التوتر العالي في ملف الكهرباء، بعضه تقني ومالي واصلاحي، والبعض الآخر انتخابي وسياسي، وفيه رسالة الى العهد تحمل في طياتها عرقلة كل المشاريع المقبلة اذا لم يعمد الى تقديم تنازلات. الرسائل في كل اتجاه، منها موافقة ضمنية من رئيس الجمهورية على النسبية ولكن مشروطة، ونفي من الرئيس سعد الحريري لوجود مشروع لديه يناقض ما يسربه فريق عمله، وتفاؤل يبديه «حزب الله» بالتوصل الى قانون جديد قبل 20 حزيران. الأجواء المتضاربة حضرت أمس في اجتماع اللجنة الوزارية التي تدرس الملف، من غير ان يحضر الجد معها، إذ ان المشاورات الفعلية تجري في كواليس المقار الرسمية وصولاً الى «بيت الوسط» حيث أمضى الوزير جبران باسيل وقتاً مع الرئيس الحريري معوضاً اجتماعات سابقة غاب عنها، وعارضاً مع رئيس الوزراء المخارج الممكنة. وبات مؤكداً ان سياسة اللعب على حافة الهاوية مستمرة الى ما بعد 15 أيار الجاري موعد الجلسة النيابية المقررة. أما الاجواء الايجابية التي سربت أمس ففحواها خطوط عريضة تقرب بعض وجهات النظر ولا تلغي التباعد ولا تبيض مشروعاً جديداً. وتستمر المشاورات الثنائية اليوم وغداً في مشهد تمثيلي يسبق موعد 15 أيار.
واجتماع اللجنة الوزارية لم يقدم جديداً في شأن قانون الانتخاب واقتصر على عموميات وتأكيد الاجماع ثوابت ثلاثاً: لا للتمديد، لا للفراغ ولا للستين. وتم فيه الاتفاق على ان موعد 15 أيار ليس نهاية المطاف، لأن معنى عدم الاتفاق على قانون جديد هو العودة الى الستين وهذا مرفوض. وبعد انتهاء اجتماع اللجنة، استكمل لقاء ثنائي مطول بين الحريري والوزير باسيل، أدى الى إلغاء رئيس الوزراء مواعيده في بيت الوسط.
وحرص الوزراء عقب اجتماع اللجنة، على إشاعة اجواء ايجابية، فقال الوزير حسين الحاج حسن: «نقاش إيجابي». وأشار الوزير طلال ارسلان الى ان الكل مسلم بضرورة إنجاز قانون واعتقد اننا أصبحنا قريبين من الوصول الى الحل.
وكان عقد اجتماع ثلاثي في وزارة المال ضم الوزير علي حسن خليل والنائب جورج عدوان ومدير مكتب رئيس الوزراء نادر الحريري وعلم ان كل صيغ النسبية نوقشت فيه من غير ان يسجل أي تقدم في أي منها. كما لم يحسم موضوع مجلس الشيوخ.
وتزامن هذا اللقاء مع معلومات عن تمسك رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» بالطرح التأهيلي وضرورة اعطائه فرصة أخيرة في المشاورات قبل الوصول الى 15 أيار وقبل الانتقال الى أي طرح آخر. وفي هذا الاطار قال الرئيس ميشال عون: يريدونَ قانوناً انتخابياً على أساسِ النسبية من دونِ ضوابطَ، ونحنُ نطالبُ بإيجادِ هذه الضوابط، ومنها التاهيلُ لوصولِ الأكفياء الذين يمثلونَ طوائفَهم، ومنفتحونَ على ايِّ طرحٍ يحققُ فعلاً هذه الاهدافَ.
وعلى رغم هذا الانسداد، تؤكد مصادر 8 آذار من المطلعين على مسار المفاوضات الناشطة في اكثر من اتجاه، ان الانتخابات ستجرى في أيلول على أساس النسبية الشاملة وفي عشر دوائر، على ان يكون الصوت التفضيلي في القضاء وليس على أساس طائفي.
وتشير هذه المصادر الى اتجاه الى تأجيل جلسة التمديد المقررة في 15 أيار، والى امكان الاتفاق على فتح ورشة حكومية – نيابية ستؤدي حكماً الى فتح دورة استثنائية للتشريع من أجل اقرار قانون الانتخاب والموازنة.
الكهرباء
أما ملف الكهرباء، فيكرّس التباعد القائم مع الرئيس نبيه بري، ويجسد اختلافاً ما بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» بدليل ما أقدم عليه وزراء «القوات» أمس الاول مع الوزير ميشال فرعون بأن أخرجوا اعتراضهم الى الملأ. وحضر الملف امس على طاولة مجلس الوزراء ولن يكون في وسع وزير الطاقة امراره من دون تعهد لعرض كل المراحل على المجلس.
وقد وصف رئيس مجلس النواب البواخر بأنها «معوِّمة للجيوب، هذه الصفقة ليست تفصيلاً وكل صفقة لا تمر بدائرة المناقصات مشبوهة حتماً». أما وزراء «القوات اللبنانية» فأكدوا في مؤتمر صحافي ضرورة احترام قرارات مجلس الوزراء والعودة اليه، وأعلنوا تمسكهم بتوسيع مروحة الخيارات في دفتر الشروط في اتجاه أفضل الحلول لناحية الكلفة والسرعة في التنفيذ والشفافية والقوانين المرعية والأولويات البيئية، وأن يُطبَّق قانون المحاسبة العمومية في ما يتعلّق بالمناقصات واستدراج العروض وفضّها. ولاحظوا أن عملية استدراج العروض أطلقت خلافاً لقرار مجلس الوزراء والأصول القانونية، بدليل أنه لم يُعرض على مجلس الوزراء أي دفتر شروط، بل اعتمدت وزارة الطاقة والمياه دفتر شروط معدَّلاً، أقرَّته حكومة سابقة بقرارٍ سابق لهذا القرار، اُجريَت بموجبه صفقة عمومية شابتها ثغرات قانونية وإجرائية عدّة.