علم أن هيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية توصلت إلى حكم لـ «مصلحة أستراليا» في نزاع تجاري كبير يطعن بقانون أسترالي يفرض على شركات صناعة السجائر والتبوغ تغليف سجائرها بعلبٍ خالية من العلامة التجارية.
وترفض منظمة التجارة التعليق، وهي لا تقول شيئًا سوى أنَّ «الحكم جاء في تقرير سرِّي مؤقت» تم تعميمه على الدول الأطراف في النزاع، كما أن أستراليا أيضًا لم تُعلق.
ويشترط التشريع الأسترالي الصادر عام 2011، أن تكون جميع السجائر المَبيعة في البلاد في علب بلون بنيّ غامق للغلاف الخارجي وأبيض في الداخل، ولا تحمل علامة الشركة المُنتِجة، ولا اسمها، ولا تعرف حتى بأنها علبة سجائر باستثناء نص محدد يتم وضعه على العلبة، وعبارات ثابتة تحذر الناس من مخاطر التدخين مع صور مُفزعة لأشخاص يعانون أمراضا سببها التدخين، ويغطي التشريع الأسترالي منتجات التبع كافة وليس السجائر فقط.
وبحسب مصدر في وفد إحدى البعثات التجارية لدى منظمة التجارة، فإن الحكم الذي تم إرجاؤه عدة مرَّات مِن قِبل هيئه تسويه المنازعات، «أعطى الحق أستراليا» ضد هندوراس، والدومينكان، وكوبا، وإندونيسيا، وأنه أيَّد حجة أستراليا بأن قانونها لا ينتهك أي قاعدة للمنظمة، بما في ذلك المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية.
وردًا على سؤال قالت منظمة التجارة «يمكننا أن نؤكد أن التقرير المؤقت السري في نزاع العبوة العادية للسجائر قد عُمم على الأطراف في النزاع على أساس سري في 2 أيار (مايو) الحالي، وبما أن التقرير سري، فإن المنظمه لن تعلق على هذه المسألة».
وسيتم استعراض التقرير المؤقت من قِبل الأطراف المعنية بالنزاع، وستُتاح لهم فرصة تقديم تعليقاتهم، ومن المتوقع أن يتم الإفراج عن التقرير النهائي السري بعد التقرير المؤقت السري وإعلانه، وأشار مصدر في منظمة التجارة إلى أن المنظمة لا تملك إطارًا زمنيًا لإصدار الحكم النهائي.
ورفضت البعثة الأسترالية في جنيف، التي اتصلت بها «الاقتصادية»، التعليق على القرار، ولم يكن سهلا على القضاة الثلاثة في هيئة التحكيم اتخاذ مثل هذا الحكم، إذ قيل إنه وضع منظمة التجارة في موقف سياسي وقانوني غير مريح، خاصة ما يتعلق بشأن التقاطع بين التجارة والصحة العامة، والتقاطع بين قواعد المنظمة والاتفاقية الإطارية المتعلقة بمكافحة التبغ، وتقاطع ثالث يتعلق بحق الدول السيادي في اتخاذ إجراءات لمصلحة الصحة العامة لمواطنيها على الرغم من الإلتزامات التجارية الدولية.
ولم يُسمح لعدة طلبات تقدم بها أعضاء في منظمه التجارة في السنتين الماضيتين بمناقشة التغليف العادي للسجائر في مجلس إتفاقية منظمة التجارة بشأن جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة «مجلس تربس» على أساس أنه موضع نزاع جارٍ أمام هيئة تسوية المنازعات.
بعد ذلك أدخلت عدة بلدان أخرى تشريعات تتعلق بالتغليف العادي مماثلة للتشريع الأسترالي، مثل فرنسا، وإيرلندا، وبريطانيا.
ورفعت الدومينكان وأربع دول أخرى هي أوكرانيا، وهندوراس، وإندونيسيا، وكوبا شكوى قضائية أمام المنظمة ضد التشريع الأسترالي، غير أن أوكرانيا سحبت نفسها من الشكوى العام الماضي.
وهناك دول أخرى تساند الدول المشتكية دون أن تدخل طرفًا في الشكوى، مثل مالاوي، والمكسيك، والفلبين، والولايات المتحدة، التي تضم كافة الشركات الكبرى في صناعة السجائر، غير معنية مباشرة في الشكوى، لكنها احتفظت بحقها للمشاركة كطرف ثالث.
وترى الدول المشتكية أن أحكام علبة السجائر الخالية من العلامة التجارية تجاوز أهداف حماية الصحة العامة، وأنه لا توجد أدلة علمية أثبتت أنها حدَّت من استهلاك التبوغ، وأن مثل هذه العلبة تجعل من السهل جدا على المزورين ومقلدي العلامات التجارية بيع سجائرهم تحت علامات مزورة.
وقالت مالاوي، وهي واحدة من أفقر البلدان في العالم، «إن تبني مثل هذه التشريعات سيضر بقطاع يقدم أكثر من 60 في المائة من إيراداته من العملات الأجنبية لميزانيات الحكومات»، مستشهدة بإحصائية لمنظمة التجارة نشرتها عام 2010.
وبحسب مالاوي، فإن أحكام منظمة التجارة تدعو الدول الأعضاء إلى الأخذ بعين لاعتبار متطلبات التنمية الخاصة بالدول النامية والأقل نموا في المجالات المالية والتجارية، وتجنب إيجاد العقبات التجارية غير الضرورية أمام البلدان الفقيرة.
ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان مجلس تربس سيعاود بحث هذا الموضوع خاصة أن الحكم قد يدفع بلدانًا أخرى لتبني التشريعات المتعلقة بالتغليف العادي. ومن غير الواضح أيضًا ما إذا كان الحكم سيؤثر في مجالات أخرى من غير التبغ، مثل صناعة الأغذية والمشروبات، حيث تحتج الدول المشتكية أنه إذا كان دافع التشريع حماية الصحة العامة، ينبغي أيضًا تطبيق أحكامه على المشروبات الكحولية، وأي مُنتج غذائي يُعتبر ضارًا على الصحة.
وعمومًا، فإن هناك دول تقول إن مثل هذه الإجراءات ضد السجائر تفرض قيودًا غير عادلة على استخدام العلامات التجارية، والعلامات التجارية الجغرافية، وهي تنتهك أحكام منظمة التجارة المتعلقة بحماية العلامات التجارية، واتفاقية العوائق الفنية للتجارة، والمادة 20 من اتفاقية «تربس» التي تمنع الدول من «حرمان صاحب العلامة التجارية من استخدام علامته، أو إعاقتها بإجراءات معينة، أو تحريفها، أو استخدامها مع علامة تجارية أخرى.
تقرير سري في منظمة التجارة يدعم أستراليا في نزاع التبغ
Related Posts
لجنة مكافحة الفساد المستقلة تقرر “بالإجماع” عدم التحقيق في خطة إعادة تطوير روزهيل
أسعار البنزين خلال فترة عيد الميلاد