محمد نمر
في وقت كان يكمل فيه رئيس الحكومة سعد الحريري لقاءاته في السعودية، كان وزير الخارجية جبران باسيل يغرّد خارج السرب، كاشفاً عن أن الوفد لم يكن يعلم أن بياناً سيصدر عن القمة العربية – الاسلامية و»أننا تفاجأنا بمضمونه»، فيما الأجواء من هناك توحي بما يعاكس ذلك، إذ تؤكد مصادر مطلعة على مجريات القمة لـ»النهار» أن «البيان كان متوقعاً وتمت صياغته بعناية خاصة بحسياسية الوضع في لبنان»، مشددة على أن «مشاركة لبنان في القمة حيدته عن أزمة كبيرة في المنطقة».
ووضعت المصادر 6 نقاط ردت فيها على موقف باسيل:
أولاً: أي لقاء لوزيرين ينتهي ببيان أو مؤتمر صحافي، فهل من المعقول أن تنعقد قمة من 70 رئيساً ولا يصدر عنها أي بيان؟
ثانياً: الوزير باسيل كان حاضراً خلال كل مجريات القمة وسمع كل حديث يصف «حزب الله» بالارهابي، لكنه في النهاية احتج على بيان ختامي لم يتطرق إلى «حزب الله»، ما يرجح عدم اطلاع الوزير على الحيثيات التي حصلت وأظهرت التفهم السعودي لوضع لبنان وتمت ترجمته في عدم وضع «حزب الله» في البيان كارهابي كما لم يتم فرض عقوبات عليه؟
ثالثا: قال الوزير: نتمسك بالبيان الوزاري، والسؤال: ماذا قيل في القمة يمسّ بالبيان الوزاري؟ فاعلان الرياض تحدث عن رفض تدخل إيران بالشؤون الداخلية للدول الاخرى ورفض دعم جماعات ارهابية وانتقد عدم الالتزام بالموثيق الدولية وحسن الجوار، فإيران نفسها تقول أنها لا تتدخل، والخاطاب لم يعلو عن السقف المتعارف عليه.
رابعاً: بيان القمة عبارة عن توصيات وليس بياناً ملزماً وليس فيه أي اجراءات تنفيذية تلزم الدول الحاضرة فيه والدليل أن هناك دولاً حاضرة، معروفة بعلاقتها الجيّدة مع إيران ومنها مصر، وغالبية الدول المشاركة لديها سفارات في إيران.
خامساً: كان الأجدر بوزير الخارجية إذا كان يعتبر ان ما حصل في القمة خطأ أن يبلغ رئيس الحكومة بالموضوع ولا يصدر موقفاً منفرداً، لأنه ظهر وكأنه موقف حزبي لا حكومي.
سادساً: كلام الوزير لم يحرج الحريري، لأنه كان معروفاً ان هناك بياناً وان السعودية اهتمت بحساسية الوضع في لبنان ولذلك تم تجنب أي ذكر في البيان بأن «حزب الله» ارهابي».
ووضعت المصادر ثلاثة مكاسب حققها لبنان بمشاركته في القمة:
«اولاً: بقي لبنان ضمن الاجماع العربي.
ثانياً: شارك لبنان بقمة استثنائية ترسم مصير المنطقة.
ثالثا: تمكن لبنان بمشاركته من تحييد نفسه من أي تداعيات سلبية من الاشتباك في المنطقة، ودور الحريري أدى إلى استمرار فكرة تحييد لبنان ولو غبنا عن القمة لكان لبنان منعزلاً عربياً و»حزب الله» منعزلاً لبنانياً واعتبر الحزب في البيان ارهابياً وفرضت العقوبات ونصبح جزءاً من الصراع».
وختمت المصادر قولها: «على المسؤولين اللبنانيين أن يعرفوا أنه لا يمكن التعاطي مع المجتمع الدولي ومقتضياته والقوى الكبرى انطلاقاً من قانون انتخابات يؤمن صحة التمثيل لجهة معينة أو انتخابات مريحة في البترون مثلاً، المجتمع الدولي ليس جزءاً من منظومة تؤمن مصالح البترون في الانتخابات».