بقلم بيار سمعان

بعد اللغط الاعلامي والجدل في وسائل التواصل الاجتماعي حول حفلة فرقة الروك اللبنانية «مشروع ليلى» في جبيل، جرى التوصل الى السماح بإقامة حفلة الفرقة في موعدها في 9 آب/اغسطس، على ان تعتذر الفرقة ممن تكون «أساءت الى مشاعرهم الدينية، عبر اغنيتها : أصنام» و«الجن» اللتين اعتبرتا مسيئتين الى المقدسات المسيحية. وتعهدت الفرقة بعدم ادراج الاغنيتين في برنامج الحفلة.

ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي تعرضت فيها الفرقة الىإلغاء حفلاتها بسبب طرح اغانيها لقضايا سياسية وعناوين تتعلق بالتوجه الجنسي المثلي ورفع شعارات المثليين في حفلاتها.

بتاريخ 26 نيسان/ابريل 2016 منعت الفرقة من تقديم حفلاتها في الاردن بقرار من الحكومة. وفي ايلول 2017، اعلنت النقابة الموسيقية المصرية منع «مشروع ليلى» من اقامة الحفلات في مصر، بعد ان رفعت الفرقة اعلام قوس قزح التي ترمز الى الحراك الاجتماعي للدفاع عن حقوق المثليين.

وحيال الضجة التي تحدثها الفرقة في العالم العربي، لا بد من تسليط الأضواء عليها. وهل هي فقط فرقة فنية «بريئة» من كل هذه الاتهامات، ام انها تعمل ضمن خطة مدروسة ولغايات  واهداف أبعد من الفن والإثراء والابداع..؟؟

– تأسيس «مشروع ليلى».

جرى تشكيل الفرقة في شباط/فبراير 2008 في اللجامعة الاميركية في بيروت، عندما نشر عازف الكمان هايك بابازيان وعازف الغيتار اندريه شديد وعازفة البيانو أميه ملاعب دعوة مفتوحة للموسيقيين الذين يبحثون عن مساحة للتعويض والتعبير عن التوتر الناجم عن الوضع السياسي غير المستقر.

وجرى اختيار سبعة اشخاص لتشكيل «مشروع ليلى». وكانت الانطلاقة الاولى لها من خلال حفلة في حرم الجامعة الاميركية. واثبتت الفرقة انها الوحيدة التي تكتب اغانيها وتعزف موسيقاها وتؤدي ما تعده في حفلات متنقلة. وتمكنت من الحصول على الجائزة الاولى عام 2009 في مهرجان الموسيقى الحديثة الذي نظمته اذاعة «راديو لبنان ، بسبب اغنية «رقصة ليلى». وكانت الجائزة الاولى هي عقد لأنتاج اسطوانة للفرقة.

وبقدرة سحر ساحر توصلت الفرقة الى هذا المستوى من الشهرة واصبحت حديث الناس، يسارع الشباب في لبنان والوطن العربي لحضور حفلاتها، دون ان يدركوا خلفيات واهداف «مشروع ليلى». فما هو «مشروع ليلى»؟ ومن هي «ليلى» التي تمتلك مشروعاً يسعى مجموعة من محترفي الفن تحقيقه؟

– من هي «ليلى»؟

لقد نجح اعضاء الفرقة بالتلاعب بالألفاظ والغموض الذي يحيط اسم الفرقة، خاصة اذا قريء بالانكليزية (Lilith). فتارة يدعون انه «مشروع  ليلة» ، او «مشروع ليلي»، (بعكس النهار)، او «مشروع ليلى»، كون اسم ليلى هو شائع في لبنان والوطن العربي.

وعندما سئلت الفرقة في مقابلة مبكرة عن اصل اسم «مشروع ليلى»، رد الأعضاء ان الفرقة بدأت كمشروع لجمع المال لفتاة يعرفونها تسمى ليلى. لكن احداَ لم يتعرف على هذه الفتاة حتى اليوم، ولماذا اطلقت هذه التسمية على فرقة حديثة، كان بمقدورها ان تحمل اي اسم آخر، دون ان تتلكأ عن مساعدة الفتاة ليلى…!!

وفقاً لصفحة الفايسبوك للفرقة، الأسم يعني كما ادعووا، «مشروع ليلة» وهو يعبر عن الطبيعة الليلية للمشروع الذي يتميز بجلسات العزف التي تستمر طوال الليل.

لكن من يراقب سلوك الفرقة العام والرسائل المبطنة لأغانيها، والطروحات السياسية والاخلاقية التي تسعى الى نشرها بواسطة الكلمة والإيحاء والرسوم ، يشكك في براءة نوايا هذه الفرقة. ويبحث عن هوية ليلى – Lilith الحقيقية، وعن مشروعها. وهل هي فعلاً تلك الفتاة «المعوزة» التي تحتاج للمساعدة، ام انها امرأة اخرى لديها مشروع متكامل، التزمت الفرقة بالعمل على تحقيقه، بواسطة الأغنية؟؟

– من هي «ليلى – ليلة Lilith»؟

ظهر اسم «ليلة» -. للمرة الأولى في سفر أشعيا 14:34 عندما وصف خراب «جنة عدن». من البداية اعتبرت «ليلى  »روحاً شيطانية وخطيرة. ويصفها سفر التكوين، حسب تفسير اليهود، على انها الزوجة الاولى لآدم. اذ ورد في سفر التكوين (27:1) «فخلق الله الانسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكراً وانثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الارض…».

ويقول المفسرون ان الله، وفقاً لهذا النص، خلق  آدم وشريكته «ليلة» في نفس الوقت. لكن ليلة – ليليت كانت قوية ومستقلة،  وارادت ان تكون مساوية لآدم، ولم تقبل ان تكون اقل اهمية منه. ورفضت الخضوع لآدم، لم تنجح العلاقة بينهما.

وحسب التقليد اليهودي، ليليت / ليلة هي الشيطان الأكثر شهرة، وينظر اليها على انها المرأة الأصلية التي تم خلقها قبل حواء.

اذ يذكر سفر التكوين ايضاً رواية اخرى لخلق حواء (تكوين 21:2) فأوقع الرب الإله سُباتاً على آدم فنام. فأخذ واحداً من اضلاعه، وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي اخذها من آدم امرأة واحضرها الى آدم. فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ اخذت.

ويتبين وجود نصين في سفر  التكوين حول خلق الإنسان. لذا يدعي المفسرون اليهود ان الله خلق آدم وليليت في نفس الوقت، قبل خلق حواء من ضلع آدم. لكن الخلافات بدأت بينهما  منذ اللحظة الاولى، وتمحورت حول الأولوية والسلطة والطاعة. لذا تجسّد «ليلت» اي الليل، الجوانب العاطفية وروح الظلام والشهوانية والحرية الجامحة. واصبحت تمثل اليوم مثالاً للنساء اللواتي يطالبن بالمساواة بين الجنسين، وبالتحرر الجنسي والسلوكي وبحرية الخيار وتقرير المصير.

وفي حكايات بن سيرا ان «ليليت» لفظت اسم الله (المحظور لفظه عند اليهود)، فطارت في الهواء وتركت آدم دون رجعة، رغم ان الله ارسل ثلاثة ملائكة لاقناعها، لكنها رفضت العودة الى جنة عدن.

واعلنت «ليليت» للملائكة انها خلقت فقط لسبب المرض للرضع. اذا كان الرضيع ذكراً، فأنا اسيطر عليه لمدة ثمانية ايام منذ ولادته. واذا كانت انثى، لمدة عشرين يوماً، حسب رواية بن سيرا.

وتكررت هذه الفكرة في القرآن الكريم، اذ ورد ما معناه، ان جميع المخلوقات مسّها الشيطان، ما عدا عيسى المسيح وامه مريم.

وتعهدت «ليليت» انها اذا رأت اسماء الملائكة او اشكالها، فإنها ستترك الطفل، ولن تمسه. ووافقت ، خلال نقاشها مع الملائكة، ان مئة من اطفالها (الشياطين) سيموتون كل يوم، لكن الباقين سيعيشون.

تقليدياً، ليليت تعني الليل، وهي مرتبطة بالجوانب الروحية للإثارة والحرية على مختلف المستويات، كما انها مرتبطة بالارهاب.

– ايقونة الوثنيين والحركات النسائية الحديثة

في هذه الايام اصبحت «ليلت – ليلة) رمزاً للتحرر للجمعيات والحركات النسائية، ونظراً لارتفاع مستوى التعليم وتدخل المنظمات الدولية في حياة الشعوب، بدأت النساء بالبحث عن رموز القوة الأنثوية، منذ الخمسينات.

الناشطة اليهودية أفيفا كانتور زوكوف كتبت ما يلي: لقد جرى قصفنا (اي النساء) بقصص الله، من قبل شخصيات ومؤسسات ذكورية قوية. لكن نادراً ما نرى نساء قويات. واذا حدث ذلك، فإن قصصهم شيطانية، او ان الفضل في قوتهم يعطى الى الرجل او الى قوة ذكورية.

– ليلة تتحول الى ظاهرة ثقافية

ان جهل البعض لرواية «ليليت – ليلة» لا يعني ان هذه المخلوقة الاولى التي تحولت الى شيطان قد اهملتها الثقافة العالمية. فيوجد اليوم مئات المؤلفات التي تحمل اسمها وتتغنى بمزاياها وبنزعتها التحررية.

وعلى سبيل المثال ، «ليلت» هي الشخصية الرئيسية في رواية ستيفان بروست : «الحكم في الجحيم» (1984) حيث يغرم بها الشيطان ولوسيفر. كما اصدر بيرس انطوني سلسلة من الروايات حول «المخلوقة الاولى» ليليت/ ليلة، والدة «السحر الابيض»، وثمرة المعرفة وملكة الجحيم، هي المرأة التي تخلى عنها الله وآدم فضاجعت معظم الرجال وحتى الملائكة، وانجبت ذرية من الارواح الشريرة.

وحسب المؤلف سايمون غرين، ليليت هي الأم البطلة. قايين الذي قتل اخاه، التحق بها في ارض ما بين النهرين، واقام علاقة جنسية معها.. والامثلة عديدة ولا تحصى.

وعلى شبكات التلفزة، معرض ليليت، هو مهرجان موسيقي متجول، انطلق عام 1997. في فيلم «العنصر الخامس» The Fifth Element- تقوم ليلي بانقاذ البشرية، وتبدو في الفيلم امرأة رائعة الجمال وتتحدث الآرامية، وهي لغة السيد المسيح.

في الفيلم الوثائقي: «عالم الآثار» وصفت ليليت بملكة الليل، وهي اول امرأة اغراها لوسيفير كما يجرى توصيفها احياناً على شاكلة مصاصي الدماء.

وفي الاغاني توصف على انها الهة الحب، ووالدة عالم الظلمة وإلهته، وملكة الحكمة والسيدة المحترمة، وهي الشيطان الذي يخطف الأطفال وينقلهم الى الجحيم. كما انها توصف بالمرأة الخارقة الجمال (Femme Fatale) التي يعجز اي مخلوق عن مواجهتها او صدّ رغباتها.

وهي ايضاً خالقة الجنس البشري، وتكمن قوتها في الفحش والأباحية والخطيئة…

مئات المراجع والافلام والاغاني اتت على ذكر «ليلت/ليلة» بشكل او آخر، يصعب ذكرها جميعاً.

غير ان الثابت هنا ان «مشروع ليلة» ليس كا يدعي اعضاء الفرقة، لجمع المساعدات لفتاة تدعى ليلى، او كون الفرقة تعزف خلال الليل.

فإذا اخذنا بعين الاعتبار الرسائل والرموز في اغاني الفرقة، وانتقاد الأديان والمفاهيم الدينية المسيحية او سواها، نستنتج ان هذه الفرقة تعمل سراً لتحقيق «مشروع ليلة/ ليليت»، المرأة الاولى التي اغضبت الله ورفضت إطاعة آدم وكرست حياتها للفجور ومخالفة الوصايا والارادة الإلهية، وتحولت الى روح شيطانية لنشر الفجور والأباحية، وافساد الاجيال الصاعدة، منذ ولادتهم، دون تمييز بين ذكر او انثى. انها روح الشر الذي يسعى الى دمار العائلة وضرب العقائد الدينية، خاصة الكنيسة الكاثوليكية التي تقف عثرة وسداً منيعاً في وجه تغيير المفاهيم واقامة نظام عالمي جديد، يتحول فيه الناس الى ارقام وعبيد، ويفقد فيه الناس خصوصياتهم وفروقاتهم الجنسية.

ألم يرد في «البروتوكولات» ما يلي: سوف نغرس اصابعنا الخفية في صدر الكنيسة، ولن ننزعها، حتى تلفظ انفاسها الأخيرة.. اما بالنسبة لسائر الأديان، فإن دمارها عملية سهلة».

– مشروع ليلى

«مشروع ليلة» ليس ردة فعل لأوضاع سياسية متردية في البلاد، وليست مشروعاً خيرياً لمساعدة المعوزين، بل هو استمرار وتكملة لمشروع شيطاني عمره آلاف السنين، واتخذ عبر التاريخ اوجه متعددة والموسيقى هي احدى وسائل التعبير عنه، في مجتمع لا يزال يولي العقائد الدينية اهمية في حياته. لذا لجأت فرقة «مشروع ليلة» الى الرمزية والسرية وهي من اهم العناصر التي تعتمدها «المنظمات الخفية» لتحقيق اهدافها والحفاظ على سريتها.

وعالم الموسيقى هو حافل بالجانب الشيطاني المظلم.

– موسيقيون كرسوا حياتهم للشيطان

لم يعد خفياً اليوم ان معظم الفرق الموسيقية حول العالم اصبحت تجاهر بولائها للشيطان وتعتبره الملهم الرئيسي لأفضل الألحان.

وكان اولهم الملحن الإيطالي جيوسيبي ترتيني (1770 – 1692) الذي اعترف ان الشيطان الهمه بكتابة السوناتا المشهورة (G Minor)  والتي اطلق عليها «الوحي الشيطاني، بعد ان ظهر له الشرير في الحلم.

المنتج بوب ازرين الذي  عمل مع أليس كوبر و Kiss و Deep Purple، اعترف بوجود قدرة جنسية خارقة لدى الثلاثي، قائلاً «انه الصوت المستخدم لاستدعاء الوحش».

ويُقر العديد من الموسيقيين انهم انجزوا عهداً وتوصلوا الى صفقة مع الشيطان. لذا اكد جون لينون في مؤتمر صحفي ان سر نجاح فريق البيتلز هو انه باع روحه للشيطان. كذلك فعلت آن كاتي باري وبن جوفي الذي اعلن صراحة انه سيقتل والدته ليبيع روحه.

مغني الروك، ليتل ريتشارد اكد في لقاء صحفي ان حياته المهنية هي من تصميم واخراج قوة الظلام.

كيث ريتشارد الذي وصف اللحظة الحاصلة في علاقة الموسيقى مع الشيطان، اكد على وجود هذه العلاقة في حياته وألف لتكريمه «سيمفونية لإبليس». وفرقة الـ  Rolling Stones تؤكد من خلال مغنيها نيل جاغار «ان للشيطان اوقاته الحاسمة في حياة الفرقة .

أليستا كرولي، احد عمدة «كنيسة الشيطان» كان له الأثر الكبير علىاعمال ديفيد بوي، الرولينغ ستونز، ليد زبلين وغيره ممن اكدوا مشاركتهم في جلسات تحضير الشيطان، ويؤكدون ان مزج التأثيرات الشيطانية في انتاج اغانيهم هي بمثابة «العملية الكيميائية».

لقد اصبح الشيطان معه الكاهنة المكرسة له «ليليت – ليلة» محوراً مركزياً في الموسيقى، ويتبعه العديد من الحلفاء في عالم الموسيقى.

هؤلاء يعربون عن ولائهم له، يرسمون اشاراته الرمزية، يرفعون الصلبان المقلوبة، يبشروت بتعاليمه، يدعون الشبيبة المعاصرة للتعبد له والتمسك بتعاليمه، كونه، بنظرهم هو الإله الحقيقي، انه لوسيفير، ملاك النور  وان الله الحقيقي الذي نعبده، هو إله الظلمة.

هذا هو «مشروع ليلة». ان القضية هي اعمق واخطر من كون المغني الرئيسي في الفرقة ومؤلف الأغاني، حامد سنو، هو مسلم. لا تكمن الخطورة في ذلك. وانا لا اشكك فقط في ولائه للأسلام، بعد ان التزم بمشروع ليلة، واصبح لديه مهمة جمع المال والجماهير من الشباب اللبناني والعربي، ووضعهم في خدمة «سيدة الفساد» «ليلة» الحقيقة التي تعهدت بنشر الإلحاد والفساد والشر في العالم، وهي  تستهدف مجتمعنا الذي يعانين الأمريين من الفساد السياسي والبطالة والفقر واليأس، ومن «تجار الهيكل» الذين باعوا انفسهم للشر، واهملوا خدمة النفوس والبشارة الخلاصية، بعد ان تحولوا، كما قالت السيدة العذراء للأب كوربي  «الى وحوش سوداء».

فمواجهة «مشروع ليلة» لا يتوقف فقط على مقاطعة حفلة او منع اقامته، بل يتطلب اللإلتزام الكامل «بالمشروع الخلاصي» لكي نتمكن من القضاء على «مشروع ليلة»

(يستحسن مراجعة مقالنا السابق: «موت المسيح وعبادة العجل»

موسيقيون كرّسوا حياتهم لمشروع الشيطان:

أليس كوبر – بيلي هوليداي – بون جوفي – براين فاري – ديب بيريل- ايفالز – ايزي ايلا – ايلتون جون – فرانك سيناترا – غانز اند روزس – جون لينون – كاتي باري – كيس – لايدي غاغا – مادونا – ميغا ديث – ميتاليكا – البيتلز – رولين ستونز، آي سي، دي سي والمئات غيرهم ومن ضمنهم «مشروع ليلى».

اصبح اليوم من الصعب جداً وصول اي فنان الى الشهرة العالمية قبل ان يعقد  تحالفاً مع الشيطان. لقد اعترفت الفرقة مؤخراً انها تسعى لانشاء ديانة جديدة لها الولاء الكامل لليلى – هذا هو مشروع ليلى. انها كنيسة الشيطان الجديدة في لبنان.