبار” ابراهيم الأمين يكون عميلاً إسرائيلياً، وإذا انتقد مزارع كسرواني بعض مواقف كتلة الوفاء للمقاومة يكون متعاطياً مع العدو، وإذا تساءل مواطن بيروتي عن الذين حملوا العصي وحطّموا زجاج السيارات، يكون معادياً للمقاومة. وإذا أرادت الدولة تعيين ناطور للأحراج في أعالي الجبال وشكله لم يعجب ابراهيم الأمين وداعميه يكون من عصابات ال”كاهانا” الصهيونية، وإذا التحق مواطن من النبطية وكفرمان بالحراك منتفضاً على الحالة الإقتصادية، فإنه يكون مدفوعاً من الموساد ويعمل على تخريب إنجازات المقاومة…

اليوم، بات بطريرك الموارنة صهيونياً ! نعم فالكاردينال بشارة بطرس الراعي يقوم ب”حركات مشبوهة” .. لأن جريدة “الأخبار” الموقّرةارتأت ذلك واتهمت البطريرك بأنه”يسوّق للسلام مع العدو ويتماهى مع الدعاية الإسرائيلية ضد المقاومة”؟!؟

 

وزعمت ” الأخبار” المعروفة الولاء ” أن البطريرك عاد ليعزف على موضوع “الحياد الناشط”، لكنه وصل اليوم إلى حد التسويق للسلام مع إسرائيل، على قاعدة أن “لبنان اليوم هو الأحوج إلى السلام ليتمكن من استعادة قواه والقيام بدوره في محيطه لخدمة حقوق الإنسان والشعوب. كفانا حروباً وقتالاً ونزاعات لا نريدها!”.وأضافت ” ليس هذا فحسب، لم يتردّد البطريرك في التماهي مع الدعاية الإسرائيلية التي تتهم حزب الله بتخزين السلاح في الأحياء السكنية. ولذلك، دعا السلطة اللبنانية لتعتبر كارثة مرفأ بيروت بمنزلة جرس إنذار، فتبادر إلى دهم كل مخابئ السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنية في المدن والبلدات والقرى. وقال إن وجود هذه المخابئ يمثّل تهديداً جدياً وخطيراً لحياة المواطنين التي ليست ملك أي شخص أو فئة أو حزب أو منظمة”…انتهى كلام “الأخبار”.

معقول يا جماعة “الأخبار”؟! إستكثرتم على البطريرك أن يحذّر من المخاطر بعد الإبادة التي أطاحت بنصف بيروت خراباً وضحايا وتشريداّ،معقول أن يصبح الحياد تهمة وقد أدخلنا الإنحياز الذي تمارسونه في “حيطان” لا حصر لها؟!. معقول أن تعيّروا البطريرك لأنه يدافع عن لبنان واللبنانيين وانتم منهم؟!

ألستم أنتم من نشرتم في صحيفتكم تقرير الأسكوا تحدث عن مليونين و700 ألف فقير في لبنان، ألستم أنتم من أقام الدنيا ولم يقعدها حين عاد “العميل” عامر فاخوري الى لبنان ووعدتم بالويل والثبور ثمّ رأيناكم تغضّون  الطرْف عن إرساله في إلى الولايات المتحدة في صفقة مشبوهة لكم وحدكم الحق في إبرامها، ألستم أنتم من تطلبون على صفحاتكم بكشف السارقين والمارقين والفاسدين وتهددون بفضح الأسماء ولا تفعلون، ألستم أنتم من تشكون من الغلاء وانقطاع الكهرباء وهدر المال العام؟!أم أنكم تناورون على المواطنين!!..

وماذا يضيركم إذا تحدّث البطريرك عن الجائعين والمعوزين والمشرّدين والأمن المتفلّت في ظلّ غياب دولة أنتم تدعمونها، وهل من يحمل هموم شعبه يكون صهيونيا”؟!.. لا يا شباب ، ما “حسبتوها صحّ”، فسليل يوحنا مارون والدويهي والحويك وعريضة وصفير لا تنال منه افتراءاتكم، فقد تعرّض هؤلاء الأحبار للمضايقات، والتحفوا العراء وتجشموا الصعاب وعانوا ألوان الإضطهادات ليبقوا على ثوابتهم تجاه شعبهم وأرضهم غير آبهين بالتجريح والنزوات ، وفي كل هذه،لم يهدّدوا فئة ولم يتطاولواعلى جهة ولم يشتموا فريقاً، بل استمروا دعاة محبة ووطنية وولاؤهم للبنان وحده، إلا إذا كان هذا الولاء يغيظكم،هل تسمعون؟.

 

حسناً فعلت اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام التابعة لبكركي حين سارعت إلى الردّ بعنف على صحيفتكم ومَن تمثِّل، وأكدت ” أن اتهام البطريرك بالتماهي مع العدو والدعاية الإسرائيلية ضد ” المقاومة “، هو اتهام مرفوض ومردود لأصحابه، وبدلاً من توجيه الاتهامات جزافاً إلى صاحب الغبطة الذي لا تشكيك بصحة معلوماته، ننصح الصحيفة بالتدقيق والاستقصاء عمّن يخزّن الأسلحة والمتفجّرات في الأحياء السكنية وبين المدنيين لأنه هو نفسه مَن يتماهى مع العدو ، ويستخدم المدنيين الأبرياء دروعاً بشرية في حروبه ويستدرج العدو لقصف هذه الأحياء وإيقاع الضحايا البريئة والدمار والخسائر الجسيمة، وفيما ننتظر نتائج التحقيق في كارثة الانفجار في مرفأ بيروت ، نستغرب هذا الهلع من التحقيق الدولي وكأن هناك أشياء يودّ البعض التعمية عليها في ظل شكوك بتلاعب في مسرح الجريمة تماماً كما حصل بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.

وتنبّه اللجنة الأسقفية ” القائمين على هذه الحملة بأن الكيل قد طفح، وأن غضب اللبنانيين الشرفاء أقوى من أي تهديد وأي استقواء بالسلاح.وأن الأقلام التي تطالعنا عبر هذه الصحيفة وغيرها من المواقع الإعلامية في إطار هذه الحملة هي الأقلام العميلة والمعروفة بارتباطاتها السياسية المشبوهة وبولاءاتها لغير لبنان ، وستتم ملاحقتها قانونياً.ولن ينجح هؤلاء الصغار في تشويه أو شيطنة تاريخ البطريركية المارونية الناصع كثلج صنين الأبيض، ولن يفلحوا في استبدال أرزتنا التي تتوسّط علمَنا اللبناني برموز من هنا أو هناك، والعجب كل العجب كيف يسكت بعض مَن في السلطة ويدّعي حماية حقوق المسيحيين عن هذا التهجّم الظالم وهذه الاتهامات الجائرة بحق صاحب الغبطة وهذه الاستباحة غير المقبولة لرمز من رموز الحرية والعيش المشترك في لبنان عشية إحياء مئوية لبنان الكبير، إلا إذا كانوا منشغلين حالياً بتوزّع الحصص والمغانم مما تبقّى من تركة الدولة، بدل التركيز على تطبيق الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي قبل ضياع الفرصة الأخيرة”.

إنتهى