محمد صالح
من جديد، دخل مخيم عين الحلوة في نفق الاضطراب الأمني، حتى كاد الاغتيال أن يكون شيئاً عادياً و «غب الطلب»، بلا أي رادع من أيّة جهة أمنيّة أو سياسية فلسطينية. فبعد اغتيال الشاب اللبناني مروان عيسى جاء، أمس الأوّل، دور اغتيال ابن مخيّم عين الحلوة الفلسطيني مجاهد البلعوس أمام منزله في المخيّم، بسبب انتمائه الى «سرايا المقاومة»، خصوصاً أنّه أكّد لعدد من قيادات الفصائل أنه يتلقى تهديدات بالقتل.
وتشير إحدى الروايات الأمنية عن كيفيّة اغتياله إلى أنّ الجناة أقدموا على قطع اشتراك الكهرباء العائد للبلعوس، وما إن خرج المغدور من المنزل الى الشارع لتفقّد أسباب انقطاع التيار، حتى انهمر عليه الرصاص ليصاب عن مسافة قريبة جداً في بطنه ورأسه نقل على أثرها إلى «مركز لبيب الطبي»، حيث فارق الحياة بعد الساعة الواحدة فجراً.
وبالتالي، فإن مجموعة من المسلّحين تمكّنت من فرض إرادتها بالقوة على كل من في المخيّم من فصائل وقوى وطنية تاريخية وإسلامية وازنة.
الأخطر في ما يحدث أنّ الاغتيال بات ضدّ من يحمل رأياً أو معتقداً أو انتماء سياسياً مختلفاً، ولم يعد مقتصراً على الانتماء الى منظمات او قوى بعينها. وأصبح يستهدف، إضافة الى اللبناني الذي يزور المخيم ولديه انتماء سياسياً، الفلسطيني الذي ينتمي إلى فصيل أو تيار لا ترغب به الجهة التي تتولى تنفيذ الاغتيال. في حين تكتفي القوى الفلسطينية السياسية ومسمياتها الأمنية أن تلعب دور النعامة التي تكتفي بدفن رأسها في الرمل والعجز والضعف سمتها الابرز، وفق مصادر فلسطينية.
وكشفت المعلومات أنّ المشرف على الساحة اللبنانية من قبل السلطة الفلسطينية عزام الأحمد موجود في بيروت وعقد اجتماعاً في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت لأعضاء قيادة الساحة اللبنانية والامن الوطني الفلسطيني وقيادة القوة الامنية الفلسطينية، بهدف الاطلاع على الاوضاع الامنية في عين الحلوة اثر اغتيال بلعوس وقبله عيسى.
إلى ذلك، أشار قائد الأمن الوطني الفلسطيني صبحي أبو عرب إلى أن «هناك فئة مأجورة تستخدم القتل والجريمة من أجل بث الفتنة وعدم الاستقرار في مخيم عين الحلوة».
ووصف منسق «المبادرة الشعبية» في عين الحلوة إبراهيم ميعاري اغتيال بلعوس بـ «الضربة الموجّهة الى صميم العمل الشعبي ودوره»، مشيراً إلى «خطورة هذه الأعمال وانعكاسها على مخيمنا وأهلنا».
وفي سياق متصل، تحول «اللقاء السياسي اللبناني الفلسطيني» الذي عقد أمس بحضور الأمين العام لـ «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد، أمس، في «مركز معروف سعد الثقافي» في صيدا، إلى لقاء عاصفٍ تخللته «اصوات مرتفعة» لجهة استنكار الاغتيالات التي تحصل في المخيم وعجز الفصائل والقوى الفلسطينية وأذرعتها الامنية عن ردعها ووضع حد لها.
وأعرب عدد من ممثلي الأحزاب عن خشيتهم من مخيم عين الحلوة «الذي لم يعد هو نفسه عين الحلوة الذي كنّا نعرفه ونجول فيه حتى الـ 2011، إذ أنّنا اليوم نخاف التجول فيه ونحشى على انفسنا من الاغتيال».
وصدر عن المجتمعين بيان تلاه عضو اللجنة المركزية لـ «التنظيم» ناصيف عيسى، الذي حذّر «من المشاريع السياسية المشبوهة التي ترسم للأمة وللبنان وللوجود الفلسطيني على أرضه، داعياً القوى السياسية كافة إلى المزيد من الوعي والحذر والعمل على التصدي لهذه المشاريع، لاننا نعتبر مخيم عين الحلوة يشكّل العنوان الحقيقي لحق العودة». وأضاف: «كل الأنظار المتآمرة تتجه إلى مخيم عين الحلوة لإضعافه وضربه، كما حصل في اليرموك والبارد وغيرهما، تسهيلا لإلغاء حق العودة»، داعياً إلى دعم القوة الأمنية في المخيمات الفلسطينية، وإعطائها دورها الأساسي في معالجة القضايا ذات الطابع الأمني.
«القيادة» تطلّق «الإطار»
إلى ذلك، سجلت «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» مفاجأة من الوزن السياسي الثقيل عندما أعلنت تعليق مشاركتها في الإطار الموحّد لجميع القوى والفصائل الفلسطينية إن على مستوى القيادة المركزية أو على مستوى المناطق في لبنان، وذلك احتجاجاً على ما وصفته بـ «التجاوزات التي أدت إلى خلق وقائع من خارج العمل الموحد لإطار الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في لبنان والإشكاليات التي طغت على العمل المشترك»، فعلّقت مشاركتها «إلى حين إنهاء هذه العلاقة المربكة للجميع».
واشارت «الجبهة»، في بيان، إلى «جملة من التجاوزات التي ارتكبت مؤخرا، من بينها سلوك طريق غير طريق توجهات القيادة السياسية العليا في لبنان، واصدار البيانات من دون علم أحد، وتوسيع الإطار السياسي من دون العودة للقيادة السياسية، وإعداد مذكرات غير متوافق عليها وإعادة صياغة تشكيل قيادة القوة الأمنية، من دون العودة للإطار السياسي الأول للفصائل والقوى في لبنان، ومن ثم تمّ نشر القوة الأمنية في مخيم المية وميّة، واتخاذ قرار بنشر القوة الأمنية في بيروت من دون اية مشورة. كما أن القوى لا تراعي خلال عقد اجتماعات الإطار الأول للفصائل والقوى مسألة الحضور، وقد أصبح فضفاضاً ويضم من خارج المسؤولين الأوائل».