كشفت مصادر سياسية إسرائيلية عن خلاف بنيوي وأساسي في الرؤية المطروحة في مؤتمر المنامة، بين الموقفين الأميركي – الإسرائيلي، والموقف السعودي الذي يتمسك بـ»المبادرة العربية للسلام»، في حين أعلن جاريد كوشنر مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره وفاة «حل الدولتين» الذي هو في صلب المبادرة، وشرط من شروط نسج العلاقات العربية الإسلامية المستقبلية مع إسرائيل.
وقالت المصادر المقربة من ديوان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو: «أشار كوشنر خلال افتتاح ورشة المنامة إلى أن الولايات المتحدة تسحب تأييدها لحل الدولتين الأمر الذي ترفضه الرياض»، وهو ما استدعى رداً سعودياً، عبر بيان «أكدت فيه الرياض موقفها الحازم من أن خطة السلام العربية هي الطريق لحل الصراع»، وأعربت فيه عن مساندتها لمطالب الفلسطينيين بتأسيس دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الأمر الذي يرفضه كوشنر وطاقمه.
وصرح كوشنر، بأن «الرؤية التي قدمناها يمكن أن تجعل الاقتصاد أفضل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسنكشف عن الجانب السياسي لخطتنا في الوقت المناسب».
وأضاف في مقابلة مع قناة «العربية»:»حصلنا على الكثير من ردود الأفعال الجيدة على الخطة ونحترم قرار من اختاروا عدم المشاركة في مؤتمر البحرين»، الشق الاقتصادي لـ «صفقة القرن».
وعن الخطة الأميركية الرامية لجمع 50 مليار دولار، قال كوشنر: «خطتنا تظهر القدرة على ربط الضفة وغزة… وعلينا أن نركز على تحسين الحياة بالنسبة للفلسطينيين»، مؤكداً «نسعى إلى وضع أمني مستقر يسمح بتدفق الأموال إلى الفلسطينيين، وسنواجه كل المشكلات السياسية معاً لكن تركيزنا الآن على الجانب الاقتصادي».
وأضاف: «نسعى للوصول إلى حكومة فلسطينية مستدامة تعتمد على نفسها»، مشدداً على أن «أطرافاً عدة ساعدت في وضع ملامح خطتنا، ورد الفعل عليها رائع».
وقال كوشنر إن المؤتمر يظهر أن مشكلة الشرق الأوسط «يمكن حلها اقتصادياً».
ونفى كوشنر أن يكون لدى القادة الفلسطينيين سبب لعدم الثقة في إدارة ترامب. وقال إن «أميركا وضعت الآن الإطار لتحسين حياة الشعب».
ومساء الثلاثاء، افتتح كوشنير ورشة المنامة تحت عنوان «السلام من أجل الازدهار» بتأكيده «اننا نحتاج للأمن والسلام والازدهار للفلسطينيين والإسرائيين وكل شخص بهذا العالم، ونسعى لحرية العبادة والعيش معا وبكرامة وحياة أفضل للأجيال المقبلة».
من ناحيته، قال رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في حوار مع كوشنر، خلال «ورشة البحرين» إن تحولاً كبيراً حصل في المنطقة بشأن القضية الفلسطينية بعد أن كانت في طريق مسدود.
بدوره، قال كوشنر إن الفلسطينيين لم يتطرقوا إلى تفاصيل الخطة الاقتصادية، موجها سؤاله إلى بلير: «ماذا لو كنت رئيس السلطة الفلسطينية»؟
فأجاب بلير «أنه كان رئيساً للحكومة البريطانية، لذا من الصعب أن يجيب على سؤال مماثل»، لكنه أضاف إنه تعلم دروسا خلال تجربته السياسية، ومنها ضرورة أن «تفكر بإبداع» حول وضعك الراهن.
وأكد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن «ورشة المنامة ليست صفقة، بقدر ما هي خطة اقتصادية من شأنها تغيير واقع المنطقة».
وأضاف أن «ورشة المنامة هي خطة أميركية لإحلال السلام في المنطقة»، مؤكداً أن بلاده مع حل الدولتين والمبادرة العربية، وأن هذه الأخيرة لم تلق ترحيبا من الجانب الإسرائيلي.
وقال وزير الدولة السعودي محمد الشيخ، إن خطة كوشنر «يمكن أن تنجح، إذ أنها تشمل القطاع الخاص وإذا كان هناك أمل في السلام»، مضيفاً «من الممكن تنفيذ الخطة إذا آمن الناس بأن من الممكن تنفيذها».
وأكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن المملكة «ستؤيد أي خطة اقتصادية تحقق الازدهار للفلسطينيين».
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية عبيد حميد الطاير، إنه «ينبغي إعطاء فرصة لهذه المبادرة».
واعتبرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن «النمو في الضفة وغزة يجب أن يركز على توفير الوظائف».
وفي القدس، أكد السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان مجدداً «حق إسرائيل في ضم أراض في يهودا والسامرة» (الضفة الغربية)، مستغرباً إثارة تصريحاته السابقة بهذا الخصوص زوبعة من الامتعاض والتعليق.
من ناحيتها، جددت القاهرة، رفضها لما طرحه كوشنر، لا سيما، في فيديو عرض على المشاركين، وأظهر ضم قطعة من سيناء إلى الأراضي الفلسطينية.
ووقع عدد من البرلمانيين والسياسيين والأحزاب السياسية والجهات الحقوقية المصرية على بيان، بعنوان «افضحوا المشاركين… يسقط مؤتمر البحرين»، موجهين التحية إلى الشعب العربي الفلسطيني.
وفيما قالت مصادر مصرية، معنية إن «ما عرضه كوشنر، مرفوض والقيادة السياسية، أكدت أنه لا تنازل عن أي أرض»، شددت دار الإفتاء، على أهمية القضية الفلسطينية، مضيفة «القدس في القلب».
في سياق منفصل، أعلنت مصادر أمنية إسرائيلية عن لقاء سري جمع رئيس جهاز «الشاباك» نداف أرغمان، بالرئيس محمود عباس بحضور الوزير حسين الشيخ.
ونقلت القناة 12، عن المصادر تأكيدها أن أرغمان طالب عباس والشيخ بإلغاء الإضراب والحد من المواجهات في ما يخص رفض ورشة المنامة، ومنع أي عمليات عسكرية.
ولفتت إلى أن السلطة الفلسطينية، اعتقلت 3 نشطاء من حركة «حماس»، خططوا لتنفيذ عملية في إسرائيل، خلال انعقاد الورشة.
وانطلقت، أمس مسيرة من مقر «الأونروا» وصولاً لمقر الأمم المتحدة في غزة، للتعبير عن رفض «صفقة القرن» و»ورشة المنامة».