بقلم رئيس التحرير أنطوان القزي

 

مشهدان يغلّفان العالم اليوم بغيمة عنصرية سوداء..

فبين 30 سبتمبر أيلول سنة 200 في قطاع غزة، وبين 25 أيار مايو 2020 في مدينة مينيابوليس في الولايات المتحدة، رصاصة جندي إسرائيلي صرعت الطفل محمد الدرّة، وركبة شرطي أميركي أبيض خنقت المواطن الأسود جورج فلويد.. وبين المشهدين عنصرية حاقدة وإن اختلفت ظروف الحادثتين.

وبين المشهدين يصادف اليوم 5 حزيران يونيو الذكرى الثالثة والخمسين لحرب الأيام الستة السيئة الذكر، اليوم ينادي ابن رام الله لإبن مينيسوتا، ويلوّح ابن نابلس لإبن لوس انجليس، ويتأمل ابن الخليل ما يحصل في هيوستن،ويراقب الغزاويون شوارع نيويورك ليس بشماتة، بل بحزن ووجع لأنه لا يشعر بالوجع مثل الذي يعانيه.

يشاهد الفلسطينيون أسوار البيت الابيض تتهاوى وفي داخله من رفع الأسوار بوجه أبناء الضفة وأطاح بمعظم أجزائها في ما يُسمّى”صفقة العصر”.

كلّهم نسوا 5 حزيران: الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين تفتقد الداعم العراقي، ومنظمة “الصاعقة” تبكي على المحرّض السوري، وفتح تعاني من خذلان الأنظمة العربية، والجبهة الشعبية تعرف أن ليبيا أصبحت في خبر كان.. وداعموالقضية في لبنان الذين ملأوا الشوارع طيلة 73 عاماً ضد “الإمبريالية والصهيونية والإستعمار”، سوف ينزلون غداّ السبت الى الشارع ضمن ثورة الجوع والفقر والمعاناة، وسيقف جماعة محسن ابراهيم ومعن بشور وكمال شاتيلا وكل رفاق الحركة الوطنية السابقة ليهتفوا معاً مطالبين بلقمة واحدة وليرة واحدة ودولة واحدة.. وهم لم يحملوا يوماً بندقية واحدة ودعموا مشاريع الدويلات.. يقف هؤلاء غداّ السبت الى جانب الكتائبي والوطني الحرّ والكتلوي العائد، مكتشفين أنهم أصبحوا فجأة في خندق الجوع الواحد مع جماعة “الغيتو المسيحي”!.

لم نذكر بعض أحزاب وتيارات الزمن الراهن لأنها لم تكن موجودة آنذاك.

في ذكرى 5 حزيران تتفرّج “المقاطعة” في رام الله التي عانت يوماً من حصار ابو عمّار المرير، تتفرّج على سيّد البيت الابيض محاصراً ليس من عدوه بل من الذين جعلهم أعداءه.

وبين عملية “السور الواقي” على غزة سنة 2002 وبين عملية “الحزام الأسود” سنة 2019 مروراً ب”الرصاص المصبوب” سنة 2008 وعامود السحاب سنة 2012 و”الجرف الصامد” سنة 2014 تعرّض قطاع غزة الى أربعين عملية اسرائيلية، وبين 25 أيار مايو الأسبوع الماضي واليوم تعرّضت أربعين مدينة أميركية للحرق والتحطيم والنهب..

ومن رام الله الى نيويورك ألف سلام؟!.

ومن محمد الدرة الى جورج فلويد تحية شهادة العنصرية البغيضة؟!.