كندة سمارة – ملبورن
البرغماتية وتعني الاستناد على العقل في التحليل فلا وجود لأفكار مطلقة، بل هناك معارف وأفكار مفيدة بقدر معين لكنها قابلة للتجديد، وهذا ينطبق على جميع الأفكار والمعتقدات سواء كانت أفكار عادية أو معارف علمية أو قيم أخلاقية أو حتى مذاهب سياسية.
بينما الدوغمائيّة فهي التعصب الكامل لفكرة ما وبشكل مطلق، فيبدو فيها العقل منغلق على نفسه ومتفاعل فقط مع المجتمع الذي يتشارك معه بنفس الأفكار… فهو يعتبر بأن أفكاره التي يؤمن بها هي أفكار يقينية وقطعية… وطبعاً هذا لا يقتصر على المعتقدات الدينية فهناك دوغمائيات سياسية واجتماعية واقتصادية وحتى ثقافية.
بين البرغماتية والدوغمائية ظهرت شريحة أخرى لا بأس بها في المجتمع، وهذه الشريحة ليس لها فلسفة محددة ولا إيديولوجية معينة وهي تعتمد على منهج الرز بحليب.
فبينما هناك من يريد أن يستخدم العقل للوصول إلى أرقى فائدة للعلوم والمعارف، يوجد بذات الوقت من يجعل من العقل لباس أو أدوات تجميل أو علبة سجائر، فهو يلغي العقل في سبيل الحصول على التوازن الذي نشأ وتربى عليه.
ففي الوقت الذي يأتي من ينادي بالليبرالية باعتبارها منهج فكري يقبل بالتعددية، يأتي شخص أخر ويقسم على أن الليبرالية هي خروج عن الثوابت وربما الكفر.
مهما توقفت حرية التفكير والتعبير إلا أن ذلك التوقف لن يطول… ولكن مع ذلك ستظل فئة الرز بحليب موجودة ومترافقة معنا… تلك الفئة التي كل دورها يتلخص بأن تنتقد سلوك ابن الجيران أو تعلّق على تسريحة شعر فلان… على ما يبدو أن هذه النزعة ودون وعي تنغرس فينا وبجيل كامل تدريجياً، وهنا يكمن دورنا بأن نحاول أن نعدّل من سلوكنا وطريقة تفكيرنا ونقوم بالتركيز أكثر على الأشياء المفيدة والتي فيها تطوير العقل والمعارف ونبتعد ولو قليلاً عن الرز بحليب.