- بدت حركة الدولة ، وتحديدا الحكومة برئاستها ووزاراتها المعنية الى جانب الجيش والاجهزة الامنية ، في الساعات الاخيرة كأنها في حال جهوزية غير معلنة للتحسب لكل الاحتمالات المترتبة على المعارك الجارية في القلمون السورية وعند الحدود المتداخلة مع لبنان . ولكن العامل البارز في المشهد الرسمي سياسيا وأمنيا عكس الى حدود بعيدة تماسكا في المعطيات المتوافرة عن سائر الاجراءات المتخذة والمرشحة للاتساع في مواجهة احتمال حصول ترددات وتداعيات للمعارك علما ان مجمل المعطيات لا تزال تشير الى ان الموقف الميداني في الجبهات الجردية مرشح للتصعيد التدريجي في قابل الايام .
والحال ان ما رشح عن الاجتماع الأمني الموسع الذي عقد برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام وضم الوزراء والقادة العسكريين والأمنيين اتسم بالكتمان حيال العرض الأمني العام او الملامح التفصيلية التي نوقشت خلال الاجتماع . غير ان المعطيات المتوافرة لـ» النهار» عن الاجتماع اشارت الى ان ليس لدى الدولة مخاوف من الحجم الذي شاع في الايام الاخيرة ولو ان انعقاد الاجتماع في ذاته يعكس الاتجاه الرسمي الحكومي الى تشديد القبضة الامنية الداخلية اكثر فاكثر في موازاة التشدد العسكري عند الحدود تحسبا لكل الاحتمالات . وتفيد المعلومات ان العرض الذي قدمه القادة العسكريون والأمنيون عكس ارتياحا لجهة اتساع رزمة الاجراءات الامنية من اجل الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتوفير الاطمئنان العام للمواطنين في مجمل المناطق لا سيما منها تلك القريبة من الحدود الشرقية مع سوريا بعدما شهدت هذه المناطق اخيرا اتساع معالم الحذر والتخوف من تمدد مفاعيل المجريات القتالية الجارية في المقلب السوري المتاخم للحدود او المترابط مع الجرود اللبنانية في البقاع الشمالي كما جرى عرض للوضع السائد في مناطق معينة من البقاع الاوسط والغربي بعدما شهدت هذه المناطق نقزة واضحة في الايام الاخيرة عزتها الشائعات عن خشية من تمدد الخطر الى تخومها . وتهدف الاجراءات التي نوقشت وتقرر المضي في ترسيخها وتوسيعها الى تبديد المخاوف من التداعيات المحتملة للمعارك في وقت يبدو معه ان الجيش اتخذ كل ما يلزم من تدابير واجراءات وتعزيزات في مختلف مناطق انتشاره عند الحدود ، كما ان الاجراءات الامنية الداخلية ولا سيما منها التي تعززت بقوة في الايام الاخيرة في مناطق الضاحية الجنوبية وسواها عكست بدورها مستوى متقدما من التنسيق بين مختلف الاجهزة الامنية بما سيساهم في تبديد المخاوف من الاستهدافات المحتملة من جهة وتمتين الجبهة الامنية الداخلية من جهة اخرى .
في اي حال لا يعكس الواقع الميداني في مناطق المعارك الجارية ولا سيما منها جرود عسال الورد والجبة وبريتال الأقرب الى الحدود اللبنانية معطيات عن معركة سريعة او حاسمة ولو ان الايام الاخيرة حملت تقدما لـ»حزب الله « والجيش السوري في هذه المناطق الامر الذي برز مع تنظيم الحزب رحلة اعلامية وصحافية الى بعض المواقع التي سيطر عليها في جرود عسال الورد وبريتال .
وحتى الحزب نفسه لا يزال يحاذر الحديث عن المعركة الكبيرة في القلمون وموعدها ومجرياتها بما يشير الى ان كل شيء لا يزال مرهونا بتقويم ميداني للموجة الاولى من هذه المعارك عسكريا وسياسيا . وهذا يعني ان الامور لن تجري بوتيرة سريعة ومفاجئة كما شاعت الانطباعات اخيرا .
في غضون ذلك يبدو المشهد السياسي الداخلي متجها نحو مزيد من الغموض مع بدء العد العكسي لفتح ملف التعيينات الامنية والعسكرية في مطلع حزيران المقبل مع حلول موعد بت موضوع تعيين المدير العام الجديد لقوى الامن الداخلي او التمديد للمدير العام الحالي . واذ تصاعدت وتيرة الكلام عن « كل الوسائل « التي قد يلجأ اليها الفريق العوني اذا اتبع خيار التمديد اعتبارا من حزيران تحدثت معلومات عن بدء المشاورات بين قوى 8 آذار في شأن ما يمكن ان يقدم عليه الحليف العوني وموقف الحلفاء من هذه الاحتمالات بعدما وضع العماد ميشال عون الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله امام صورة الخيارات التي يزمع اتخاذها . ولعل البارز في هذا السياق ان اي مشاورات لم تحصل بعد على صعيد مشترك بين قوى 14 آذار و8 آذار الامر الذي يفسره معنيون بانه يعكس اتجاها مزدوجا : الاول تجنب اثارة خلاف مبكّر حول ملف يعني المؤسسات الامنية والعسكرية ويفترض تحييده ما امكن عن الضجيج الإعلامي في هذه الظروف الحرجة بالذات . والثاني ، وهو الاهم ، ان الامر سيترك الى موعده وظروفه على قاعدة المعادلة التي يكررها الرئيس نبيه بري وهي افضلية التعيين اذا توافر التوافق او التمديد اذا تعذر التوافق .