بقلم عباس مراد

على مقربة من موعد إلانتخابات تزداد الإحصاءات واستطلاعات الرأي التي ترصد أراء الناخبين والتغييرات في الأولويات بين الإنتخابات السابقة والإنتخابات القادمة وتزدهر مهنة  التحليلات السياسية حتى يحين موعد يوم الحسم الإنتخابي.

من الواضح أن السياسيين لهم أولوياتهم الخاصة وأجندتهم السياسية والإنتخابية التي يحاولون الإلتزام بها لجذب الناخبين وأحياناً كثيرة بعيداً عن إهتمامات الناخبين وأولوياتهم. يتجنب السياسيون الخوض في التفاصيل لأنه وكما يقال الشيطان يكمن في التفاصيل منعاً لأي تأويل أو سوء فهم تنتظره وسائل الإعلام المتعطّشة إلى خبر ما بغضّ النظر عن أهميته لملء الفراغ بالكلمات المناسبة وحتى غير المناسبة.

صحيفة الصن هيرالد وفي عددها الصادر الأحد 21/4/2019 نشرت إستطلاعاً حصرياً أجرته مؤسسة أبسوس  تعرض فيه لأولويات الناخبين  والتغييرات التي طرأت على مزاجهم وآرائهم  منذ العام 2016 معتمدة الأحداث او السياسات التي حصلت منذ الإنتخابات الأخيرة. وقد ختارت المؤسسة عيّنة من الأستراليين لإختيار المسائل والقضايا التي تشكّل الأولويات الثلاث لديهم.

تقدّم الإهتمام بالصحة حيث أن 32% من المستطلعين إعتبروا أن الصحة تحتلّ المرتبة الأولى في سلم أولوياتهم تتقدمهم الفئة العمرية فوق ال55 سنة. وجاءت كلفة المعيشة ثانية 31% متقدّمة على ما عداها من المواضيع الأخرى خصوصاً لدى الفئة العمرية دون سن ال55 سنة، وقد برز تطور مهمّ حيث تقدّم الإهتمام بشكل ملفت للنظر بقضية الإحتباس الحراري وإعتبر 23% من المستطلعين أن قضايا التغييرات المناخية لها اولوية لديهم مقارنة مع 14 % عام 2016 وتقدّمت إلى المرتبة الرابعة بعد أن كانت في المرتبة التاسعة عام 2016، وأبدى الشباب من الفئة العمرية تحت سن  ال 25 قلقهم من الظاهرة وحتى أن النسبة ارتفعت لدى المتقدّمين في العمر، وكانت نسبة الإهتمام متساوية بين المناطق الريفية والحضارية، وفي إستطلاع سابق حول الموضوع تبيّن أن 46% من الأستراليين يعتقدون أن سبب الإحتباس الحراري هي النشاطات التي يقوم بها الإنسان.

مؤشرالإهتمام بقضايا الهجرة كان إلى ارتفاع أيضاً حيث تقدّم من المرتبة الثامنة إلى السادسة على سلم أولويات الناخبين خلال السنوات الثلاث الاخيرة.

واعتبر 25% إن مكافحة الجريمة من أهم الأولويات لديهم. وجاءت قضايا الإسكان، البطالة، الفقر والمخدرات في المرتبة العاشرة على الرغم من أن قضية الإسكان كانت واحدة من المسائل الأكثر أهمية لدى الشباب، بالإضافة إلى سكان مدينة سدني.

الناخبون اعتبروا أن حزب العمال أكثر قدرة على إدارة الملف الصحّي وقضايا الإسكان والوظائف، بينما اعتبروا أن التحالف       ( الأحرار – الوطني) أكثر قدرة على إدارة الملف الإقتصادي والهجرة وقضايا الجريمة.

إذن، أين كانت هذه الأولويات في الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية؟

برز بشكل لافت تركيز الحزبين الرئيسيين على قضايا التخفيضات الضريبية وكان الإستطلاع قد أظهر أن الموضوع الضريبي لا يشكل هاجساً او اولوية لدى الناخبين حيث اعتبر 8% من الناخبين فقط أن الضرائب تأتي من ضمن المسائل الثلاث الأولى التي تحظى بالأهتمام بينما كانت النسبة 10% عام 2016.

كان للوضع الإقتصادي حصته البارزة في الحملة الإنتخابية على الرغم من أنه جاء في المرتبة الخامسة من إهتمام الناخبين وتراجعت النسبة المئوية من العام 2016 حيث كانت 30% إلى 23% حالياً.

قد تحمل الأسابيع المتبقّية من الحملة الإنتخابية بعض التركيز على القضايا الأكثر أهمية لدى الناخبين، لكن السؤال المهم هو هل سيخرج السياسيون من الحيّز الآمن ويضعون أولويات الناخبين قبل أولوياتهم ؟

الجواب، الحذر ما زال سيد الموقف وستبقى لازمة العدالة الإجتماعية عنوان الحملة الإنتخابية لحزب العمال بعيداً عن االتفاصيل كما ذكرنا آنفاً، وبعكس الحكومة فإن العمال لديهم خطة لكيفية الحد من الانبعاث الحراري.

الحكومة ورئيس وزراء تصريف الأعمال سكوت موريسن سيستمر في  ترداد لازمته الإنتخابية بمن تثقون أكثر لإدارة الإقتصاد، وعلى ما يبدو أن الأحرار لن يخوضون كثيراً في البحث في موضوع الانبعاث الحراري وأسعار الطاقة لانه يعيد تذكير الناخبين بالفوضى السياسية التي رافقت الموضوع، وادت الى الإطاحة بمالكوم تيرنبول من زعامة الحزب والتي كان لها ردة فعل سلبية لدى الناخبين، وإن كان طوني أبوت رئيس الوزراء الأسبق تراجع عن مواقفه السابقة والتي كانت تنفي وجود ظاهرة الاحتباس الحراري.

أخيراً، أعتقد أن المعارضة والحكومة لن يبدلا تبديلاً مع بعض الإضافات التجميلية بين الحين والآخر والوعود بإنفاق بضعة ملايين من الدولارات هنا وهناك وصولاً إلى يوم الحسم الإنتخابي.