بقلم رئيس التحرير / انطوان القزي

ما يحصل في سوريا، وفي آفاميا وتدمر، يعيد المشهد نحو ألفي سنة الى الوراء. فقد عاد الأفرقاء السوريون  ليكونوا «الغساسنة والمناذرة الجدد»، فالغساسنة العرب أسسوا مملكة في بلاد الشام ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية في فترة ما قبل الإسلام، والمناذرة العرب حكموا العراق وكانوا يتبعون للإمبراطورية الفارسية، وإذا ما استخدمنا المصطلحات الحديثة فإن الغساسنة كانوا حلفاء «الغرب» والمناذرة كانوا حلفاء «الشرق» تماما كما يحدث اليوم عندما يتوزع السوريون  إلى غساسنة جدد حلفاء لروسيا (أحفاد البيزنطيين) ، بينما يحالف بعضهم الآخر المناذرة الجدد إيران ( أحفاد الفرس) .

وآخر المشاهد في سوريا هو التنافس غير المعلن بين روسيا وإيران، وقد تجلّى ذلك من خلال الإشتباكات بين الفئات الموالية للبلدين، لاسيّما «الفرقة الرابعة» التي يقودها ماهر الأسد وتدعمها إيران، وبين «الفيلق الخامس» وقوات «النمر» التي يقودها العقيد سهيل الحسن وتدعمها روسيا، وذلك بسبب صراع نفوذ بينهما على عدد من المناطق في وسط سوريا، وتشعر طهران أن روسيا ضحّت بالمصالح الإيرانية لقاء تنسيقها مع إسرائيل وتركيا.

لا تسألوا عن الأميركيين والأكراد،لأنهم يضحكون في سرّهم ويخططون بهدوء لتقاسم الجبنة شرق الفرات، ولا تسألوا عن النظام، فهو يمسك بيده اليمنى فستان خالته موسكو، وعندما يتعب يمسك بيده اليسرى فستان عمّته طهران، وبين الفستانين طارت تنورة زنوبيا معلنة حكاية أندلس جديدة.

لكن هذه المرّة لا يوجد رجال ليبكوا ملكاً أضاعوه كالنساء!..