استفاض ممثل الادعاء غرايم كامرون في طرح الأسئلة على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في اليوم الثاني من إفادته أمام غرفة البداية في المحاكمة الخاصة بلبنان برئاسة القاضي ديفيد راي.
ردّ جنبلاط شاهداً، واصفاً علاقة «حزب الله» بالنظام السوري في منتصف 2004 وحتى 2005 بأنها «كانت دائماً جيدة بينهما، تاريخياً كانت جيدة ولم يتغيّر شيء». وأضاف: «عندما أرسي اتفاق الطائف وافقنا على تجريد الميليشيات من السلاح، وبقيت ميليشيا حزب الله وما يسمى اليوم المقاومة من أجل تحرير لبنان من العدوان الاسرائيلي. وهذا كان بالتراضي بين الأفرقاء في لبنان وسوريا». وردّ العلاقة بين الطرفين في أيام الرئيس حافظ الأسد، و»هو كان من الأحزاب المناصرة لسوريا كما كنت أنا في مرحلة معينة قبل أن انفصل عن سوريا عام 1992. كنا جميعا في الحلف الوطني اللبناني ? السوري».
وبعدما أفاد أن الرئيس السوري بشار الأسد «كان من أحد الطغاة الذين يحكمون حتى الآن في الدول العربية، ولم يكن فريداً كطاغ»، تحدث عن «اصلاحات عدة لم تطبق في اتفاق الطائف، أهمها الغاء الطائفية السياسية التي لم تلغ، وكان هذا عذراً يعرفه السوريون واستخدموه ذريعة للبقاء». وذكّر مطالبته سوريا عام 2004 «بالكف عن التدخل في الجزئيات اللبنانية الداخلية، فموقفي المبدئي هو تطبيق الطائف والانسحاب من لبنان وتأكيد علاقات جيدة بين لبنان وسوريا». وذكر أن «الحريري تمسك دائماً باتفاق الطائف، وهو أحد واضعيه».
وعُرض شريط مصور للقاء بريستول بدا فيه جنبلاط، فأشار الادعاء الى وضع الشاهد ربطة عنق وارتدائه زي عمل، وغيره لا يفعل ذلك». فردّ جنبلاط: «هذه حرية الملبس. في غالب حياتي أرتدي الجينز والجاكيت الجلد. طبعاً في المحكمة يكون الزي رسمياً».
وسئل عن موقف جبران تويني من الانسحاب السوري واتفاق الطائف والقرار 1559. فأجاب: «الشهيد جبران تويني، ابن غسان تويني، وهو ابن مؤسسة عريقة وديموقراطية، صحيفة كبيرة جدا في لبنان هي «النهار». لذلك كان لقاء طبيعي بيننا، وبين جبران وكل مجموعة او فرد او حزب يلتقي معنا على اهمية الانسحاب السوري وفق الطائف». وكرر جنبلاط انه والحريري «لا علاقة لهما بالقرار 1559، ولكن مع الانظمة الاحادية الشمولية الديكتاتورية لا مناقشة لقبول التمديد للحود أو عدمه، ولا حرية مناقشة وابداء رأي وحتى ابداء الرأي للحريري عندما ذهب الى دمشق، واستمعنا بالامس الى (الكلام الذي جرى بينه وبين غزالي (في الشريط المصور الذي بث أول من أمس) حتى في دمشق لم يسمح له بالجلوس. وقال له الاسد اذا اراد شيراك ان يخرجه من لبنان فسأحطم لبنان. وهذا يعني تهديداً».
وذكر انه في تلك المرحلة من عام 2004 لم يلتق الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله»، متناولا محاولة اغتيال النائب مروان حماده: «بينما كنت في طريقي الى المستشفى تلقيت اتصالا من الحريري من باريس وابلغني ان سيارة مصفّحة تنتظرني على باب المستشفى. كما اتصل بي العماد حكمت الشهابي وقال لي: «انتبه وكن حذرا». وبوصولي احتشد جمهور كبير جدا من المناصرين وكان الاتهام المباشر لسوريا. تذكر الجمهور اغتيال كمال جنبلاط. واستنتج من كلام الشهابي ان ثمة خطرا يحدق بي. وكانت المرة الاولى التي ينبهني فيها الى الخطر»، مشيرا الى «ان موقف حماده آنذاك كان هو موقفي نفسه».
وعرج على «عيادة عبد الحليم خدام النائب حماده اثناء وجودي في المستشفى. تحدث عن تعرضه لحادث مماثل على يد رفعت الاسد. واستنتجت من هذه الاشارة انه اراد في شكل غير مباشرة ان يشير الى النظام السوري. لم يكن يستطيع اتهام النظام، ولكن اعطانا رسالة بأن محاولة اغتيال مروان آتية من سوريا ومن نظام بشار الاسد».
وتدخل القاضي راي متوجها الى كامرون: «ما من متهم في هذه الغرفة بشأن تلك القضية، وتاليا لا نستطيع ان نستنتج من كان مسؤولا. ولا نستطيع ان ننظر في الاهداف في ما يتعلق بالمتهمين الخمسة أمام هذه المحكمة».
وتابع جنبلاط: «اعتبر الحريري انهم لن يقوموا بأي عمل مجددا تجاه احد في لبنان. اخبرني انه تحدث مع شيراك الذي وجه رسالة قاسية الى بشار الاسد، فأجبته بان هذا غير كاف وقلت له اعرفهم اكثر منك. وحتى اللحظة الاخيرة قبيل اغتياله كنت اقول له دائما انتبه. ولم اصدق ان الرسالة يمكن ان تردع بشار عن الاغتيالات». وتمنى «ان يمثل المتهم بمحاولة اغتيال مروان في هذه القاعة». واعتبر جنبلاط ان الاعتداء على حماده «كانت بداية رسالة المواجهة السياسية والجسدية «نعرف ما نفعل بكم» (اول من أمس) ذكر القاضي كامرون المواجهة. وهذه كانت المواجهة معهم. لا مزاح. نواجه بالدم والقتل والتصفية. اما الحريري فاعتبرها رسالة مزدوجة له ولي. وقلت له انتبه، هذا لا يردع برسالة أو رسالتين، وبعد التمديد كانت العلاقة بين شيراك والأسد «سيئة جدا».
وأضاف ان النائب السابق ناصر قنديل «كان من الودائع السورية في لائحة الحريري مع النائبين السابقين باسم يموت وعدنان عرقجي»، مركزا على ان «الحريري رفض عام 2005 قبول ما يسمى ودائع سورية. واستقال في آخر حكومة له بعدما وصل الى افق مسدود اذ كانت ثمة استحالة في التعاون مع لحود». واعتبر ان «حكومة الرئيس عمر كرامي كان كل الوزراء فيها حلفاء لسوريا. وقال انه وضع والحريري «خطة للانتخابات النيابية 2005 وتشكيل حكومة بعيدا من الوصاية السورية»، واصفا القانون الانتخابي المقترح آنذاك بالقانون «الاقصائي لإلغاء الحريري والغائي والغاء الجميع».
وتحدث جنبلاط عن «قرار من حكومة كرامي وقتذاك بمنعي من التحدث الى اي موظف رسمي، مهددين الموظفين بالمعاقبة في حال فعلوا». وانتقد «تخفيف الحراسة الامنية لمنزل الحريري. كما كان ثمة نوع من التهويل حول منزلي بدوريات مشبوهة. كان قانون الأقوى سائدا وامر عمليات». وقال «ان التصعيد كان يوميا ومستمرا ولم يكن جديدا لأزلام النظام السوري تجاهنا. وهناك جريمة ضخمة ارتكبت في لبنان نتيجة اتهام خاطئ وتهديد مباشر بأن الحريري متواطئ في القرار 1559، وهذا غير صحيح». وفي هذا السياق أتى جنبلاط على ذكر زيارته لشيراك في 3 كانون الاول 2004 و»اعلنت له رفضي القرار الدولي».
واستوقف جنبلاط كلاما للحريري قبل ستة ايام من اغتياله عندما زاره في قصر قريطم. وقال: «كان حديث بيننا عن تعاون في الانتخابات، وتطرق الحريري في كلامه الى شيء لافت ربما كان ذلك حدسه، اذ بادرني: «عندما تقترب الساعة اما بيقتلوك او بيقتلوني». وقصد بهذه العبارة السوري. شعر الحريري بالخطر. أتاه حدس. ومن منا امام الموت لا يخاف؟ وشبّه حدس الحريري بحدس كمال جنبلاط. واضاف: «كان مثل والدي الذي عرف ان قدره آتٍ. ويوم مقتله كتب في جريدة «الأنباء» ربي اشهد اني بلغت. وقال رفيق الحريري الأمر نفسه».
وسأله كامرون عن «تظاهرة كبيرة في بيروت قام بها «حزب الله» تندد بشيراك والقرار الدولي»، فأجابه جنبلاط: «الحزب متحالف مع سوريا. وهذا في سياق التحالف الطبيعي بينهما». ورفعت الجلسة الى اليوم للمتابعة.