بقلم رئيس التحرير / انطوان القزي

في عالم غارق بمآسي كورونا، يحاول كثيرون خلق ما يبرّد قلوب الناس أو يزرع الأمل في نفوسهم، كالمقالات الكثيرة التي ظهرت مؤخراً لتقول لنا أن عدداً كبيراً من المبدعين في العلوم والطب والفن والأدب أعطوا أجمل ما لديهم وهم في العزل أو الحجر الصحي ، ويسوقون أصحاب المقالات عشرات بل مئات الأمثلة على ذلك؟!.
ونعرض هنا عيّنتين من هذه النماذج وهما المبدعان البريطانيان وليم شكسبير في الشعر والمسرحيات وإسحاق نيوتن في العلوم!.

“قد تكون الأوبئة سبباً وراء ظهور بعض المسرحيات، ذلك أنه ثمة اعتقاد قائم منذ أمد بعيد بأن شكسبير (1564- 1616) تحوّل إلى كتابة الشعر عندما تسبب الطاعون في إغلاق المسارح عام 1593.

ويُعتقد أن موجة إغلاق أخرى للمسارح 1616، عاونت شكسبير، الممثل والمشارك في ملكية فرقة «ذي كينغز مين»، على الانتهاء من كتابة الكثير من الأعمال الدرامية وتلبية الطلب على مسرحيات جديدة خلال موسم عطلات مزدحم داخل البلاط الملكي. وأنجز شكسبير خلال ذلك العام كتابة «الملك لير» و«ماكبث» و«أنتوني وكليوباترا».

وبالنظر إلى أن الوباء الدملي
( الطاعون) ضرب بشدة الشباب على وجه التحديد، فإنه ربما يكون قد قضى على الكثير من منافسي شكسبير المسرحيين.
جدير بالذكر، أنه في مسرحية «روميو وجولييت»( الصورة) التي كتبت بعد انتهاء تفشي الطاعون عام 1593 مباشرة، فإن الراهب الذي كان من المفترض أن يخبر روميو بأن جولييت ليست متوفاة حقاً وإنما تتظاهر بذلك، منع من نقل رسالته لأنه كان قيد الحجر الصحي مع قس زميل كان يقدم المساعدة للمرضى. وفي النهاية، لا يتلقى روميو الرسالة قط ويقتل نفسه قبل أن تستفيق جولييت.

نموذج نيوتن
كان السير إسحاق نيوتن ( 1643- 1727) عالماً في الرياضيات والفلك، حصل على البكالوريوس من جامعة كامبردج سنة 1665، ولكن بسبب تفشّي الطاعون تم إغلاق الجامعة مؤقتاً. وراح نيوتن يعمل من المنزل وأصبح أكثر إنتاجية ، وطوّر نظرياته في حساب التفاضل والتكامل والبصريات والجاذبية.
ومن منزله غيّر نيوتن مسار العلوم ، ليعود الى جامعة كامبردج أستاذاً محاضراً.

تورد صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تجربة العالم الإنكليزي إسحاق نيوتن وهو من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور، حين عمل من بيته وهو في أوائل العشرينيات من عمره عندما ضرب الطاعون لندن في منتصف القرن السابع عشر.
وختاماً لن تخفّف هذه المشاهد من مأساة هذا العالم، أبعدوا عنّا ال»كورونا» فأنا لا أريد أن أكون شكسبير ولا نيوتن؟!.