عرضت منذ اسبوعين ما شاهدته الراهبة الالمانية آن كاترين آميريتش (1774 – 1803) للاحداث التي وقعت خلال الايام الممتدة بين وفاة المسيح على الصليب وحتى قيامته.
واذكر القراء ان الراهبة آميريتش كانت تنتقل بالروح وتتواجد فعلياً في الاحداث، منذ التكوين وحتى ما بعد صعود العذراء مريم الى السماء. وكانت احياناً تنقل معها آثاراً من القديسين، كمعطف مار بطرس وامور اخرى مادية.
ويقول يوحنا الرسول (21 -25) «واشياء اخرى كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة». وبناءً عليه استعرض ما ذكرت آن كاترين آميريتش عن قيامة السيد المسيح من الموت في الجزء الرابع من كتاب «حياة السيد المسيح». وجاء فيه ما يلي:
«ورأيت روح المسيح المقدسة تتقدم بروعة باهرة، محاطاً بملاكين من المحاربين، وتحيط به جماعات غفيرة براقة، نازلاً نحو القبر من سقفه الصخري وتحل الروح في الجسد المقدس وتذوب فيه من خلال جرح القلب. ورأيت الحياة تعود مجدداً الى جسد المسيح الملفوف بالأكفان، فيستقيم يسوع من ناحية جرح القلب. وذكرني هذا المشهد بحواء التي اخذت من ضلع آدم.
وتذكرت ما ورد في العهد القديم انه من ذرية حواء سيأتي من يسحق رأس الأفعى…؟؟ وتحوّل القبر الى شعلة مضيئة بأنوار المجد.
ورأيت الرب يعوم بمجد عظيم عبر الصخر. وقام ملاكان يرتديان لباساً حربياً باطلاق اضواء كالبرق وازاحا الصخرة عن باب القبر وجلس احدهما عليها. وحدثت هزة ارضية، فسقط الجنود الذين يحرسون القبر ارضاً وبقيوا مدة دون حراك. وحده رئيس الحرس شاهد هذه الامور العجائبية والعظمة التي احاطت بالقبر، وازاحة الصخرة من قبل الملائكة، لكنه لم ير قيامة يسوع وخروجه من القبر.
< يسوع يظهر للعذراء مريم اولاً.
وتذكر الراهبة آميريتش ان ملاكاً ظهر للعذراء مريم وطلب اليها الذهاب الى جبل الجلجلة. فاطاعت مريم اوامره بصمت ولم تخبر النساء رفيقاتها.
ورأت آميريتش يسوع يظهر اولاً للعذراء مريم هناك، في المكان الذي صلب عليه. وبدا مشعاً وتجلى لها بجمال ومجد عظيمين. وكان يرتدي معطفاً ابيض مشعاً بأضواء سماوية. وتراءت جراحة لها كبيرة ومضيئة خرجت منها الأنوار.
وهمت العذراء بالسجود امامه، لكنه ابقاها واقفة وقال لها بعذوبة مطلقة، امي… امي…
واذكر هنا انها المرة الاولى التي يدعو فيها يسوع العذراء امه. في عرس قانا الجليل، قال لها مالي ولك يا امرأة، وعلى الصليب قال ليوحنا هذه امك ولمريم قال هذا ابنك .
ربما اراد المسيح ان يؤكد على دور العذراء في المشروع الخلاصي. فهي امه الممجدة بعد قيامته المجيدة من الموت ومنحه الخلاص للجميع.
وتتابع الراهبة آميريتش وتقول: ورأيت ارواح الآباء الاولين ينحنون امام العذراء المقدسة. فآراها يسوع جراحه. فسجدت مرة اخرى لتقبل قدميه، لكنه رفعها ثم اختفى عن الانظار.
وعادت العذراء من حيث اتت ولم تخبر احداً بما عاينت.
< المسيح يظهر للمجدلية:
وتذكر الراهبة كما ورد في الاناجيل ان النسوة كن يستعدن للذهاب الى القبر بعد نهار السبت. وانطلق النسوة حاملات الطيوب وهن يتساءلن «ترى من يدحرج لنا حجر الباب. ؟ واملت النسوة ان احد التلاميذ قد يصل ويقوم بهذه المهمة.
وبدت مريم المجدلية غير مبالية بالمخاطرة تسير مسرعة نحو القبر. وعبرت المجدلية بين الجنود الممددين ارضاً ترافقها «سلومة» وهي امرأة ثرية ابتاعت الطيوب مع المجدلية.
ورأت المجدلية القبر مفتوحاً واطلت فلم تجد جسد المسيح. وكان ملاكان جالسان الاول من جهة الرأس والآخر من ناحية قدمي يسوع كما يصور تابوت العهد لكن المجدلية ظنت انهما حارسين او من عمال المدافن. ورأت الأكفان مطوية وموضوعة على حجر القبر حيث كان المسيح مُجثى. وظنت ان احداً سرق جثة المسيح. فقال احد الملائكة ان المسيح لم يعد هنا… انه قام من الموت. لكن المجدلية لم تنتبه لهذا الكلام. وخرجت مسرعة وهي تردد: لقد سرقوا جثة المسيح. اطلت سلومة من بوابة القبر ورأته فارغاً فهرولت مسرعة تلاحق المجدلية.
ولاحقاً وصلت النسوة ايضاً الى القبر ورأت ملاكين بحلة كهنوتية. وقال احد الملائكة للنسوة: لا تخافنّ المسيح المصلوب الذي تطلبونه ليس هنا. لقد قام من الموت. انظرن الى القبر، انه خالٍ. وطلب الملاك الى النسوة العودة واعلام التلاميذ بقيامة الرب يسوع.. وبدت النسوة مرتعبات. وتابع الملاك: قولوا للاخوة ان المسيح سيلتقيهم في الجليل.
في هذا الوقت اسرعت المجدلية لتخبر الأخوة انهم سرقوا جسد الرب. قرعت الباب بعجلة وعصبية فأطلّ يوحنا وبطرس. قالت المجدلية: لقد سرقوا جسد الرب من القبر ولا احد يعلم اين وضعوه. وعادت مسرعة نحو القبر، فتبعها الرسولان يوحنا وبطرس. لكن يوحنا سبقهما.
وكانت المجدلية عائدة وهي تتصبب عرقاً. وشاهدا شخصاً يرتدي لباساً طويلاً ابيض اللون. فخاطبها قائلاً: يا امرأة، لماذا تنتحبين ومن تطلبين؟ فظنت انه احد المزارعين. بدا الرجل اعتيادياً ولم يكن مشعاً كالسابق. فردت المجدلية: ان كنت اخذت جسد المسيح ارجوك اخبرني اين وضعته وانا اعيده الى القبر. وكانت المجدلية مضطربة وتلتفت يمنة ويساراً. فقال لها يسوع عندئذٍ منادياً اياها: مريم… مريم. فعلمت للحال انه يسوع واجابت قائلة «رابوني» اي يا معلم وارتمت ارضاً على ركبتيها ومدت يدها نحو قدميه. لكن يسوع قال لها: لا تلمسيني لأنني لم اصعد بعد الى ابي، لكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم انني صاعد الى ابي وابيكم، الى الهي والهكم.
وعند هذا الكلام اختفى يسوع. وتقول آميريتش انها تساءت حول فحوى هذا الكلام «لا تلمسيني…» فجاءها الجواب من الملاك الذي يرافقها ان المجدلية اعتقدت ان المسيح هو حي كما كان في السابق وان كل الأمور هي كما كانت عليه. ولم تدرك ان تحولاً حدث بعد صلب المسيح. اما بالنسبة لكلام المسيح «انه لم يصعد بعد الى الآب» فعلمت ان المسيح، منذ قيامته لم يقدم نفسه بعد للآب السماوي ولم يشكره لانتصاره على الموت ولقيامته، وان اول ثمرة فرح القيامة هي ملك الله، وكأن المسيح يقول ايضاً للمجدلية انه يجب قبل كل شيء ان يشكر الآب السماوي على سر الخلاص الذي منحه للبشرية بواسطة يسوع وعلى غلبته للموت.
وبعد مشاهدة المسيح اسرعت المجدلية مجدداً نحو القبر وكأنها تريد ان تتأكد انه حقاً فارغ او انها تريد برهاناً آخر على مشاهدة يسوع بعد قيامته. وما ان وصلت الى القبر حتى وصل يوحنا وبطرس واعلمتهما انها رأت المسيح.
وتفقد التلميذان داخل القبر وشاهدا الملاكين. وعلم التلميذان الكلام الذي ردده يسوع قبل صلبه «ان ابن الانسان سيصلب ويموت ويقوم في اليوم الثالث…»
وجمع بطرس ثياب المسيح والكفن ونقله معه الى الأخوة.
قائد الحرس يدلي بشهادته:
من جهة اخرى اسرع قائد الحرس كاسيوس الى بيلاطوس ليقدم له تقريراً عن الاحداث الفائقة الطبيعة التي وقعت حول القبر وعن وقوع هزة ارضية ودحرجة الصخرة عن باب القبر مردداً امام بيلاطوس ان المسيح كان فعلاً الله.
وتمالك الحاكم اعصابه وتحاشى اظهار مشاعر الخوف والقلق وامر كاسيوس بعدم اعلام الكهنة. لكن كاسيوس لم يتعد بذلك، ثم استدعي بيلاطون سائر الحراس واستجوبهم حول حقيقة الأمر. فرووا لهم مشاهداتهم للأمور العجيبة التي حدثت.
ورأت آميريتش هيرودوس يقدم الذبائح للآلهة الرومانيين وكأنه يطلب حمايتهم. كما علمت ان كاسيوس تخلى عن خدمة الامبراطور الروماني والتحق بالتلاميذ واصبح اول مسيحياً غير يهودي، وانه هو من صرخ عند موت المسيح قائلاً: حقاً لقد كان هذا ابن الله.
ورأت الكهنة يعقدون اجتماعاً طارئاً بعد ان شاعت اخبار قيامة المسيحووقع جدال حاد فيما بينم. وقرروا عدم اشاعة نبأ قيامة المسيح من الموت، الامر الذي عارضه حنانيا وسمعان السيريني. وارغم حنانيا على التنحي من مركزه، اما سمعان فقد ذهب الى التلامذة طالباً ان يقبلوه واحداً منهم، واعتمد وتبع المسيح.
وظهر المسيح مرات عديدة على التلامذة كما ورد في الإنجيل. وكان اهمها عندما نظم نيقوديموس عشاءً للأخوة حضرته العذراء مريم والنسوة والعديد من تلامذة المسيح غير الرسل.
خلال هذا العشاء تذكر الراهبة آميريتش ان المسيح ظهر فيما بينهم وكرّس بطرس اسقفاً ويوحنا كاهناً. وللمرة الاولى جرى كسر الخبز واقامة الذبيحة الالهية الاولى في تاريخ الكنيسة.
هذا بعض ما اوردته آميريتش حول رواية قيامة السيد المسيح وانتصاره على الموت ومنحه الحياة للمؤمنين به.
المسيح قام حقاً قام.
قيامة الرب يسوع حسب معاينة الراهبة آن كاترين آميريتش
Related Posts
وباء كورونا والحرب العالمية الثالثة