نورالدين مدني

*قبل أن ابدأ الدخول في الموضوع إسمحوا لي بتقديم وافر الشكر والتقدير للأستراليين الأصليين الذين تجاوزوا مرارات الماضي وسمحوا للغزاة والمهاجرين لتحتضنهم دولة أستراليا الرحيبة.

*أكتب هذا عقب إعلان نتائج الإنتخابات الفيدرالية الأسترالية لعام 2019م التي فاز فيها فاز فيها  التحالف الحاكم برئاسة رئيس الوزراء سكوت موريسون  بحصوله على 77 مقعداً مقابل 66 لحزب العمال حسب توقيت النشر في الصحف يوم السبت الأسبق، وإعلان بيل شيرتون زعيم حزب العمال إستقالته من رئاسة الحز الذي قبل الهزيمة بروح رياضية وإستقال متحملاً مسؤولية خسارة العمال للإنتخابات.

*هكذا تنتصر الديمقراطية في جو من التراضي والقبول وإحترام إرادة الناخبين بعد المنافسة الساخنة التي جرت بين حزبي الأحرار والعمال وسط توقعات كانت تشير إلى إمكانية تقدم حزب العمال على حزب الأحرار حسب إستطلاعات الرأي التي أجريت إبان الحملة الإنتخابية.

*قصدت ذكر تعبيرات الشكر والتقدير للأستراليين الأصليين التي درج الخطباء يذكرونها في كل مناسبة عامة لأن هذه الروح هي التي أسست ثقافة الإنسجام والتناغم داخل النسيج المجتمعي الأسترالي المتعدد الثقافات والاعراق، رغم  وجود بعض أفراد وجماعات اليمين المتطرف بشقيه الديني والشعوبي تهدد السلام المجتمعي.

*ظلت أستراليا تتمتع بالسلام المجتمعي نتيجة سيادة ثقافة التعايش الإيجابي بين مختلف مكونات النسيج الأسترالي لكنها لم تسلم من بعض الأعمال الإجرامية الفردية المعزولة التي أدت بدورها إلى رد فعل مضاد من بعض العناصر الشعوبية التي رفعت مواقف متشددة ضد المهاجرين واللاجئين خاصة الذين يركبون”الصعب” والمغامرة بأرواحهم على قوارب غير مأمونه تقذف بمن تبقى منهم عند الشوطئ.

أكتب هذا بعد ان إطلعت على أخبار نشرتها الصحف حول زيادة حالات محاولة الإنتحار وسط العالقين بجزيرتي مانوس وباولوا عقب إعلان فوز التحالف في الإنتخابات وإستمرار سكوت موريسون في رئاسة الوزراء الذي عرف بتشدده تجاه العالقين في مراكز الإحتجاز.

المعروف أن رئيس الوزراء موريسون أعلن صراحة رفضه للقانون الذي أجيز ليسمح للعالقين المرضى الدخول لإستراليا لتلقي العلاج وقرر إفتتاح معسكرفي جزيرة كريسماس لإستقبال الحالات المرضية من مراكز الإحتجاز، وكان قد أعلن عن عزمه إلغاء القانون الذي يسهل التحويلات الطبية للمرضى من طالبي اللجوء.

قالت المتحدثة بإسم مركز موارد اللجوء أن ستة أشخاص حاولوا الإنتحار وقال المؤلف والناشط المحتجز في مانوس أن هناك ثلاث حالات حرجة وسط الذين حاولوا الإنتحار وكتب على تويتر : يعاني اللاجئون في مانوس من حالة إكتئاب حادة نتيجة لإستمرر حكومة الإئتلاف بقيادة موريسون.

مرة أخرى أكتب منبهاً إلى عدم جدوى هذا التشدد القائم على مخاوف مسبقة من الإرهاب تعمم على كل العالقين في مراكز الإحتجاز، وأنها تتناقض مع الديمقراطية الإنسانية والثقافة الأسترالية القائمة على التعايش والإنسجام بين مكونات النسيج الأستراالي المتعد الثقافات والأعراق، دون ان يعني هذا التساهل في إتخاذ الإجراءات القانونية والأمنية التي تساعد في الحد من كل أنواع الجرائم.

تبقى مسؤولية مكافحة الإنحراف الفكري والسلوكي مسؤولية مشتركة بين الأسر ومؤسسات الدولة الرسمية والمنظمات المجتمعية الدينية والتعليمية والقافية والفنية والرياضية، بدلاً من حرمان المرضى من حقهم في العلاج نتيجة لمخاوف أمنية موجودة في كل المجتمعات وليس في مراكز الإحتجاز وحدها.