كلمة رئيس التحرير / انطوان القزي

اليوم ينظر مار نصرالله بطرس صفير  من عليّته الى الوطن الذي أحب وقاتل من أجله بالموقف والصوت والكلمة.

اليوم هو اول ايّام  مكوثه في  التراب الذي بقي يسير عليه ولم يرتفع عنه أو يتكبّرفي عزّ عظمته.

اليوم يفرح البطريرك الكبير بالمشهد الجميل الذي عاش في ربوعه سحابة قرن كامل مواطناً واسقفاً ومطراناً وبطريركاً وكاردينالاً.

اليوم يدرك الكاردينال الراحل كم هي جميلة ومحصّنة هذه الخريطة التي رعاها بمحبته، بصولاته وبحبرّيته.

اليوم يغفو البطريرك السادس  والسبعون على مخدّة بكركي المقدّسة بعدما استمدّ قوّته من صخرتها الدهرية وهو الذي اعطِي له مجدُ لبنان.

لن نقول وداعاً لحارس الذاكرة ، فمن مثله لا يرحلون ولا يترجلون ولا يلفّهم نسيان.

هو التاريخ سيتكىء عند ذاك القبر، يستلهم العبر، يتوقف عند فروسية حبرٍ ما هادن وما لان..

واليوم يذرف الوطن دمعتين: دمعة حزن على غياب الجسد ودمعة فرح لأنه ربح حارساً صلباً في السماء.

ليس وداعاً مار نصرالله بطرس صفير، بل هو لقاء جديد مع صفحاتٍ ذهبية تركتَها للتاريخ لتصبح أنتَ تاريخاً.

اليوم يزفّ لبنان الكبير من أقصاه الى أقصاه عظيماً يليق به أن يحلّ بين الأصفياء وأن يسكن الى جوار الصديقين.. والصدّيقُ مثل أرز لبنان ينمو ويزهر.