عكست تعلقيات الصحف الإسرائيلية الصادرة امس الاول الاهتمام الشديد بالتطورات الدراماتيكية الأخيرة في سوريا والعراق والانجازات العسكرية الاخيرة التي حققها تنظيم داعش هناك، وانعكاساتها على المنطقة وعلى إسرائيل.
الأسد بحاجة الى معجزة لانقاذه
في مقال نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم» راى أيال زيسر المتخصص في شؤون سوريا والباحث في معهد دايان: «أن نجاح تنظيم داعش في السيطرة على تدمر يشكل ضربة قاسية للنظام السوري الذي يجد صعوبة في الوقوف على رجليه، ويشبه وضعه وضع الذي ينزف حتى الموت. لم يعد لدى بشار جنود يقاتلون من أجله، ومَن بقي منهم موزع على مئات مواقع القتال التي تنتشر في شتى أنحاء الدولة، وهم منهكو القوى ومن دون حوافز ويعانون نقصاً في العدد، ولا يبدو بشار قادراً على مد يد العون إليهم».
وأضاف: «وبينما كان النظام السوري يخوض بمساعدة بضعة آلاف من مقاتلي حزب الله معركة في مرتفعات القلمون على الحدود السورية – اللبنانية التي تمتد على مساحة بضعة مئات من الكيلومترات المربعة وربما أقل، نجح داعش في السيطرة على أكثر من ثلثي أراضي سورية، أي على نحو 100 كيلومتر مربع، هذا إذا لم نشمل المنطقة الصحراوية غير الآهلة. إن احتلال مدينة تدمر إلى جانب دلالته الرمزية يمنح داعش مدخلاً إلى قلب سورية جنوبي العاصمة دمشق، وإلى شرقها أيضاً، وإلى مدينة حمص التي تشكل نقطة تربط بين جنوب الدولة وشمالها».
وخلص من هذا كله الى القول: «إن مشكلة بشار لا تقتصر على داعش فقط. فالنظام السوري يخوض مواجهة أيضاً مع جبهة النصرة التي تتعاون مع عدد من تنظيمات الثوار. وقد وحّدت هذه التنظيمات صفوفها، الأمر الذي لم تنجح فيه سابقاً، وأصبحت تهدد هذا النظام من الجنوب بالقرب من مدينة درعا وفي منطقة هضبة الجولان السورية، ومن هناك أصبح في إمكانها تهديد دمشق. أمّا في الشمال فقد استكملت هذه التنظيمات احتلالها مدينة إدلب وجسر الشغور، وأصبحت تهدد حلب المدينة الثانية من حيث الحجم في سورية، وكذلك الساحل العلوي معقل النظام.في ضوء هذا الواقع تبدو المساعدة التي يقدمها حزب الله إلى بشار نقطة في بحر، ووحدها معجزة يمكنها إنقاذ بشار الأسد». وتوقع زيسار ان يتحول داعش الى احدى التنظيمات التي ستملأ الفراغ الناشىء بعد الأسد الامر الذي سيشكل أيضاً مشكلة بالنسبة لإسرائيل.
استراتيجية داعش الاقليمية
في صحيفة «هآرتس» اعتبرالمحلل العسكري تسفي برئيل احتلال داعش للرمادي وتدمر جزءاً من استراتيجة عسكرية اقليمية تهدف الى ربط الجبهة العراقية بالجبهة السورية. وكتب: « تقع تدمر على محور أساسي الى دير الزور والى الرقة وعلى محور دير الزور ومدينة حمص. وتقطع هذه السيطرة الطريق على الجيش السوري وتمنعه من التواصل مع المحافظات الاساسية التي ما يزال يسيطر عليها غربي سوريا. ولم يبق لهذا الجيش سوى شبكة المحاور الغربية التي تربط دمشق بجبال القلمون ومن هناك بمحافظة اللاذقية التي تعتبر معقل النظام.في المقابل فان سيطرة داعش على الرمادي تمنع الجيش العراقي والميليشيات الشيعية التي تعمل تحت قيادة إيرانية من مد يد العون الى القبائل السنية او ادارة معركة تحرير محافظة الأنبار المحاذية لسوريا».
ويضيف الكاتب: «لقد تميزت استراتيجية داعش منذ بداية احتلالها للعراق سنة 2014 باسلوب احتلال المحاور والمفارق الرئيسية والمعابر الحدودية من اجل خلق تواصل بين هذه المحاور قبل تفرغها لاحتلال المدن نفسها والتمركز فيها. واثبتت هذه الاستراتيجية نجاعتها، وهي تفرض على الولايات المتحدة والتحالف العربي التعاطي مع العراق وسوريا كجبهة واحدة وليس كموقعين مختلفين للقتال لكل منهما قواعد اشتباك مختلفة. والمعلوم ان الولايات المتحدة ترى في العراق منطقة نار حرة، بينما التزم قوات التحالف على الجبهة السورية بقواعد مختلفة خشية المواجهة الشاملة. وقد خدم هذا التمييز تنظيم الدولة الإسلامية الذي استغل قيود العمل في سوريا كي يمد شرايين سيطرته في العراق. ونجح بذلك ان يقيم جبهة داخلية لوجستية اقتصادية مزدوجة واحدة في سوريا واخرى في العراق، واذا انهارت واحدة يستطيع الاعتماد على الثانية، من هنا محدودية نجاعة الضربات الجوية الأميركية».